في الاعوام العشرة الاخيرة تربع مانشستر يونايتد على قمة الكرة الانكليزية بإحرازه بطولة الدوري 7 مرات والكأس المحلية 3 مرات وحصد الانجاز الابرز بغنم لقب دوري أبطال أوروبا ضمن ثلاثية فريدة في موسم 1998-1999، أما الآن فبعد أسوأ بداية له منذ انطلاق منافسات بطولة الدرجة الممتازة في عام 1992 وفشله في إحراز أي لقب الموسم الماضي برز السؤال يطرح نفسه عن إمكان سقوط الامبراطورية التي بناها المدرب الاسكتلندي أليكس فيرغسون على مدار أكثر من 15 عاماً؟ لا شك في أن علامات كثيرة تشير إلى هذا الاتجاه كخسارة مانشستر على أرضه للموسم الثاني على التوالي أمام المغمور بولتون فضلاً عن خسارته أمام الهاوي زاليغيرزغ المجري في الدوري التمهيدي من دوري الابطال. وحصده 8 نقاط من 18 ممكنة في البطولة، في حين لم يسجل أكثر من 6 أهداف في 7 مباريات مقارنة ب22 هدفًا سجلها في الموسم الماضي في المرحلة ذاتها. ويمكن ألا تعني الارقام الكثير، ولكنها تضفي نمطًا معينًا يسلكه الفريق يشير إلى ما هو مقبل وما هو أسوأ، فالترتيب الثالث الموسم الماضي كان الادنى له في فترة عشرة أعوام ورافقه خلو خزانته من أي لقب، وحتى انتصاراته في الموسم الحالي أقل ما يقال عنها أنها غير مقنعة، فالفوز 1-صفر على الصاعد الجديد وست بروميتش ألبيون في بداية الموسم دل على عدم الفاعلية الهجومية، والفوز الاخير على مكابي حيفا في دوري الابطال 5-2 أشار إلى أن الدفاع المدعوم بالدولي ريو فرديناند المنتقل من ليدز في مقابل 470 مليون دولار لا يزال يعاني وتكثر فيه الثغرات التي يستطيع حتى المهاجمون المغمورون استغلالها. إذا كانت هناك نقطة تحول في تاريخ الكرة الانكليزية فإننا نشهد بدايتها، فأسطورة ليفربول في عقد الثمانينات تحطمت ليشغر الفراغ مانشستر في العقد التالي، أما الآن فمع تقهقر الاخير فإن آرسنال صبر وبنى فريقًا قادرًا على احتكار العقد الحالي بتقديمه عروضًا من أجمل ما رأته الكرة الانكليزية وحطم أرقامًا قياسية حتى من دون نجومه المصابين وأبرزهم الفرنسي روبير بيريس والهولندي جيوفاني فان برونكهورست والعائد أخيرًا السويدي فريدي ليونغبرغ. فماذا دهى الشياطين الحمر؟ منذ فوز مانشستر بكأس دوري أبطال أوروبا قبل ثلاثة أعوام لم يضف إلى الفريق ما يدعم قوته، فبعد رحيل الحارس الدنماركي بيتر شمايكل حاول فيرغسون تعويض غيابه بالايطالي ماسيمو تايبي والاسترالي مارك بوسنيتش من دون نجاح وحتى الفرنسي فابيان بارتيز حامت الشكوك حوله والنقد اللاذع أكثر من كلمات الاشادة والتعظيم، ويعزو نقاد كثيرون أحد أسباب إخفاق الموسم الماضي إلى التخلي عن المدافع الهولندي الصلب ياب ستام بطريقة "غير حكيمة" وتعويضه بالفرنسي العجوز لوران بلان. وفي خط الوسط أثرت المشكلات الخاصة لروي كين والحياة الاجتماعية لديفيد بيكهام وإصابات رايان غيغز وبول سكولز فضلاً عن فشل تأقلم النجم الارجنتيني خوان سيباستيان فيرون مع أسلوب لعب الفريق واستغلال موهبته لمصلحة زملائه، وفقدان بعضهم مستواه المعهود، في حين لم يتواجد على مقاعد الاحتياط من يقلل من وقع اخفاق زملائه. وفشل فيرغسون أيضًا في دعم خط هجومه بعد تخليه عن تيدي شيرنغهام ودوايت يورك وأندي كول فلم يعد لديه من خيارات إلا الهولندي رود فان نيستلروي، الذي يظهر في كل مباراة يلعبها وكأنه غريب عن الفريق وليس من طينته. وعلى رغم تألق فان نيستلروي في الموسم الماضي، إلا أن مدرب بولتون سام أولاردايس كان أول من توقع اخفاقه بقوله: "جاء نيستلروي بسمعة كبيرة الموسم الماضي فخشاه المدافعون أما الآن فالجميع يعرف أسلوبه وحدود مهاراته ونقاط ضعفه فلم يعد فاعلاً وربما عالة على فريقه"، بينما كان مفعول المهاجم النروجي أولي غونار سولسكيار كبديل أفضل من لعبه أساسيًا، ولم ينجح الاوروغواياني دييغو فورلان بتسجيل أي هدف في 28 مباراة باستثناء المباراة أمام مكابي حيفا الاسرائيلي من ركلة جزاء. ويأتي فشل النادي في تخريج دفعة من اللاعبين الشباب على غرار بيكهام وغيغز وسكولز سببًا آخر في توقع انهيار إمبراطورية فيرغسون الذي قد يراوده الندم على عدم التقيد بموعد تقاعده المفترض في نهاية الموسم الماضي وتمديد عقده فترة ثلاثة أعوام صاحبها تعديلات جذرية في الجهاز التدريبي بتعيينه البرتغالي كارلوس كيروز مساعدًا له والبرازيلي فرانشيسكو كوليو مدربًا لفئتي الصغار والناشئين ومسؤولاً عن تخريج نجوم المستقبل. من الصعب رؤية مانشستر يونايتد يستعيد لقب بطل الدوري هذا الموسم أو أي لقب آخر، ولكل بداية نهاية وبداية أخرى لفريق آخر يقودها حاليًا آرسنال بقوة.