أثار التقرير الذي أعده مجلس السياسات الدفاعية الأمريكي ونشرته صحيفة الواشنطن بوست متهما فيه المملكة بمساعدة العناصر الإرهابية ، ردود فعل قوية داخل أركان الإدارة الأمريكية ، إذ شدد البيت الأبيض أمس الأول على العلاقات الوثيقة بين واشنطنوالرياض, في محاولة لتخفيف الأثر الذي تركته وجهة نظر تم التعبير عنها في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ترى في المملكة العربية السعودية عدوا للولايات المتحدة و"حلقة مهمة في الإرهاب الدولي". وقال مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ما كليلان الذي كان يرافق الرئيس جورج بوش في عطلته بمزرعته في كراو فورد بتكساس إن "السعودية بلد صديق وحليف منذ أمد طويل ونقدر كثيرا تعاونها في الحرب ضد الإرهاب". وشدد ماكليلان -كما فعلت وزارتا الخارجية والدفاع في وقت سابق- على أن وجهة النظر التي كشفتها صحيفة واشنطن بوست "لا تعكس أبدا" موقف وزارة الدفاع الأمريكية. تطمينات باول ورامسفيلد وكان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول قد أكد متانة العلاقات التي تربط بلاده بالمملكة ، وذلك في مسعى لتفادي أزمة دبلوماسية. جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه باول مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل مساء أمس الأول ، وأكد له أن الرئيس جورج بوش لا يعتبر المملكة عدوا لأمريكا.. ونفى باول صحة تقارير صحفية تتحدث عن وجود وجهة نظر في الولاياتالمتحدة تدعو إلى اعتبار المملكة عدوا بسبب دعمها لما يسمى بالإرهاب. وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية فيليب ريكر إن باول وصف ذلك التقرير بأنه يعبر عن وجهات نظر خاصة ببعض الأفراد، ولا تعكس رأي الرئيس بوش أو الإدارة الأمريكية. وأضاف ريكر في تصريح صحفي إن الآراء التي يبديها أفراد لا تمثل آراء رئيس الولاياتالمتحدة ولا الحكومة الأمريكية، ووصف العلاقات مع السعودية بأنها "ممتازة" رغم تأكيده وجود خلافات مثل أي علاقة. وقال ريكر إن البلدين يشتركان في "رؤية السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة"، وأشار إلى تعاون السعودية في الحملة الأمريكية ضد ما يسمى بالإرهاب قائلا "نرحب بالخطوات التي اتخذتها المملكة للمساعدة في محاربة مشكلة تمويل الإرهاب". من جانبه سارع وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد إلى مهاجمة تسريب التقارير السرية، وأكد أنها كانت مجرد وجهة نظر ولا تمثل رؤية الحكومة الأمريكية أو مجلس السياسات الدفاعية الاستشاري المكون من كبار المسؤولين الحكوميين السابقين وضباط عسكريين. وقال لموظفين في وزارة الدفاع مساء أمس ردا على أسئلة بشأن تقرير واشنطن بوست "أعتقد أن ذلك أمر غير لائق على الإطلاق من الناحية المهنية، إنه مضر في هذه الحالة لأنه يوجد انطباعا خاطئا". وأضاف رامسفيلد أن وصف السعودية بأنها دولة عدوة للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب لا يعكس موقف الإدارة الأمريكية. ردود فعل وفي هذا السياق قلل الخبير في شؤون الخليج العربي والسعودية الدكتور جون دوك أنتوني من شأن التقرير الذي رفع إلى مجلس السياسة الدفاعية الاستشاري, واعتبر في مقابلة مع الجزيرة أنه قدم لعناصر في الإدارة الأمريكية مهمتهم استشارية لا أكثر. إلا أن الدكتور أنتوني الذي يشغل أيضا منصب رئيس المجلس القومي للعلاقات الأمريكيةالعربية لاحظ أن الجديد في التقرير هو أنه يصنف دولا صديقة سابقة في خانة الأعداء. ووصف عادل الجبير مستشار السياسة الخارجية لسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز في مقابلة صحفية ما أورده التقرير بأنه "محض خيال" وأن محاولات النيل من هذه العلاقة عقيمة وستبوء بالفشل، وقال إن آراء تلك المؤسسة لا تصمد أمام حقيقة أن الرياضوواشنطن "صديقتان منذ أكثر من 60 عاما والعلاقات من قوية إلى أقوى". يذكر أن سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان قد قال معقبا على التقرير إنه لا يأخذ تقرير مجلس السياسات الدفاعية على محمل الجد، وأعرب عن اعتقاده بأنه جهد مضلل "يتسم بالضحالة ويفتقر إلى النزاهة فيما يتعلق بالحقائق". تقرير استشاري وكان المحلل في وزارة الدفاع لورنت موراويتش من هيئة "راند كوربوريشن" وهي هيئة استشارية, أكد في اجتماع عقد لمجلس السياسات الدفاعية في البنتاغون في العاشر من يوليو الماضي أن "السعوديين ناشطون على كل المستويات في السلسلة الإرهابية, على مستوى الكوادر كما على مستوى عناصر القاعدة وعلى مستوى التنظير كما على مستوى التحرك" وفق ما جاء في واشنطن بوست. وقال المحلل نفسه إن "السعودية تساند أعداءنا وتهاجم حلفاءنا وهي بذرة الإرهاب والفاعل الأول والخصم الخطر" في الشرق الأوسط. ودعا واشنطن للضغط على الرياض كي توقف تمويل المؤسسات الأصولية الإسلامية -حسب وصفه- في شتى أنحاء العالم ووقف المشاعر المعادية للولايات المتحدة والمناهضة لإسرائيل داخل السعودية. في الوقت نفسه قالت راند كوربوريشن -وهي مؤسسة بحثية كبيرة- في بيان مقتضب إنها لن تعلق على ما سمته الاتصالات بين محلليها والمسؤولين الأمريكيين. وأضافت "إن الأفراد العاملين في راند كثيرا ما يتبادلون آراء متنوعة مع مسؤولين حكوميين ونحن لا نعلق على هذه الاتصالات، ولا يوجد تقرير صدر حديثا من راند بشأن العلاقات الأمريكية السعودية، ولا يوجد تقرير قيد الإعداد". وكانت صحيفة واشنطن بوست قد أوردت أمس الأول أن مجلسا استشاريا في وزارة الدفاع الأمريكية مؤلفا من مسؤولين سابقين تلقى تقريرا يصف السعودية بأنها دولة في طريقها لأن تصبح عدوا للولايات المتحدة وداعما للإرهاب. وناقش مجلس السياسات الدفاعية في البنتاغون التقرير المقدم من أحد محللي مؤسسة راند كوربوريشن الاستشارية مفادها أن السعودية متورطة في الإرهاب وينبغي اعتبارها عدوا للولايات المتحدة لا حليفا لها. وأشارت إلى أن النصيحة تعكس وجهة نظر آخذة في التوسع داخل إدارة الرئيس جورج بوش. ويضم مجلس السياسات الدفاعية عددا من كبار المسؤولين السابقين مثل نائب الرئيس الأمريكي الأسبق دان كويل ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر ووزيري الدفاع الأسبقين جيمس شليسنجر وهارولد براون، بالإضافة إلى رئيسي مجلس النواب السابقين نيوت جنجريتش وتوماس فولي. وأكدت مصادر تلقي المجلس التقرير، لكنها امتنعت عن إعطاء تفاصيل الاجتماع الذي ناقش السياسات الواجب اتباعها تجاه السعودية. ويرى كاتب التقرير أن واشنطن متساهلة لحد كبير مع حلفائها العرب وعلى رأسهم السعودية، ودعا المسؤولين الأمريكيين إلى استهداف حقول النفط السعودية وأرصدتها المالية في الخارج إذا رفض السعوديون الإذعان للمطالب الأمريكية.