تحت عنوان "العوائق الاسرائيلية امام الاصلاحات الفلسطينية" يلتئم مؤتمر لندن الدولي اليوم عبر نظام الهاتف المرئي ليربط بين رام اللهولندن، بعد ان نفذت الحكومة الاسرائيلية قرارها عدم السماح للوفد الفلسطيني بالمغادرة للمشاركة فيه، وذلك في تجسيد صارخ للعراقيل التي تضعها اسرائيل للحيلولة دون تنفيذ الاصلاحات الفلسطينية، وايضا في تحد للديبلوماسية الدولية التي بدت عاجزة. جاء ذلك في وقت كشفت مصادر صحافية اسرائيلية ان احد اهداف هذا المؤتمر الدفع باتجاه توفير شروط مواتية لعقد مؤتمر دولي لحل النزاع في الشرق الاوسط على غرار "مؤتمر مدريد". قال رئيس الوفد الفلسطيني الى مؤتمر لندن، وزير الثقافة والاعلام ياسر عبد ربه الذي منعته سلطات الاحتلال الاسرائيلي من السفر الى بريطانيا، ان عقد المؤتمر عبر تقنية الهاتف المرئي ما هو الا "تعبير رمزي للتضامن الدولي مع السلطة الفلسطينية ضد اجراءات التعطيل الاسرائيلية والتي لا تريد تطبيق الاصلاحات الفلسطينية". وأكد ل"الحياة" ان الجانب الفلسطيني سيعرض امام الوفود المشاركة في المؤتمر "تفاصيل العوائق التي تضعها اسرائيل امام مسيرة الاصلاح الفلسطينية من حصار وقتل وتدمير ومنع اجراء الانتخابات واحتلالات متتالية ومتكررة واعاقة عمل السلطة الفلسطينية". وتشارك ثلاث دول عربية هي مصر والسعودية والاردن في هذا المؤتمر، الى جانب اعضاء اللجنة الرباعية الدولية الولاياتالمتحدة ممثلة بمساعد وزير الخارجية وليام بيرنز، والاتحاد الاوروبي ممثلا بمسؤول العلاقات الخارجية فيه خافيير سولانا، وروسيا والامم المتحدة، ويترأسه وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، فيما يترأس الوفد المصري مسؤول جهاز الاستخبارات المصرية عمر سليمان. وعلمت "الحياة" ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، صاحب الدعوة الى عقد هذا المؤتمر، لن يشارك في اعماله وان كان من المقرر ان يلتقي اعضاء الوفد الفلسطيني، وذلك قبل قرار اسرائيل الاخير منعهم من مغادرة الاراضي الفلسطينية. وأولت صحف اسرائيلية اهتماما بمشاركة سليمان في اعمال المؤتمر، مشيرة الى ان القاهرة كانت اعلنت في وقت سابق انها ستتمثل بمستوى منخفض. وكتبت صحيفة "هآرتس" العبرية ان مشاركة سليمان ستعطي دفعة قوية للمؤتمر "خصوصا انه نجح في استكمال مسودة الاتفاق بين حركتي حماس وفتح لوقف العمليات كخطوة اولى لاستئناف المسيرة السلمية". وألمحت المصادر الصحافية الى دوافع رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون لمنع الوفد الفلسطيني من المشاركة في المؤتمر، قائلة ان الحديث يدور عن "خطوة واسعة تحظى بتأييد اميركي سيتوسع المؤتمر في اطارها لخلق شروط ملائمة لانعقاد مؤتمر دولي على غرار مؤتمر مدريد" الذي عقد في اعقاب حرب الخليج الثانية مطلع التسعينات. وذكرت الصحيفة انه كان من المقرر ان يتناول المؤتمر في اعماله اجزاء من "خريطة الطريق" الاميركية لحل النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي والتي كانت اسرائيل طلبت من واشنطن عدم عرضها قبل اجراء الانتخابات التشريعية في الدولة العبرية والمقررة في 28 الجاري. وفي الوقت الذي دعت فيه مصادر في السلطة الفلسطينية الى عدم التعويل على نتائج المؤتمر، خصوصا ان الدولة المضيفة عجزت عن تأمين وصول مدعويها الى المؤتمر، وصف المفوض الفلسطيني في المملكة المتحدة عفيف صافية المؤتمر بأنه "حدث مهم"، وقال في تصريحات ان "رئيس الوزراء البريطاني ارسل بمبادرته ومثابرته رسالة الى الحكومة الاسرائيلية بان ليس لديها حق الفيتو على الديبلوماسية الدولية"، مشيرا الى اهمية دور بريطانيا بصفتها دولة انتداب سابقا وعضو دائم في مجلس الامن. وفي السياق ذاته، قال وزير الحكم المحلي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات ان على اللجنة الرباعية ان ترد على سؤال يتردد على ألسنة العرب من المحيط الى الخليج: "كيف يمكن اقناع شارون بوقف الاستيطان والعدوان ضد الشعب الفلسطيني اذا لم يتمكن من تأمين وصول الوفد الفلسطيني؟". وقال عريقات في تصريحات ان الفلسطينيين قبلوا بالمشاركة في اعمال المؤتمر عبر الهاتف المرئي فقط لكي لا يقول احد انهم يرفضون شيئا، "لكن قبول العالم بهذا الوضع يعتبر تكريسا للاوضاع الاحتلالية على الارض". وكان عريقات دعا في مقال في صحيفة "فايننال تايمز" البريطانية ان التدخل الدولي هو السبيل الوحيد لحل الصراع. وبعدما اشار الى ان الصراع تدهور الى مستوى لم يعد بمقدور احد الطرفين الاعتماد على حسن النية المتبادل، قال: "ان مراقبين موضوعيين من طرف ثالث مطلوبون للمساعدة في ضمان ان يلتزم كل جانب باتفاقاته ويتعاون في حسن نية". واضاف: "يجب على المجتمع الدولي ان يدرك ان الجانبين ليسا متساويين ففي جانب هناك المحتل وفي الجانب الآخر الخاضع للاحتلال. ونحتاج الى مساعدة من اطراف ثالثة لتصحيح الاختلال". وتابع: "لا عذر شرعيا لمواصلة تجنب الحوار السياسي ... ومن المؤسف ان الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تقنع بغياب عملية السلام فهي تعتمد على مثل هذ الغياب من اجل بقائها". الى ذلك، منعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء من مغادرة بلدة ابو ديس والتوجه الى رام الله لرئاسة جلسة للمجلس عقدت امس، وذلك تماشيا مع قرارات المجلس الامني الاسرائيلي المصغر. وقالت مصادر اسرائيلية ان "ابو علاء" لم يتقدم بطلب السماح له بالوصول الى رام الله. ونقل عن ما يسمى منسق اعمال الحكومة الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية قوله انه رغم القرار الوزاري الاسرائيلي بمنع كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية بالتحرك بين المدن الفلسطينية او الى الخارج، فانه سمح لعدد من هؤلاء بالذهاب الى قطاع غزة والى عمان. شورت تتهم شارون ب"تخريب" المؤتمر وفي لندن أ ف ب، اتهمت وزيرة التنمية الدولية البريطانية كلير شورت مساء اول من امس رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون "بتخريب" مؤتمر لندن، وقالت في حديث لمحطة التلفزيون البريطانية الخاصة "آي تي في" ان "مؤتمر بلير يهدف الى مساعدة الفلسطينيين على بناء المؤسسات التي ستشكل بداية لدولة مؤهلة وتخضع لادارة جيدة ... والحكومة الاسرائيلية الحالية خربت المؤتمر بقرارها عدم السماح للقادة الفلسطينيين بالمشاركة فيه"، موضحة انه قرار "لا معنى له". ورأت ان التوتر في الشرق الاوسط ناجم جزئيا عن "شعور بظلم كبير" سببه الغرب. واضافت ان "هناك شعورا بان المنطقة بأسرها تسخر لمصالح الغرب اكثر من الاهتمام بالعدل لشعوبها". واضافت ان "ما يثير غضب الناس هو المعاناة الهائلة للشعب الفلسطيني ... والغضب ناجم عن سوء استخدام الوسائل الموجودة وتغلب دوافع الغرب على مساعدة سكان المنطقة"، معتبرة ان ذلك "يغذي الغضب الذي ينتشر في العالم العربي والاسلامي ويتسع مداه". ورأت ان هناك "فلسطينيين اصلاحيين يريدون تحقيق اصلاحات وعلينا ان نفعل اكثر في هذا الاتجاه". وفي انتقاد مبطن للولايات المتحدة، اشارت شورت المعروفة بصراحتها، الى ان قسما من العالم العربي يأخذ على الولاياتالمتحدة اعتمادها سياسة "الكيل بمكيالين" في علاقاتها مع اسرائيل من جهة والعراق من جهة اخرى. وقالت ان "الناس مرتابون وغاضبون من كون العراق يشكل الاولوية بالنسبة الى الولاياتالمتحدة ولانهم لا يرون اي تحرك يتعلق باسرائيل وفلسطين". واضافت ان "العالم يعتقد كذلك ان هناك سياسة كيل بمكيالين". واضافت: "طبعا ان الولاياتالمتحدة هي الداعم الرئيسي لدولة اسرائيل على صعيد الاسلحة والمساعدات المالية وعلى الصعيد السياسي ... ويبدو انها لم تستغل نفوذها وان كان الرئيس جورج بوش يعرب عن تأييده لحل قائم على قيام دولتين". واكدت في هذا السياق ان "المطلوب افعال وليس هناك الكثير من الافعال".