بيروت - "الحياة" - غيّب الموت أمس الزميل نبيل خوري، أحد أركان الصحافة العربية واللبنانية، بعد معاناة مع المرض إثر تعرضه لذبحة قلبية قبل سنتين وثلاثة أشهر، أسكتت دماغه، فظل طريح الفراش الى ان سكت قلبه ظهر امس عن عمر امضاه بالكتابة منذ سمع اللبنانيون والعرب صوته للمرة الأولى من اذاعة "صوت أميركا" في 1953. وبغيابه يفتقد الصحافيون والكتاب العرب أحد اكثر وجوه المهنة ظرفاً وعمقاً واحترافاً. من رعيل الذين لمعوا أواخر الخمسينات والستينات من القرن الماضي وشكلوا أعمدتها في السبعينات وازدهرت بهم وازدهروا بها، الى ان حطت به الرحال في باريس ليصدر جريدة "المستقبل"، مجلة اسبوعية العام 1977 من ضمن مطبوعات الصحافة المهاجرة، من الحرب اللبنانية. وعادت "المستقبل" فتوقفت أواخر الثمانينات لتنتقل ملكيتها الى الرئيس رفيق الحريري ليصدرها صحيفة يومية. وشاءت الأقدار ألا يتمكن نبيل خوري من مراجعة آخر كتاب له بعنوان "3000 رأي في 3000 يوم" الذي كانت قد طبعته "دار رياض الريس"، فقد أصابه الحادث الصحي في مطار بيروت عائداً من باريس خصيصاً لتصحيح هذه الطبعة المؤلفة من سلسلة مقالات كان يكتبها في "النهار". وكتب مقدمتها الرئيس الحريري الذي اعتبر خوري صاحب "رأي ثاقب". تنقل نبيل في مواقع صحافية عدة بدأها في رحلة طويلة مع "دار الصياد" عندما كتب في أوقات عزوبيته وفراغه سلسلة روايات بينها: "المصباح الأزرق" 1957 خمس طبعات و"راقصة على الزجاج" 1958 ثلاث طبعات و"الامبراطورة الحزينة" 1959 و"مجتمع بلا رتوش" 1961. كما كتب بالاشتراك مع الزميل الراحل سليم اللوزي سيرة حياة المهرب اللبناني الشهير سامي الخوري 1964.بعد هزيمة 1967 كانت الصدمة كبيرة على إبن القدس التي ولد فيها وظلت في وجدانه وكتاباته، علماً انه حمل الجنسية اللبنانية، وعمل في الاذاعة اللبنانية مديراً للبرامج في عهد الرئيس فؤاد شهاب، وشعر بأن فلسطينه تحتاج الى قلمه فكتب ثلاثة كتب عنها: "حارة النصارى" 1968 و"ثلاثية فلسطين" 1974 "المقالات الغاضبة" 1988 طبعتان. وفي غربته في باريس استبد به الحنين الى بيروت فكتب رواية "الغربتان" عام 1995 واتبعها برواية أخرى، "أوراق الشتاء" ثم "الرقم الصغير" 1995 ثم "ليلة القبض على الصحافي" 1997. وعام 1998 اصدرت له "دار الريّس" كتاباً ضخماً تحت عنوان: "المرافئ القديمة... من دفاتر الصحافة". وهي مجموعة مقالات مختارة كتبها في جريدة "النهار" ومجلة "المستقبل" ومجلة "الحوادث" ومجلة "ياسمين". عمل نبيل في كل مجالات الاعلام، سواء كانت سياسية مثل "الصياد" و"الأنوار" و"الحوادث" و"المستقبل"... أو اجتماعية - فنية مثل "الحسناء"، وهي أول مجلة نسائية يصدرها، و"الشبكة". وقدّم في اذاعة "صوت أميركا" و"إذاعة الشرق" والاذاعة اللبنانية برامج مسلية وممتعة ومثيرة للجدل، اضافة الى تعليقه السياسي العربي والدولي "رأي اليوم" الذي كان له صدى. تميز نبيل خوري بصداقاته مع معظم الزعماء العرب، وبزمالته المتواضعة لكل صحافي، وعاش حياته كلها بحب وشغف قلّ نظيرهما.