يتجه المصرف المركزي المصري قريباً الى اعداد سوق النقد المحلية لتقبل نظام التعاملات الآجلة وهي العملية التي تحتاج الى مزيد من المهارات في إدارة السيولة المحلية واستخدام ما تسمح به السياسة النقدية من أدوات للمصرف للتحكم في المعروض النقدي من السيولة المتاحة، وهو ما أعلن عنه محافظ المصرف الدكتور محمود ابو العيون في بيان مقتضب قبل أيام من دون ان يشير الى التعاملات الآجلة. سرت مخاوف عدة في الأوساط المالية المصرية في الآونة الأخيرة بسبب سماح السلطات النقدية بتنفيذ "العمليات الآجلة" داخل سوق أوراق المال في وقت ساورت فيه الشكوك تلك الأوساط في شأن مصير اتمام العمل في سوق السندات الحكومية للمتعاملين الرئيسيين الذي كان من المقرر مزاولة النشاط فيها الشهر الجاري، إلا أن ذلك لم يتحقق من دون ان تلتزم الحكومة بإبداء أسباب. وعزا المراقبون في سوق المال أسباب التأخر في الإعلان عن بدء العمل في هذه السوق الى حاجة السلطات الى استكمال تهيئة المناخ الاستثماري. وفي هذا السياق كشف ل"الحياة" مصدر في المصرف المركزي ان اجمالي الرصيد القائم من الأذون والسندات على الخزانة المصرية يصل الى نحو 5،52 بليون جنيه، وهو رصيد لا يمكن المجازفة بالتعامل عليه من دون ان يكون في وسع المصرف التدخل في أي لحظة لمساندة السوق التي يمثل رصيد تعاملاتها قوام الدين العام الداخلي المستحق على الحكومة، لهذا فإن لجوء "المركزي" الى استخدام فائض الودائع قصيرة الاجل لدى المصارف لتوظيفها مقابل سعر محدد للعائد عن كل عملية يعلن عنها هو من قبيل اجراءات التحوط التي يمكن من خلالها تأمين تعاملات سوق السندات الحكومية. وسيكون المصرف المركزي هو المؤهل لاعلان عمليات بيع وشراء أذون الخزانة العامة في إطار ما يعرف بعمليات "الريبو"، وبالتالي فإن اتساع سوق المتعاملين الرئيسيين في هذه الأوراق لا بد أن تقابله قدرة أكبر لدى المصرف على إدارة سوق العرض والطلب في حالات الوفرة والندرة معاً. واضاف المصدر ان أرصدة الودائع التي سيقوم "المركزي" بربطها لآجال محددة ستكون بمثابة عنصر تأمين اضافي للعمليات الآجلة التي تم السماح بإجرائها ما يساعد في ترسيخ الدور الذي يقوم به المصرف في إدارة السيولة المحلية. ومن جهة أخرى لفت الخبير المصرفي ممدوح كرم إلى أهمية الدور الذي ستلعبه الإدارة الجديدة في تخفيف عبء الكلفة الباهظة لفائض الأموال غير الموظفة لدى المصارف، مما قامت بجمعه عن طريق الأوعية الإدخارية المختلفة ولا تتمكن من استخدامه على النحو الأمثل في ظل ظروف الكساد في الاسواق، إذ تصبح العمليات التي سيعلن المركزي مصدراً احتياطياً للتوظيف خصوصا في الآجال القصيرة التي تتماشى مع هيكل الأموال المودعة داخل المصارف، وهو الدور الذي لا تنجح عمليات الاقتراض في ما بين المصارف "الانتربنك" على ضبطه واستيعاب الفوائض بصورة منظمة لا تؤدي الى تعريض سوق التعاملات من هذه النوعية لأية هزات. ولفت الى أن انتشار الأوعية الإدخارية الجديدة ذات اسعار العائد المميزة أدت مع تشبع السوق الى وجود فوائض في حاجة الى التوظيف، بينما تميل المصارف الى الإحجام عن التوسع في الأنشطة الائتمانية خلال هذه الفترة ومن ثم كان ضرورياً العمل على دخول تلك الادارة الجديدة مرحلة التنفيذ، اذ ستساعد في اعطاء صورة حقيقية عن معدلات الفائدة على التعاملات الآجلة تحتاج اليها الجهات التي ستبرم عقود العمليات الآجلة بما في ذلك ما يدخل ضمن نشاط سوق السندات والأذون الحكومية المرتقب ظهورها.