فرضت السلطات السويدية تعتيماً على هوية الشاب التونسي المتهم بالتحضير لخطف طائرة "رياناير" كانت متجهة الخميس الماضي من مطار مدينة فستروس السويدية الى برمنغهام وعلى متنها 190 راكباً، إلا ان الشاب كريم شطي 29 عاماً شخصية معروفة في السويد خصوصاً انه مثّل في واحد من اشهر افلام "الأكشن" السويدية. وتشبه حياة كريم شطي التونسي الاصل والسويدي النشأة حياة كثيرين من الشبان الاجانب الذين يقيمون في الغرب. فهو اندفع في بداية مراهقته الى عالم الرياضة ثم الى اغراءات مجتمع الكيف والنساء، اذ كان من رواد المراقص، وسعى الى كسب المال السريع بدخوله عالم المافيا، خصوصاً الصربية منها. ولعل فرصة العمر سنحت لشطي حين اتيح له أن يصبح ممثلاً سينمائياً معروفاً، فشارك عام 1997 مع بعض الشبان الاجانب ذوي الخلفيات الاجرامية في فيلم الاكشن "تسعة مليمتر" الذي نال شهرة واسعة. وأثار رفض شطي آنذاك الحصول على دور رئيسي في الفيلم استغراب المخرج بيتر ليندمارك. وقبل ان يشارك شطي في الفيلم سافر الى مدرسة لتعليم قيادة الطائرات في الولاياتالمتحدة في ساوث كارولينا وتابع دورة دراسية بين ايلول سبتمبر 1996 وحزيران يونيو 1997 ثم عاد الى السويد ليواجه مشاكل جديدة. ففي 26 تموز يوليو من العام نفسه تعارك شطي مع عدد من عناصر المارينز الأميركيين اثناء وجوده في مرقص "تايغر" الشهير في العاصمة استوكهولم وتعرض لضرب مبرح تسبب له بجروح بالغة في الرأس وفي الوجه. وبعد مرور ايام على الحادثة صادف في احد نوادي التمرين أحد عناصر المارينز الذين تعارك معهم، فاستغل الفرصة ليأخذ بالثأر، وانهال عليه بالضرب المبرح وختم العراك برمي دولاب تمرين حديدي زنته 15 كيلوغراماً على بطن الجندي. اعتقل شطي وأمضى حكماً بالسجن لمدة سنة. وقال عدد من زملائه ان "شطي تغير بعد ذلك واصبح يمارس كل واجبات المسلم وأخذ يتردد على المسجد في ستوكهولم"، وابدى رغبته في الهجرة الى اليمن او أحد البلدان الخليجية، وردد مراراً امام زملائه انه يرغب في السفر الى الشيشان للجهاد. ولكنه لم يسافر الى الشيشان بل ادى فريضة الحج بعد احداث 11 ايلول سبتمبر ثم عاد الى السويد. واعتقل شطي أثناء توجهه لحضور احد المؤتمرات الاسلامية في برمنغهام في بريطانيا، واثناء مرور حقيبة يده عبر جهاز الاشعة في المطار في مطار مدينة فستروس حيث كانت طائرة "ريانير" تنتظر ركابها ومن بينهم شطي، ظهر على شاشة المراقبة مسدس من عيار 6,5 ملم، فيه أربع عيارات نارية. وخلال دقائق تحول المطار الى ثكنة عسكرية بعد قدوم عشرات من رجال الامن والاستخبارات تحسباً لعملية ارهابية محتملة. وأعرب ناطق باسم شرطة مدينة فستروس اولف بالم في تصريح الى "الحياة" عن "ارتياح كبير عزز ثقتنا في اجهزة الامن التي قامت بمهمتها بامتياز"، ولم تتأخر الدولة التي يعتقد انها كانت الهدف للمشتبه بخطف الطائرة عن تقديم شكرها الكبير لاجهزة الامن السويدية. اذ أعرب وزير خارجية بريطانيا جاك سترو عن "شكره الكبير وامتنانه للشرطة السويدية التي عملت بامتياز على توقيف هذا الرجل قبل ان يقدم على خطف الطائرة". لكن الطريقة التي عاملت بها الشرطة السويدية ركاب الطائرة من المسلمين أثارت مشاعر السخط لدى هؤلاء، اذ اخرجوا من الطائرة وأخضعوا لعملية استجواب طويلة. وقالت الشابة عبلة محمد علي 23 عاماً التي كانت ضمن المجموعة المسافرة: "وجهت الينا اهانات لأننا مسلمون. قاموا باستجواب مجموعتنا التي كانت مسافرة الى المؤتمر الاسلامي في برمنغهام من دون بقية الركاب". ويخضع شطي حالياً لاستجوابات مستمرة من جانب الاستخبارات السويدية، وهو أنكر في التحقيقات الاولى اي صلة له بالمسدس، الا ان الشرطة تعتقد انه كان يخطط لخطف الطائرة ووجهت اليه التهمة رسمياً. تحولت قضية كريم شطي من اجهزة أمن فستروس الى محكمة مدينة اوبسالا الجامعية 50 كلم شمال ستوكهولم حيث ستتم جلسات استجوابه مطلع الاسبوع المقبل. وفي حال ثبتت نيته القيام بعملية الخطف سيواجه عقوبة سجن تراوح بين اربع سنوات والمؤبد. ونفت الناطقة باسم الاستخبارات السويدية مارغريتا ليندروث ما نسبته "رويترز" الى مصدر في الاستخبارات نفسها بأن شطي كان سيهاجم سفارة اميركية في احدى العواصم الاوروبية ببالطائرة التي يعتقد انه كان سيخطفها، وقالت: "لا صحة لهذه المعلومة لا من قريب ولا من بعيد".