القاهرة - "الحياة" - يتبنى صالون الشباب في دورته الحالية الرابعة عشرة في دار الاوبرا المصرية خلال الفترة من 2 أيلول سبتمبر الى 2 تشرين الاول اكتوبر المقبل، موضوع مذبحة جنين كامتداد للدورة الماضية التي اتخذت من "الانتفاضة" عنواناً لها "حتى تظل مشكلة "فلسطينالمحتلة" قضية العرب، يتفاعل معها شباب الحركة التشكيلية المصرية والعربية خصوصاً أن هذه الدورة تشهد للمرة الاولى اشتراك فنانين عرب مع أقرانهم المصريين على قدم المساواة حتى في تحقيق الجوائز". ويبلغ عدد الفنانين الشباب المشاركين 219 فناناً من مصر بأعمال بلغت 274 عملاً، و34 فناناً عربياً من السعودية والعراق والكويت ولبنانوفلسطين وسورية والبحرين والاردن وعُمان ب74 عملاً. "الحياة" التقت عدداً من هؤلاء الشباب الذين تنافسوا في تسع مسابقات، هي التصوير والنحت والحفر والرسم والخزف والتصوير الضوئي والميديا والتجهيز في الفراغ. محمد منيسي - مصري 32 عاماً ويشارك في الصالون للمرة الثالثة عشرة، حصل هذا العام على شهادة لجنة التحكيم عن عمله الذي يحمل عنوان "حلم عروسة من جنين": العمل عبارة عن دمية لعروس يعلوها قرص مستدير من المعدن بنفس حجمها، وتوجد علاقة ترابطية بين الدمية والدائرة التي تمثل حلمها، اضافة الى مجموعة كتابات ونقوش ورسوم وخيالات ثم تمثالين من الخامات المختلفة الى يمين ويسار اللوحة الرئيسية". يقول محمد: "تصورت أن الدمية هي نفسها الطفلة التي كانت موجودة في جنين مكان المذبحة وتصورت انها واحدة من الذين دفنوا وكان حلمها بدلاً من فستان فرح أو فارس يمتطي جواده قنبلة تفجر بها نفسها لتحرير وطنها". ويقول أحمد رفيق نصار - فلسطيني 28 عاماً ويشارك للمرة الثانية في الصالون بعمل عنوانه "لا تعليق": "حلمت بالعمل الذي اشارك به في الصالون وفي شكل خاص "البنطلونات"، وعند التنفيذ وضعت في العمل اغراضاً شخصية كثيرة لعدد من الشهداء منها ملابسهم واحذيتهم وحافظات نقودهم وساعاتهم والرصاص الذي تم تفريغه فيهم، الى جانب اعواد الريحان التي تخرج من هذه الاشياء، دلالة الى أن الشهداء لم يموتوا، هذه الأعواد تستخدم في فلسطين في العُرس، ويُسمع في الخلفية صوت الزغرودة التي تطلقها اي أم يُستشهد ابنها، واعتمدت اللوحة على التضاد من موت وحياة، وحزن وفرح". أما احمد عبد الله علي - مصري 20 عاماً فيشارك للمرة الاولى في الصالون بعمل عنوانه "الشهيد"، يقول: "عملي عبارة عن جثة لشهيد مرفوعة على خشبة الموت وفي الأرض اشواك عبارة عن صاج مدبب وطوب، وتتلخص فكرة العمل في كيفية تضحية الشهيد بروحه متحملاً أقسى أنواع العذاب من أجل ايمانه بقضيته ودينه ووطنه. ورفع الجسد عن الأرض يمثل روحانيات جميلة وانتزاع للجسد من الشوك، وكان الجديد في عملي استخدام الروائح ومع العمل المجهز في الفراغ. والحمد لله أن اعضاء لجنة التحكيم شهدوا أن عملي من أقوى الأعمال في الصالون على رغم أنه لم يحصل على جائزة". ويقول محمد فاروق محمد - اردني 29 عاماً وحصل عمله المشارك "ما وراء الحقيقة" على جائزة الفنانين العرب: "العمل عبارة عن طاولة مفاوضات في كل جانب منها سجادة تشريف مليئة بالصعوبات متمثلة في المسامير حتى لا يصل احد الى الطاولة، وتعكس المرآة تحت الطاولة الواقع الذي لا يريده الناس حيث نرى الديناميت، ما يؤكد أن عملية السلام لا أساس لها وسيتم تدميرها بأيدي الصهاينة. أما اعلى اللوحة فرسمت مجموعة من الايدي المتصافحة للتغطية الاعلامية فقط لا غير". لطيفة معركش - لبنانية 27 عاماً قالت: "مجرد اختيار لوحتي من بين ثلاثة آلاف لوحة للمشاركة في المسابقة شرف كبير لي وليس المهم أن نفوز في الصالون ولكن المهم أن نشارك، وعملي عبارة عن ثلاث لوحات بورتريه قصدت فيها الشهداء، وأجسد الغضب الفلسطيني من دون خوف، وأؤكد من خلالها ان الشهيد لو عاد الى الحياة سيقاتل ليكون شهيداً مرة أخرى، وأن العمليات الفدائية لن تتوقف. ورسمت بورتريهات منها لعروس كانت تستعد ليوم زفافها لكنها استشهدت، وأوضحت أنها تتمنى العودة لا لتزف الى عريسها ولكن لتستشهد ثانية". وتضيف معركش: "أعد الوحيدة التي تشارك من لبنان وهذا الامر حملني مسؤولية كبيرة، كما اعطتني المشاركة في الصالون مقدرة على حب عملي في شكل أكبر، وتأكدت أن الفن له قيمة عالية لا بد من المحافظة عليها بالسهر والتعب والاجتهاد". وتقول مروة محمود قاسم - مصرية 22 عاماً وتشترك بعمل عنوانه "مقبرة جنين": "تحمست كثيراً للموضوع، خصوصاً أن كل أعمالي عن فلسطين، الى جانب انني كنت اتابع احداث جنين ليس فقط من طريق الصحف والتلفزيون ولكن من خلال زوج شقيقتي الفلسطيني الذي يقيم هناك، وكنا نتابع أحداثاً اكثر مأسوية مما نراه ونسمعه، وعملي عبارة عن حجرة مغلقة اشير فيها الى الحياة ونهايتها في فلسطين، وقمت بتصميم ستائر الغرفة من قماش الكفن، ووراء الستائر رسمت صورة مدرسة اطفال وقبراً من رزم الصحف المربوطة بما يعني ان نهاية العالم مجرد كلمات مخنوقة، ووضعت شمعة على شاهد القبر اشارة الى الشهيد الذي يصارع ويصرخ وينفعل، وفي الخلفية صورة توضح المجازر التي تحدث في فلسطين". ويقول الدكتور احمد رفعت القوميسير العام للصالون: "كشفتْ اعمالُ الفنانين الشباب الذين تسابقوا في الصالون عن مشاعر وطاقات هادرة ومساحات من الاحاسيس الكامنة، تعكس ملامح عميقة واعية في شخصية الجيل الجديد، على عكس ما يتصور البعض ويصل به الأمر الى حد الاحكام السلبية السريعة التي تبدو في الغالب انطباعية عن تسرع الشباب واندفاعه غير المحسوب او عدم اكتراثه، حين تبينت حماسة الشباب وحرصهم على الاشتراك في معرض يحمل اسم "جنين الباسلة" تلك المدينة المغتصبة المنتهكة، وتجلت روح فياضة بالتحدي والاصرار والتمرد على الواقع المحبط، وعلى رغم ضراوة الظرف التاريخي وقسوته فان الوعي الذي استقر في وجدان الشباب وعقولهم يبشر بظهور روح التحدي والمواجهة، ويدلل الى أن الارادة لا تزال متقدة في نفوس حماة المستقبل".