أعلنت "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، التي يتزعمها الدكتور جون قرنق استيلاء قواتها على مدينة توريت ثاني أكبر مدن جنوب البلاد في عملية عسكرية وصفتها ب"حال دفاع كاملة عن النفس"، فيما تتواصل المفاوضات بين قرنق والخرطوم في بلدة مشاكوس الكينية. وفي موازاة ذلك تبدأ المعارضة السودانية اليوم مناقشة ترتيبات الفترة الانتقالية، وعلاقة الدين بالدولة باشراف خبراء أميركيين في العاصمة الاريترية اسمرا. وتمهد هذه المناقشات لاشراك "التجمع الوطن الديموقراطي" المعارض في عملية السلام السودانية في مرحلتها الثالثة والأخيرة في مشاكوس. وأكد الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان في اتصال هاتفي اجرته "الحياة" بنيروبي امس، "التزام الحركة الكامل بما تحقق من انجازات في الجولة الأولى من المفاوضات في تموز يوليو الماضي". واعتبر عرمان "الاستيلاء على توريت أفقد الحكومة كل مكاسبها العسكرية التي حققتها من عمليات صيف العبور العام 1992 وعادت إلى أوضاعها التي كانت عليها عنذ استيلائها على السلطة في عام 1989". وأشار إلى "أن توريت أكبر حامية عسكرية في ولاية شرق الاستوائية وكان يوجد فيها ثمانية آلاف عسكري من القوات الحكومية"، مؤكداً "أن القوات الحكومية لم يبق لها في ولاية الاستوائية سوى مدينة جوبا". وعن تأثير العمليات العسكرية على مفاوضات السلام في مشاكوس، قال عرمان "الاستيلاء على توريت لن يؤثر على التزامنا عملية السلام". وشدد على "حرص الحركة على انجاح جولة المفاوضات الحالية"، وتابع: "نحن ملتزمون التزاماً تاماً لما حققناه من انجازات على طريق السلام في الجولة الأولى، وفي لقاء قرنق مع الرئيس السوداني عمر البشير قرنق في كمبالا، ونسعى الى إنجاح الجولة الحالية". وذكر عرمان "ان القوات الحكومية لازالت تهاجم قواتنا في غرب أعالي النيل في مناطق انتاج النفط، كما نفذت في الأسبوعين الماضيين قصفاً جوياً في بحر الغزال والاستوائية"، معتبراً "الاستيلاء على توريت دفاعاً عن النفس بعدما صدينا الهجوم الحكومي الذي حاول الاستيلاء على منطقة كيالا غرب توريث، كما تعرضنا لهجوم بري في النيل الأزرق في مدل وآخر خارج مدينة بور". وقال: "أبطلنا الهجوم الحكومي الواسع وأخرجناهم من توريث ثم استولينا عليها". "التجمع" المعارض من جهة اخرى، أكد ل"الحياة" أمين التنظيم والادارة في "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض الدكتور شريف حرير "ان ورشة العمل التي تبدأ اليوم باشراف الإدارة الاميركية هي امتداد لورشة عقدت في العاصمة الكينية نيروبي، وكانت تركزت حول فن التفاوض وتقويم بروتوكول مشاكوس وشاركت فيها كل فصائل "التجمع الوطني". ويحرص الاميركيون على بلورة آراء المعارضة في قضايا الفترة الانتقالية وإعداد كوادر "التجمع" لمرحلة بناء السلام. وكان "التجمع" أعد تصوراً عن ترتيبات الفترة الانتقالية. وقال الدكتور حرير "ان النقاش سيتمحور على تصور حكومة انتقالية قومية عريضة تشارك فيها كل القوى السياسية وليس التجمع وحده كما كان مطروحاً في السابق. ويعتبر المراقبون ورش العمل التي تنظمها واشنطن لبناء قدرات عناصر "التجمع الوطني" المعارض تمهيداً لاشراك المعارضة في العملية السلمية التي لا زالت تقتصر على الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها قرنق وسط تكهنات قوية بعقد جولة ثالثة من التفاوض بين الخرطوم وقرنق عقب الجولة الثانية التي تعقد في مشاكوس وتخصص لاقتسام السلطة والثروة، ويتوقع ان تنتهي منتصف ايلول سبتمبر الجاري بتوقيع اتفاق اطار ثاني مواصلة للبروتوكول الأول الذي وقع في العشرين من تموز يوليو الماضي. ويشارك في ورش العمل التي تبدأ اليوم قيادات وممثلي الفصائل المختلفة في "التجمع الوطني الديموقراطي".