الرياض، واشنطن، سان فرنسيسكو - "الحياة"، أ ب - أعلن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني أمس أن العلاقات بين واشنطنوالرياض متينة وعميقة ومفيدة، بعد ساعات على تأكيد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن "علاقات الصداقة والتحالف بين المملكة والولاياتالمتحدة ممتازة في كل المجالات". وبعدما عكست الصحف السعودية في تعليقاتها أمس غضباً من تقرير الهيئة الاستشارية لوزارة الدفاع الأميركية الذي وصف المملكة بأنها "عدو للولايات المتحدة"، تحرك تشيني لتأكيد عمق الروابط بين البلدين، وقال إن "عمر العلاقات مع السعودية يتجاوز 60 سنة"، مشيراً إلى وجود "اختلافات لكن ذلك لا يعني أن نتجاهل فوائد هذه العلاقة". وحرص على الاشارة إلى أن "السعودية لا علاقة لها بما حصل في 11 أيلول سبتمبر". وكان كبار مسؤولي الادارة الأميركية، وعلى رأسهم وزير الخارجية كولن باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، شددوا على أن تقرير الهيئة الاستشارية لا يعكس الموقف الرسمي الأميركي تجاه السعودية. وتلقى الأمير سعود الفيصل اتصالاً هاتفياً من باول مساء أول امس أكد فيه الأخير أن ما ورد في التقرير لا يعبر عن رأي الادارة على أي مستوى. ونقل الأمير سعود الفيصل أمس عن الوزير الأميركي تأكيده ان ليس هناك "تغيير في العلاقات التاريخية القوية" بين الولاياتالمتحدة والمملكة. ووصف التقرير الذي قدمه لورين موراديك، المحلل السياسي في مؤسسة "راند" الاستشارية العاملة مع البنتاغون الى مجلس سياسات الدفاع الأميركي في العاشر من تموز يوليو الماضي، بأنه "محض خيال"، موضحاً أن باول اتصل به هاتفياً ليؤكد له أن آراء موراديك "لا تمثل آراء الرئيس جورج بوش وحكومته". وأعرب سعود الفيصل عن تقديره لاتصال باول، وقال في تصريح وزعته السفارة السعودية في واشنطن: "لسوء الحظ هناك اشخاص من بعض الدوائر ممن يحاولون اثارة الشكوك وزعزعة العلاقات التاريخية الوطيدة بين بلدينا، وانني واثق بأنهم لن ينجحوا". وهاجمت الصحف السعودية أمس التقرير الاستشاري الاميركي، لكنها أكدت التمسك بعلاقات الصداقة التاريخية بين السعودية والولاياتالمتحدة، والتي تبدو جيدة على المستوى الرسمي. ولم تستبعد أوساط ديبلوماسية عربية في الرياض ان يكون الهدف من تسريب التقرير "من صقور الادارة الاميركية، خصوصاً في وزارة الدفاع" هو الضغط على المملكة بسبب مواقفها في مسألة توجيه ضربة عسكرية اميركية للعراق. وأكد الوزير سعود الفيصل في حديث إلى وكالة "أسوشيتدبرس" أمس أن الرياض أبلغت واشنطن علناً وفي المجالس الخاصة أنها لن تسمح للقوات الأميركية باستخدام أراضي المملكة في أي وجه من الوجوه في الهجوم على العراق. وأضاف: "أبلغناهم أننا لا نريدهم أن يستخدموا الأراضي السعودية .... ونحن ضد أي هجوم على العراق لأننا نعتقد أن لا داعي له، خصوصاً أن العراق يتحرك باتجاه تطبيق قرارات الأممالمتحدة". وزاد: "في ما يخص حكومة العراق وقيادة العراق، أي تغيير يحدث هناك يجب أن يصدر من الشعب العراقي". ونفى أن تكون الحكومة السعودية طلبت من الولاياتالمتحدة نقل قواتها تدريجياً من قاعدة الأمير سلطان الجوية، مشيراً إلى عدم علمه بنقل أي قوات أو تجهيزات أميركية من السعودية. وتابع الأمير سعود الفيصل أن علاقات بلاده مع الولاياتالمتحدة والتي تعود الى 70 سنة لا تزال قوية، كما قبل 11 أيلول سبتمبر، وأضاف: "من جانبنا، ومن المحادثات التي أجريناها داخل الادارة الأميركية... لم نرَ أي تغيير في الموقف تجاه المملكة العربية السعودية". وحمل على مواقف مناهضة ذُكر أنها وردت في محضر اجتماعات الهيئة الاستشارية للبنتاغون، مشيراً إلى أن "هناك أفراداً لديهم آراؤهم عن السعودية، ونحن نعتقد أنها تستند الى تقديرات خاطئة أو محض خيال في أغلب الأحيان. لا نعرف بالضبط ما هي الشكوى. السعودية كانت معروفة بشيمها قبل 11 أيلول، ولا تزال على ما هي عليه بعد 11 أيلول. نحن لم نتغير، لكن بعضهم يريد تفسير أي شيء على أنه خطر، وأن السعودية هي خطر على العالم فقط لمجرد أنها موجودة". وأشار إلى أن المملكة تتعاون مع واشنطن في الحرب على الارهاب في مجالات جمع المعلومات والأمن ومنع تمويل الجماعات الارهابية. ونفى الوزير أن تكون الأموال التي قدمتها السعودية إلى الفلسطينيين في انتفاضتهم ذهبت إلى أطراف غير السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أن لدى المملكة اجراءات لتحديد المتلقين، ومراقبة اللجان التي تسلم المساعدات، في شكل دقيق. وعن اتهامات اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بأن بلاده ترسل أموالاً إلى الاستشهاديين الفلسطينيين تساءل الأمير سعود الفيصل: "مال يذهب الى منفذي العمليات الانتحارية بالقنابل؟ كيف؟ من الذي يعرف مَن هم هؤلاء الانتحاريون حتى يرسل اليهم أموالاً".