في السنة الفائتة طلبت المطربة فيروز من زياد الرحباني ان يرافقها في الحفلة التي أحيتها في الجامعة الأميركية - دبي، لكنه لم يلبّ طلبها كعادته حين يتلقى دعوة الى أيّ دولة عربية. فهو لا يشارك إلا في الحفلات التي يرضى عنها موسيقياً والتي يستطيع فيها ان يجمع أكبر عدد من العازفين. غير أنه وافق هذه السنة على السفر الى دبي ليشارك فيروز في حفلتها التي من المتوقّع ان تكون من أهم حفلاتها العربية، نظراً الى الإنتاج الضخم الذي وفّره مهرجان دبي للتسوّق بالتعاون مع الجامعة الأميركية - دبي. وضخامة الإنتاج لن تتيح فقط لزياد الرحباني إحياء حفلة مهمّة تضمّ أغنيات جديدة له وأغنيات رحبانية قديمة أعاد توزيعها على طريقته الحديثة، بل هو سيعمد الى تسجيل الحفلة ليصدرها لاحقاً في أسطوانة جديدة. وعبر هذه المشاركة سيستطيع زياد تخطي مأزقه المادي الذي يحول دوماً دون إنجاز أعماله كما يحلو له ان ينجزها. فالفرقة الموسيقية الأرمنية التي استعان بها مراراً وخصوصاً في مهرجان بيت الدين ستحضر كلها مع آلاتها الغربية وقائدها الذي بات يلم بأسرار زياد الموسيقية. وتبعاً للكلفة الباهظة الناجمة عن دعوة الفرقة الأرمنية التي تضمّ قرابة تسعين عازفاً عمدت ادارة مهرجان دبي للتسوّق الى تنظيم حفلة موسيقية خاصة تحييها الفرقة على هامش حفلة فيروز. الزيارة الأولى التي يقوم بها زياد الرحباني الى دبي وهي الأولى أيضاً خليجياً، بدأت أصداؤها ترتفع هنا وهناك وخصوصاً في أوساط الصحافة الفنية والأوساط الشبابية. وأدركت ادارة المهرجان انّ عليها ان تستغل حماسة الجمهور الشبابي إزاء إطلالة زياد وموسيقاه، فغامرت في إنتاج الحفلة متوقّعة ان تكون من أهم الحفلات التي شهدها المهرجان خلال سنواته الأخيرة. لكنّ الكثيرين من الصحافيين والشباب يشككون - على ما يبدو - في مشاركة زياد ظناً منهم انه سينسحب في اللحظة الأخيرة مثلما فعل في مهرجانات بعلبك مرّة وفي مهرجان بيت الدين أيضاً. ولكن بات من المؤكد ان زياد سيشارك لا طمعاً بما يوفّر مهرجان دبي من مال بل لانجاز حفلة ستكون هي نفسها مادة اسطوانته الجديدة. فالرحباني الإبن غالباً ما يتنازل عن حقوقه المادية في مقابل نجاح العمل موسيقياً وتقنياً. فالانتاج الموسيقي الضخم بات صعباً في بيروت، خصوصاً بعد تراجع بعض المؤسسات القليلة أصلاً التي كان زياد يعمل معها أو بعد سقوطها في فخّ التجارة "الغنائية" والفنية. وكان زياد شرع في وضع اللمسات الاخيرة على ألحانه ومقطوعاته الموسيقية وعلى الصيغ اللحنية الجديدة للأغاني الرحبانية القديمة التي تشبه أغاني اسطوانة "إلى عاصي". في الثالث والعشرين من الجاري ستطلّ فيروز على جمهور إماراتي وخليجي وعربي في مسرح "الجميرة بيتش" وستؤدي أغنيات جديدة يواصل زياد عبرها مشروعه الجديد مع فيروز منطلقاً من قدرات صوتها وطبيعته الراهنة، دامجاً كعادته بين الموسيقى الحديثة وموسيقى الجاز والموسيقى الشرقية ومتعاوناً مع الفرقة الأوركسترالية الأرمنية الضخمة وبعض العازفين اللبنانيين على العود والرقّ والقانون وسواها من الآلات الشرقية. أما فيروز التي تحيي حفلتها الثالثة على التوالي في دبي فتعرف تماماً معنى تلبية دعوة مماثلة. فحفلتاها السابقتان في العامين 2001 و2002 حققتا نجاحاً كبيراً، وحفلة السنة التي تتسع لألفين وخمسمئة مقعد ستكون أشبه بالحدث الفنّي والموسيقي نظراً الى حضور فيروز أولاً ومشاركة زياد ثانياً وضخامة الانتاج التي وفّرت مشاركة الفرقة الأوركسترالية الأرمنية. ومع هذه الحفلة يبدو الفنانون اللبنانيون هم الأوفر حظاً في مهرجان دبي للتسوّق. فالمطربة فيروز تحيي حفلتها الثانية ضمن هذا المهرجان الذي كان شارك فيه منصور الرحباني وأبناؤه في مسرحية "أبو الطيب المتنبي" وكذلك عبدالحليم كركلا في عرضه الراقص "ألف ليلة وليلة" الذي قدّمه السنة الفائتة.