بدأ الرئيس جورج بوش مشاورات مكثفة تشمل المسؤولين في الكونغرس وقادة الدول الكبرى في العالم للتمهيد لهجوم عسكري اميركي على العراق. فيما زار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الدنمارك امس حيث التقى نظيره بوران بيرسون الذي أبلغه رفض بلاده أي هجوم على العراق من دون موافقة الأممالمتحدة. وأعلن ناطق باسم بلير الذي سيلتقي الرئيس الاميركي غداً ان الاجتماع لن يكون "مجلس حرب"، بل سيكون لقاء ديبلوماسياً، وسيركز على فكرة قرار دولي جديد ضد العراق فايننشال تايمز. وأعلنت الصين أمس انها تجري مشاورات مع الولاياتالمتحدة حول العراق، مؤكدة رفضها أي عمل عسكري ضد بغداد. ويستعد الكونغرس للتصويت على قرار يمنح بوش حق استخدام القوة. واشنطن، لندن، استوكهولم - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - طلب بوش من كبار المسؤولين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس الذين استقبلهم أول من امس في البيت الابيض التصويت على قرار يدعم سياسته التي تقضي باللجوء الى القوة لاطلاق يده في استراتيجية القوة ضد العراق. واعلن الرئيس الاميركي انه سيلتقي غداً في كامب ديفيد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وانه سيجري اتصالات هاتفية مع نظرائه الروسي والصيني والفرنسي. وسيلتقي بوش الاثنين في ديترويت ميشيغن رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان قبل ان يلقي كلمة امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في 12 ايلول سبتمبر حول ضرورة التحرك ضد العراق. وقال بوش للصحافيين في ختام لقائه مع مسؤولي الكونغرس ان "صدام حسين يشكل تهديدا جديا للولايات المتحدة والعالم ... وعدم التحرك ضد هذا التهديد الجدي ليس خيار الولاياتالمتحدة". ولقي طلب بوش قبول زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توماس داشل وغيره من مسؤولي الكونغرس. وقال داشل ان التصويت على هذا القرار قد يتم قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية خلال خمسة اسابيع. واوضح المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر بعد ذلك ان تبني هذا القرار قد يتم قبل ان يعد بوش الاجراءات التي يعتزم اتخاذها. وحصل بوش على دعم بلير الذي بدأ اعداد الرأي العام البريطاني لتدخل ضد العراق. لكنه سيواجه صعوبة كبيرة في اقناع روسيا وفرنسا والصين والمانيا والدول العربية المعتدلة بضرورة القضاء على التهديد الذي يمثله صدام حسين واستخدام القوة لتحقيق ذلك في حال الضرورة. ولمح بوش الى انه يعتزم ان يتبع استراتيجية تدريجية ضد العراق لا تتطلب بالضرورة، على الاقل في مرحلة اولى، اللجوء الى القوة العسكرية، موضحاً انه سيعرض على الاممالمتحدة "وسائل التوصل الى احترام صدام حسين التزاماته". وقال: "سأذكر الاممالمتحدة اولا بأن صدام حسين تهرب احد عشر عاما وتدبر أمره لعدم احترام اي اتفاق ماض حول عدم تطوير اسلحة دمار شامل او معاملة شعبه باحترام". وكان فلايشر صرح الثلثاء ان بوش ما زال يؤكد ضرورة عودة مفتشي الاسلحة الى العراق، لكن الرئيس الاميركي أوضح امس ان "المشكلة لا تتعلق بمفتشين بل بإزالة الاسلحة. لقد وعد بعدم التزود بأسلحة للدمار الشامل وسأبحث في وسائل التأكد من ذلك". وكان عدد من اعضاء الكونغرس بينهم جمهوريون طالبوا بمناقشة علنية وواضحة حول وسائل تطويق التهديد العراقي وحذروا البيت الابيض من اي قرار متسرع يتخذ سرا. ويبدو ان البيت الابيض فهم الرسالة. لكن المسؤولين البرلمانيين الذين كانوا في الاجتماع قالوا ان الرئيس الاميركي لم يوضح كيفية التخلص من صدام حسين. وصرح زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس النواب ديك غيبهارت انه "لا يعتقد ان هناك خيارا واحدا فقط في المرحلة الحالية"، معتبرا ان التوضيحات التي سيصدرها بوش الاسبوع المقبل "لن تؤدي بالضرورة الى اللجوء الى القوة". يذكر ان الدورة البرلمانية للكونغرس تنتهي في الخامس من تشرين الاول اكتوبر وربما الاسبوع الذي يلي هذا التاريخ حسب تقدم اعمال البرلمانيين. واكد مسؤولون بريطانيون كبار ان اللقاء الذي سيعقد بين بوش وبلير في كامب ديفيد الولاياتالمتحدة لن يكون "مجلس حرب" بل اجتماعاً ديبلوماسياً. ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مسؤولين ان الاجتماع سيتناول نقطتين محوريتين تهدف الاولى الى معرفة ما اذا كان يتحتم على واشنطنولندن السعي لاقناع مجلس الامن الدولي باصدار قرار جديد يدين نظام صدام حسين. واضاف هؤلاء المسؤولون ان النقطة الثانية تتعلق بمعرفة ما اذا كان يتحتم على بريطانياوالولاياتالمتحدة او في مقدورهما بذل المزيد من الجهود لخفض التوتر بين اسرائيل والفلسطينيين قبل شن اي حملة عسكرية ضد العراق. في بكين، أعلنت الصين أمس انها تجري مشاورات مع الولاياتالمتحدة حول المسالة العراقية، مؤكدة في الوقت نفسه معارضتها لشن اي عملية عسكرية ضد بغداد. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كونغ كوان في تصريحه الصحافي نصف الاسبوعي "ان الولاياتالمتحدة اجرت اتصالات مع الصين في هذا الشأن ويجري الطرفان حاليا مشاورات في ما بينهما". ورفض في المقابل توضيح مضمون المشاورات الجارية. وقال ان "المسألة العراقية تميل الى التفاقم ونحن قلقون"، قبل ان يضيف ان الحل يكمن في "تطبيق شامل وفعال لقرارات" الاممالمتحدة. واعلن ايضا انه ينبغي احترام وحدة الأراضي العراقية وسيادة هذا البلد وأمنه. وكرر القول: "اننا ضد استخدام القوة"، واعتبر انه يجب تسوية المسألة العراقية في اطار الاممالمتحدة. الى ذلك، أكد مصدر في الخارجية السويدية ان زيارة بلير للسويد أتت بعد طلب غير رسمي من بيرسون الذي تربطه صداقة كبيرة ببلير من أجل تقديم دعم بريطاني له في الانتخابات. فالحزب الاشتراكي الحاكم مهدد بأن لا يحظى بأكثرية المقاعد في البرلمان. واكد بيرسون في مؤتمر صحافي ان السويد ضد ضرب العراق من دون قرار واضح من الأممالمتحدة.