حذرت روسيا بأنها قد تستخدم حق النقض الفيتو لتعطيل قرار بضرب العراق، وقال وزير الخارجية ايغور ايفانوف إثر محادثات مع نظيره العراقي ناجي صبري ان هناك "فرصاً كبيرة للتسوية"، مشدداً على أن بغداد "لا تهدد الأمن الأميركي"، لكنه أكد ان عودة المفتشين "لا بديل منها". فيما أشار ناجي صبري الى "ترابط" عودة المفتشين واحترام سيادة العراق، وتحدث عن جهود لتسوية مع ايران. في غضون ذلك بدأ وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعهم مساء امس في جدة بكلمة افتتاحية شديد اللهجة ضد الولاياتالمتحدة القاها وزير الخارجية المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي اشار فيها الى نية الولاياتالمتحدة شن هجوم على العراق واعتبر ان ذلك "سيعمق روح العداء ضدها في البلاد العربية والاسلامية". واضاف "ان الامال التي كنا نتطلع الى تحقيقها بالتعاون مع اصدقائنا التقليديين لم تعد كذلك وبدأ يتضح لنا ان هؤلاء الاصدقاء لم يضعوا اي حساب لنا بل يعملون على دفع الامور الى توسيع دائرة المشكلات في الشرق الاوسط تحقيقاً لنظرياتهم السياسية والاستراتيجية". وفي الوقت نفسه تركت بغداد قضية المفتشين مفتوحة وطرحت حلّها في اطار "تسوية شاملة". واعلن نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز في جوهانسبرغ انه سيجتمع اليوم الثلثاء مع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان، وقال ل "رويترز": "دعونا نحل المشكلة حلاً شاملاً"، موضحاً ان المسائل التي سيبحثها مع أنان تتضمن "العدوان على العراق والتدخل في شؤونه الداخلية والتهديد بالحرب... كل هذه المشاكل يجب ان يتم التطرق اليها بصورة عادلة ومتوازنة, فعندما تنتقي الولاياتالمتحدة مسألة واحدة فقط وتؤكد عليها متجاهلة كل المسائل الاخرى فإن ذلك يكون موقفاً منحازاً وغير مقبول". وجدد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ضرب العراق، معتبراً أن "اللجوء إلى القوة ضد العراق لن يؤدي سوى إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإزكاء التوتر في المنطقة". فيما اعرب نلسون مانديلا، الرئيس السابق لجنوب افريقيا، امس في جوهانسبرغ، عن استيائه من السياسة الاميركية حيال العراق معلناً انه "سيدين بحزم أي هجوم بدون موافقة الاممالمتحدة". وطالبت الصين وبريطانيا العراق بفتح ابوابه امام مفتشي الاممالمتحدة وجددتا دعوتهما الولاياتالمتحدة لاستخدام الديبلوماسية بدلاً من القوة ازاء النظام العراقي. وجاء ذلك اثر لقاء بين رئيس الوزراء الصيني زو رونغجي ونظيره البريطاني توني بلير على هامش قمة الارض في جوهانسبرغ. ناجي صبري وايفانوف وفي مؤتمر صحافي مشترك للوزيرين الروسي والعراقي دعا ايفانوف الى "حل شامل وسريع" يقوم على قرارات مجلس الأمن، وشدد على أن الأسرة الدولية يجب أن تكون لديها "ضمانات" بخلو العراق من أسلحة الدمار الشامل "وهذا يقتضي عودة المفتشين" لكنه يجب أن "يفتح الطريق أمام رفع العقوبات". وسئل ايفانوف إذا كانت بلاده ستستخدم حق النقض الفيتو في حال طرحت الولاياتالمتحدة مشروع قرار في مجلس الأمن لتوفير غطاء دولي للضربة، فقال: "نأمل بأن لا يطرح الموضوع لئلا نضطر الى استخدام هذا الحق". وزاد ان "حلول القوة" ستزيد عملية التسوية تعقيداً و"ستقوض الوضع" في الشرق الأوسط والخليج. وزاد ان موسكو تتابع باهتمام ما يصدر عن واشنطن و"لم تجد أي حجة مقنعة تؤكد ان العراق يشكل خطراً على الأمن القومي للولايات المتحدة". وعلمت "الحياة" من مصدر ديبلوماسي ان الجانب العراقي أبلغ ايفانوف احتمال موافقة بغداد على الاقتراحات الروسية ب"مبادلة" عودة المفتشين بقرار يقضي بتعليق العقوبات ثم رفعها، ولكن الطرفين اتفقا على ارجاء الإعلان عن ذلك ريثما يتصل الروس بالأطراف ذات العلاقة وفي مقدمها واشنطن. ويرى محللون ان ما اعتبر "بوادر طيبة" انعكس في تصريحات الوزير الروسي الذي قال ان محادثاته مع ناجي صبري اثبتت "وجود فرص كبيرة وكافية لايجاد تسوية سياسية". من جانبه لم يستبعد الوزير العراقي الموافقة على عودة المفتشين لكنه قال ان التفتيش جزء من القرار 687 الذي يتضمن ايضاً بنوداً تنص على احترام سيادة العراق وأمنه وتصفية أسلحة الدمار الشامل من كل المنطقة بما في ذلك السلاح النووي الاسرائيلي. ولكن لوحظ ان ناجي صبري لم يتحدث عن "ترابط" بين الموضوعين، بل قال انهما أجزاء من "أجندة" الأممالمتحدة. ورداً على سؤال في شأن ايران تحدث الوزير العراقي بلهجة مختلفة عن الهجوم الذي كان شنه نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان على طهران. وقال ناجي صبري ان الجانبين العراقيوالايراني يبذلان جهوداً لاقامة علاقات حسن جوار وحل كل القضايا المعلقة بينهما. ناجي صبري الى ايران اواخر الشهر وفي بيروت استغرب معاون وزير الخارجية الإيراني الدكتور محمد الصدر تصريحات نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان متمنياً "ألاّ يرتكب المسؤولون العراقيون كما فعلوا في الماضي اخطاء استراتيجية وألاّ يخلقوا مشكلات جديدة للشعب العراقي والمنطقة كافة"، فيما نقل عن وزير الخارجية العراقي ناجي صبري في دمشق انه سيزور ايران في 29 ايلول سبتمبر الجاري للقاء الرئيس السيد محمد خاتمي. وجاءت تصريحات الصدر في بيروت اثناء زيارة رسمية له سلم خلالها الرئيس إميل لحود رسالة من نظيره الإيراني، كما التقى وزير الخارجية محمود حمود، والأمين العام ل"حزب الله" السيد نصر الله. وكان رمضان انتقد ما سماه "الحياد الإيراني" وتحدث عن "اطماع الفرس" قائلاً أنهم "لم يتعاونوا يوماً مع العرب ضد اسرائيل". وقال الصدر إثر لقائه لحود: "إننا لا نأخذ مواقفنا على اساس هذه التصريحات ما قاله رمضان التي ليست لمصلحة احد بل نتخذ مواقفنا على اساس مصلحة كل المنطقة". وإذ كرر الصدر ان ايران ضد الضربة العسكرية للعراق، اعرب عن اعتقاده بأن المسؤولين العراقيين لا يتفهمون حساسية الوضع وتمنى ألا يرتكبوا "كما فعلوا في الماضي، اخطاء استراتيجية ولا يخلقوا مشكلات جديدة للشعب العراقي والمنطقة كافة". وكان المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية في لبنان معن بشور التقى في دمشق وزير الخارجية العراقي ونقل عنه تأكيده ان العلاقة الإيرانية - العراقية "مستمرة وقائمة على قواعد الحوار الهادف حول كل الملفات العالقة والمنطلق من الحرص على علاقات حسن الجوار...". وأكد صبري ان "ما من امر يستطيع وقف العدوان الأميركي على العراق سوى موقف عربي وإسلامي حاسم متفاعل مع الاعتراض العالمي"، وأن بلاده تأخذ "بكل جدية التهديدات الأميركية...".