قتل ما لا يقل عن مئة شخص وأسقطت مروحية لموسكو أمس، في أعنف معركة بين الروس والشيشانيين إثر عملية تسلل قام بها هؤلاء. وذكرت موسكو أن بين القتلى مواطنًا بريطانيًا وآخر تركيًا وعددًا من العرب، فيما كشفت مصادر عسكرية أن المهاجمين كانوا بقيادة روسي اعتنق الاسلام. واتهمت موسكو تبليسي بتقديم تسهيلات للمتسللين بينها "نقلهم جوًا" إلى الحدود، لكن جورجيا لم تعترف سوى بالسماح لهم بالانسحاب إلى أراضيها. تسللت مجموعة شيشانية قدر عددها ب300 عنصر من وادي بانكيسي في جورجيا وعبرت الحدود مع أوسيتيا الشمالية جمهورية تتبع روسيا إداريًا، وأمضت هناك أسبوعين قبل أن تنتقل إلى أنغوشيا لتعبر منها إلى الشيشان بهدف مواصلة الحرب على القوات الروسية. وأكد مصدر في قيادة قوات القوقاز أن تحركات الشيشانيين ونياتهم كانت معروفة سلفًا وأنهم "وقعوا في فخ أعد لهم" في بلدة غالاشكي الانغوشية. واستمرت الاشتباكات بين الطرفين من الساعة الرابعة فجرًا حتى الثانية بعد الظهر، وأعلنت موسكو أن 70 مسلحًا قتلوا فيما فقدت القوات الروسية 12 عنصرًا، وأسقطت مروحية أصيبت بصاروخ محمول على الكتف. ولكن موقع "صوت القوقاز" ذكر أن حصيلة الساعات الاولى فقط للمعركة بلغت 20 قتيلاً من الروس، إضافة إلى عشرات الجرحى وإسقاط مروحية وإطلاق النار على أخرى. وتأكيدًا على خطورة المعركة، تولى الاشراف عليها رئىس هيئة الاركان العامة أناتولي كفاشنين شخصيًا، وشاركت فيها وحدات الجيش ال58 وقوات مظليين. وأكدت القيادة الروسية أن المهاجمين انسحبوا من وسط البلدة وانتشروا في ضواحيها واستخدمت الطائرات والمدفعية لقصفهم. إلا أن مصادر محايدة ذكرت أن الغارات طاولت البلدة وأدت إلى وقوع إصابات بين المدنيين. ويصعب تكوين صورة موضوعية عن النتائج بسبب المعلومات المتناقضة التي تقدمها الاطراف الرسمية الروسية. وذكرت وكالة أنباء "إيتار تاس" الرسمية أن عدد المهاجمين كان في حدود 300 عنصر، ولكن الوكالات الروسية عادت وذكرت أن الرقم لا يتعدى 150 إلى 170، وهو في الحالين يؤكد أن البيانات السابقة عن "تشرذم" الشيشانيين إلى زمر صغيرة، لم تكن دقيقة. وأفادت القيادة العسكرية الروسية أن المجموعة المهاجمة كانت بقيادة رسلان حمزة غيلايف الذي يعد من أبرز القادة الشيشانيين. إلا أن مديرية الاعلام الرئاسي في الكرملين أكدت أن المجموعة قادها فيتالي سميرنوف 25 سنة وهو روسي من سكان شمال الشيشان اعتنق الاسلام وعرف باسم عبدالملك وحارب تحت إمرة القائد العربي "خطاب" الذي لقي مصرعه في وقت سابق. اتهام جورجيا بالتورط وأجمعت المصادر الروسية على اتهام جورجيا بتوفير ممر لعبور المسلحين، بل اإن "إيتار تاس" نسبت إلى مصدر في الاجهزة الامنية قوله إن المقاتلين نقلوا بمروحيات جورجية ودفعوا خمسة آلاف دولار عن كل "رحلة جوية". وفي وقت لاحق، نفت قيادة سلاح الطيران الروسي أن تكون رصدت أي انتهاكات للأجواء الروسية، إلا أن نائب وزير الأمن الجورجي قال إن بلاده لم تمنع الشيشانيين "من العودة إلى الاراضي الروسية التي جاؤوا منها". ورد نائب مدير الديوان الرئاسي الروسي سيرغي ياسترجيمبسكي ببيان غاضب اتهم فيه جورجيا بأنها "تتفاخر بأنها لا تحارب الارهابيين". وقد تكون لمعركة غالاشكي مضاعفات دولية مع أطراف أخرى، إذ أكدت موسكو أن بين المهاجمين القتلى شخصًا يحمل جواز سفر بريطانيًا باسم سكوت هيرويز جون مواليد 1973 ووجدت بالقرب منه كاميرا فيديو وجهاز اتصال عبر الاقمار الصناعية. وفي لندن، أكدت وكالة "فرونتلاين نيوز" أن القتيل كان صحافيًا حرًا يبث مواده عبر هذه الوكالة التي دعت السلطات الروسية إلى تسليم الاشرطة المسجلة إلى ذوي القتيل. وأكدت القيادة العسكرية في بيان صدر صباحًا أن بين القتلى "عددًا كبيرًا من العرب"، لكن قيادة الجيش ال58 أعلنت لاحقًا أن إضافة إلى البريطاني ثمة قتيلاً تركيًا وآخر جورجيًا ولم تتحدث عن عرب. ولم تتضح الجهة التي انسحب نحوها المسلحون ذلك، أن قيادة الجيش الروسي ذكرت أنها حاصرتهم لمنع عودتهم إلى جورجيا أو تسللهم إلى الاراضي الشيشانية، إلا أن مصدرًا عسكريًا قال إن زهاء 50 مسلحًا وصلوا إلى بلدة باموت في غرب الجمهورية الشيشانية. وعلى رغم حديث القيادة الروسية عن "فخ"، فمن الواضح أن موسكو التي تحدثت عن "استعدادات كاملة" لمواجهة المتسللين من جورجيا، اخفقت في وقف تحرك مجموعة تضم بضع مئات من المسلحين عبر الاراضي الروسية لمدة أسبوعين كاملين.