أعرب مسؤولون أردنيون عن استيائهم من دعوة أطلقها في عمّان نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان لضرب المصالح الأميركية، فيما قال عراقيون في عمّان ل"الحياة" إن "السلطات الأردنية أعادت من مركزها الحدودي في شرق المملكة مئات من العراقيين في الأيام الماضية". وأشاروا إلى أنهم تلقوا اتصالات من أقاربهم في بغداد ومدن أخرى "تؤكد منعهم من دخول الأردن"، وان "أكثر من نصف الآتين من العراق معرضون لعدم السماح لهم باجتياز الحدود" بين البلدين. وأبلغت مصادر في العاصمة العراقية "الحياة" في عمّان ان "المخاوف المتزايدة من عمل عسكري أميركي وشيك ربما دفعت كثيرين من العراقيين إلى استباق الأحداث، واللجوء المبكر إلى الأردن الذي يعد مكاناً آمناً بالنسبة إليهم". وقالت إن "كثيرين من العراقيين باتوا مقتنعين بأن الضربة المقبلة لن تكون شبيهة بما حصل عام 1998، بسبب تصميم الولاياتالمتحدة على اطاحة النظام هذه المرة، ما يؤدي إلى حال من الفوضى، وتصفية حسابات بين النظام وخصومه". ودعت المصادر الجماعات الدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية العاملة تحت مظلة الأممالمتحدة إلى "التحرك لحماية المواطنين العراقيين، وتأمين الشروط الملائمة لعدم تعرضهم للأذى في العراق، ودعم حقوقهم الإنسانية على أرضهم لئلا يتحولوا لاجئين في دول مجاورة". ويخشى الأردن أن تدفع الضربة الأميركية المحتملة آلافاً من اللاجئين العراقيين إلى أراضيه، ليشكلوا بالتالي ضغطاً متزايداً على بنيته التحتية وأوضاعه الاقتصادية الصعبة. وأكد وزير الاعلام الاردني محمد العدوان أمس ان بلاده لن تسمح بأي تدفق للاجئين الى أراضيها، من العراق أو الاراضي الفلسطينية. وقال في لقاء مع منتدى الصحافة الاجنبية في عمان: "لن نسمح بأي تدفق أو أي تهجير قسري لأي شعب الى أراضينا، سواء كان ذلك من الشرق أو من الغرب، أي من الجانبين العراقي أو الفلسطيني. اننا مصممون على حماية حدودنا وسنتصرف وفق ما تمليه علينا الظروف، مع مراعاة الجوانب الانسانية". وكان العدوان يرد على سؤال في شأن الموقف الذي سيتخذه الاردن في مواجهة تدفق محتمل للاجئين، في حال نفذ هجوم اميركي على العراق. واكد ان عمان تسعى الى ايجاد "توازن" في علاقاتها المتميزة مع كل من العراقوالولاياتالمتحدة، معتبراً ان الاردن "يسير على حبل مشدود". وتابع: "نحاول ان نحافظ على التوازن في العلاقتين، فالعراق دولة شقيقة مجاورة، تربطنا بها مصالح تجارية حيوية وروابط جغرافية، كما اننا متحالفون مع الولاياتالمتحدة ونقيم معها علاقات تجارية وسياسية مهمة". وشدد على محاولة الأردن ايجاد ذلك "التوازن الصعب"، وسعيه الى "لعب دور بناء في مسألة العراق، يهدف الى تجنيب هذا البلد التدخل العسكري". ورأى ان الاردن "يجد نفسه بين اثنين من اكثر النزاعات في العالم سخونة" اي الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي والمسألة العراقية، معرباً عن أمله بأن "يطبق العراق كل قرارات الاممالمتحدة، لئلا تكون هناك ذرائع لشن هجوم عليه". واستدرك: "اذا سمح العراق بعودة المفتشين الدوليين من دون شروط سيكون من الصعب تبرير الهجوم العسكري، وفي المقابل سيتوجب رفع العقوبات اذا لم يثبت امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل". إلى ذلك، يؤيد مسؤولون أردنيون مزيداً من القيود على حركة الآتين من العراق وتحديد أعدادهم، واقتصارها على المرضى والطلاب ورجال الأعمال ومسافري الترانزيت. ويشيرون إلى أن "المملكة تؤوي أكثر من 400 ألف عراقي، وإذا تضاعف الرقم، فإن ثمة مخاوف من ردود فعل عراقية غاضبة في الأردن، لدى بدء العمليات العسكرية الأميركية". وفي هذا الصدد، أعرب المسؤولون عن استيائهم من دعوة طه ياسين رمضان في عمّان أول من أمس "الجماهير العربية إلى ضرب المصالح المادية والإنسانية" للولايات المتحدة في حال مهاجمتها العراق. واعتبروا ان ذلك "يؤجج المشاعر الشعبية ويحرض على تحريك الشارع في الدول المجاورة للعراق، بدلاً من التهدئة في هذه المرحلة والتركيز على الجهود السياسية المبذولة لتفادي الحرب المقبلة". ورصد مراقبون أردنيون مؤشرات إلى توجه أردني باتجاه تحضير الرأي العام في المملكة لاحتمالات الحرب على العراق. وأشاروا إلى تصريحات لرئيس الوزراء علي أبو الراغب قال فيها إن عمان "بذلت كل ما في وسعها للحؤول دون عمل عسكري، لكن القضية في النهاية في يد العراق، وهو أدرى بمصالحه". كما نبهوا إلى أن السلطات الأردنية منعت هذا الأسبوع مهرجاناً تضامنياً مع العراق في مدينة اربد شمال، دعت إليه فعاليات حزبية ونقابية.