تحتضن كبرى قاعات المركز الروسي في الإسكندرية مجموعه مميزة من لوحات الغرافيك لنخبة من الفنانين المصريين في الصالون الأول لفناني الغرافيك الذي أفتتحه عميد السلك القنصلي في الإسكندرية، قنصل عام لبنان نضال يحيى، ورئيس المركز الروسي اندرانيك ارزمانيان وشيخ الفنانين التشكيلين سعيد عبد القادر. شارك في المعرض 43 فناناً مستعرضين فنون الغرافيك وخصائصه المميزة حيث أظهرت التكنيكات الفنية المتطورة والمختلفة علامات وأشكالاً ومواد لا حدود لها وضعت المتلقي في تجربة تشكيلية صعبة اخترقت توقعاته وفرضت عليه التفكير بترحاب والتفاعل بشغف حيث تأخذك العلاقات التشكيلية والتراكمات اللونية الممزوجة بالتدفق الحسي إلى تخوم أبعد من العالم الذي نحياه. وحول احتضان المركز الروسي لفعاليات الصالون الأول أكد رئيس المركز ارزمانيان أن المعرض يوضح العلاقة المشتركة بين الفنانين المصريين والشعب الروسي. وقدمت الفنانة منى البقسماطي لوحة فيها موتيفات مصرية صميمة، ومن خلال الملامس المختلفة التي اقترحتها التقاطعات اللونية لعناصر التشكيل لم تكف المواد الغريبة التي استخدمتها عن اقتراح تقنيات تزيح السطح عن جماليات عالم الغرافيك، وتقول: «التأثير الحقيقي لفنان الغرافيك وتميزه، يكشف عنه مدى قدرته على تسخير أدواته، حيث يقف الفنان حائراً في بعض الأعمال، بين احتمالات الحذف أو الإلغاء أو الإضافة أو الإعادة أو التعديل، وذلك كله عبارة عن عمليات ذهنية تتصارع في الذاكرة، وتتفاعل مع الأدوات، قبل أن تستقر في لوحة تظهر مشروعه الفني والحضاري القائم على فعل الجمال بوصفه مشروع حب وحياة». أما الفنانة إيمان الكاشف فتوضح أنها «لا تعتمد الأسلوب الواقعي بل تسعى دائماً وراء التجريدية وأحياناً التعبيرية واستخدمت الخردة بطريقة جديدة وبتوزيعات لونية عشوائية مزجتها مع حفر اللينو بتصرف». وعن الهدف من عملها تشير إلى أنها تريد أن تقول للناس «أن حرية الإبداع قد تقتلها الأكاديمية فهي تقنن الإبداع وتصهره ضمن قواعد تكبل ذائقة الفنان ولذلك أجد الخروج عن القواعد المألوفة هو الإبداع الحقيقي فاستخدام خامات غير تقليدية ووضعها بشكل غير تقليدي يحرك مخيلة الفنان لاختراع حلول جمالية فيصول ويجول بين حدود اللوحة». من اللوحات اللافتة التي حازت إعجاب كثيرين، اللوحة التي قدمتها هاجر شكري وهي عبارة عن موتيفات فرعونية تسمى الأنشوطة والتي كانت تستخدم في الكتابات وعند الاحتفال بعروس النيل واستخدمت الفنانة تقنية الغرافيك مع الرسم بالزيت كما استطاعت الفنانة بإعطاء إيحاء بقدم لوحتها من خلال استحضار ملمس وشكل ورق البردي القديم كما قامت بحرق الأطراف وتلوينها ومزجت بين خامة التوال وخامة اللينو. وتؤكد هاجر على ثراء الفن الفرعوني بموتيفات مختلفة غير معروفة أو متداولة رغم قيمتها الفنية الرائعة وهي تحتاج أن ينفض عنها الغبار ليظهر إبداعها وروعتها. وشاركت يارا عطا بلوحة عنوانها «تقنيات مستوحاة من واحة سيوه» حيث قدمت معاجلة لونية لبيئة سيوه الصحراوية البدائية الفطرية والتي تمثل - بحسب تعبير الفنانة - روح الأصالة في مصر واستخدمت يارا ألوان التمر بمختلف أنواعه ومراحل نضجه نظراً لما يحمله من قيمة وأهمية لدى سكان هذه المنطقة واستطاعت استخراج إيقاع رصين من مجموعتها اللونية (التمرية) ومن العلاقات المادية بين العناصر التشكيلية التي تزاحمت على سطح اللوحة. وتؤكد يارا أهمية تمسكنا بفطرتنا وعاداتنا مهما كانت بدائية فهي دواعي تميزنا. ويقول منظم الصالون سعيد عبد القادر: «بات في إمكان الفنان العربي الآن الدمج بين متطلبات مستقلة في التعبير وبين إمكانية جماعية لتداول الفن، وحين النظر لتجربة الصالون الأول لفناني الغرافيك نجد امتدادات فنية متفوقة تعتبر الآن من المكاسب المهمة لحساب التجربة الفنية العربية. ولذلك فنحن في حاجة لمزيد من تلك التجارب لإثراء الواقع الفني العربي».