في اليوم الخامس للحصار الاسرائيلي المفروض على مقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله، تكثفت الضغوط لتسليم قائمة بأسماء الموجودين في مقره لكن عرفات رفضها. وعلمت "الحياة" انه تلقى ثلاثة اقتراحات من جهات عربية لتسوية الازمة: إبعاد "المطلوبين" الى غزة، او سجنهم في أريحا، او ان تستضيفهم قطر. وتزامن ذلك مع استمرار تظاهرات التضامن مع الرئيس الفلسطيني، وسط اتساع نطاق الادانة الدولية للحصار، واعلان اللجنة "الرباعية" انها سترسل مبعوثين الى المنطقة. وفيما اعلن البيت الابيض امس ان واشنطن حذرت رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون من ان الحصار "يتعارض" مع جهود تحقيق السلام، وان "الاولوية" بالنسبة الى الرئيس جورج بوش "هي السلام" واجراء اصلاحات جوهرية في المؤسسات الفلسطينية، سعت واشنطن الى تجنب استخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار عربي في مجلس الامن، واستعدت لطرح مشروع "متوازن". في غضون ذلك، طالب الامين العام للامم المتحدة كوفي انان اسرائيل بالكف عن تدمير البنية التحتية للسلطة الفلسطينية وقدرة الوزارات على توفير الحاجات المدنية للفلسطينيين. واقر ب "وجود ازدواجية" في تعاطي المنظمة الدولية مع العراق واسرائيل. وقال رداً على سؤال ل"الحياة" اثناء مؤتمر صحافي امس ان "مسألة الازدواجية بترت الاممالمتحدة ووضعتها في قفص الاتهام لفترة طويلة"، مضيفاً انها "مسألة تشكل للمنظمة الدولية ومجلس الامن معضلة عليها التعاطي معها". وسُجلت اتصالات فلسطينية - إسرائيلية لم تنجح في حلحلة الازمة، اذ أصرت اسرائيل على تسلم قائمة بأسماء الموجودين في المقر، وهو امر رفضه الرئيس الفلسطيني. وكانت الحكومة الاسرائيلية سمحت لكبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات بزيارة عرفات لاطلاعه على نتائج محادثات اجراها مع ضباط إسرائيليين. واعلن عريقات ان عرفات رفض مطلباً اسرائيلياً بتقديم قائمة بأسماء جميع المحاصرين او تسليم "المطلوبين"، و"طالب بتدخل طرف ثالث". ووصف عريقات ما شاهده داخل مقر عرفات، قائلاً: "الدمار كبير، لم نصدق ما رأته اعيننا من دمار كبير". واتفقت ردود الفعل العربية والدولية على ان الوضع داخل مقر عرفات "خطير"، مشددة على ضرورة وقف الحصار فوراً. وبادرت اللجنة الرباعية الى ارسال مبعوثين الى المنطقة في مسعى لانعاش عملية السلام. من جانبه، طالب نائب خادم الحرمين الشريفين الامير عبدالله بن عبدالعزيز في جلسة مجلس الوزراء الدول العربية باتخاذ موقف موحد ازاء العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، كما ناشد المجتمع الدولي التدخل السريع والحاسم لوقف العدوان وارغام اسرائيل على الجلوس الى طاولة المفاوضات. وعقد مجلس الامن جلسة علنية امس، افتتحها انان بكلمة قال فيها ان "النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي لن تتم معالجته عبر التفوق العسكري وحده، او عبر العنف من اي نوع كان"، مضيفا ان "سياسة اساسها اجبار الآخر على الاستسلام هي سياسة مفلسة، فمثل هذه السياسة لم تنجح ولن تؤدي ابداً الى نتائج، ومن شأنها فقط تشجيع الاحباط واضعاف المعتدلين وتقوية المتطرفين". ودان بشدة الهجمات الفلسطينية ضد المدنيين الاسرائيليين ووصفها بانها "مقززة اخلاقياً"، وحضّ الفلسطينيين "خصوصاً قيادات الاحزاب السياسية على التخلي عن هذه الاداة الشريرة من العنف". وشدد على ضرورة المضي في الاصلاحات، لكنه قال ان تنفيذها رهن "بدعمها من حكومة اسرائيل بدلاً من عرقلتها". وانتقد خصوصاً تدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتحديداً "مقر السلطة في رام الله""، مؤكداً ان لا خيار سوى التسوية السياسية. وانتقد اسلوب التدرجية الذي يصر على الامن الكامل كشرط مسبق لتحقيق التقدم على الصعد السياسية والانسانية، وقال: "بكل وضوح هذا الاسلوب فشل". وزاد ان على اسرائيل ان "تفهم انه لن يكون هناك امن دائم من دون تسوية سياسية"، وان على الفلسطينيين ان "يفهموا ان التسوية لن تكون ممكنة من دون امن دائم لاسرائيل". وقال السفير الاميركي جان نغروبنتي ان "اجراءات اسرائيل الاخيرة في المقاطعة لا تساعد في تحقيق نهاية دائمة للعنف او تعزيز عملية الاصلاحات الحيوية. والولاياتالمتحدة اوضحت ذلك للحكومة الاسرائيلية على اعلى المستويات. ومن الضروري ان تنظر اسرائيل بكل عناية في عواقب اجراءاتها وان تتجنب المزيد من الاجراءات التي تصعد التوتر والعنف بدل ان تخفضهما". وتابع: "ان قيام اسرائيل بالمزيد من التدمير لما تبقى من البنية التحتية الامنية والمدنية للسلطة لن يحسن وضع اسرائيل الامني، بل على العكس سيعيد الى الوراء امكانات تنفيذ الاصلاح الضروري لضمان تحسينات حقيقية في الاداء الامني للسلطة، كما انه على الارجح سيؤدي الى عواقب سلبية خطيرة للاستقرار السياسي في الضفة وغزة وبالتالي لامكانات استئناف العملية السياسية". وقال في اشارة الى مشروع القرار العربي ان الولاياتالمتحدة "لن تدعم نصاً منحازاً يفشل في الاعتراف بأن لهذا النزاع طرفين، ويفشل في ادانة الاعمال الارهابية والمجموعات التي تقوم بها ويفشل في المطالبة بتفكيك الشبكات التي تهدد شعوب الشرق الاوسط، عرباً واسرائيليين". وقال مندوب سورية، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن السفير ميخائيل وهبة، إن مشروع القرار العربي الذي حصلت "الحياة" على نصه "يعبر عن القلق البالغ ازاء الأحداث المأسوية والعنيفة التي تلف الساحة الفلسطينية منذ عام 2000 وحتى الآن. ويعيد تأكيد ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك اتفاق جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب. ويطالب إسرائيل بسحب قواتها من المدن الفلسطينية ووقف تهديد المنشآت الرسمية الفلسطينية بما فيها القيادة الفلسطينية". واضاف ان سورية "تدعم مشروع القرار وترى أنه حد أدنى يمكن لجميع أعضاء المجلس التوافق عليه". وتساءل: "هل يفتح مجلسنا نافذة الأمل أمام الشعب الفلسطيني الذي يخضع لحصار جائر ولممارسات لا يمكن قبولها؟". وقال مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة "إن مطالبة الجانب الفلسطيني بالقيام بمهماته في مجال الأمن بعد تدمير قدرات الجهاز الأمني ومطالبته باستكمال الاصلاح وانشاء ديموقراطية ضعيفة في ظل الاحتلال واستمرار القمع، هو أمر سخيف ومستحيل التنفيذ، وهو يوفر عملياً، بقصد أو بدون قصد، غطاء جديداً للسيد شارون وسياساته بينما يلام الجانب الفلسطيني على فشله. فيما يستمر ابتعاد السلام وصعود القوى المتشددة على الجانبين".