أعاد محققون مغاربة فتح ملفات جرائم ارتُكبت في التسعينات في إطار تحرياتهم في اعتداءات ارتكبها اسلاميون متشددون ينتسبون الى جماعتي "التكفير والهجرة" و"الصراط المستقيم". وافادت التحريات ان اعترافات المتهمين وفي مقدمهم "أمير جماعة التكفير والهجرة" يوسف فكري، سلّطت الاضواء على مقتل افراد من ذوي المتهمين أنفسهم وضمنهم عبدالعزيز فكري عمّ "أمير" الجماعة وشقيقة احد المتهمين. وكشفت التحقيقات المتواصلة في محكمة الدار البيضاء مع تسعة متهمين من الجماعتين المتشددتين كيف عمد "أميرالتكفير والهجرة" الى القصاص من عمه بدعوى "خروجه عن الشريعة الاسلامية وتماديه في السكر"، وكيف استدرجه الى مكان معزول في ضواحي العاصمة الرباط لمحاكمته وذبحه بسلاح ابيض. واشارت التحريات الى ظروف غامضة تحيط بموقف عائلتي الجاني والضحية لدى حدوث الجريمة العام 1998، مما ادى الى نجاح المتهم في الفرار خمس سنوات حتى تاريخ اعتقاله قبل اسابيع في شمال البلاد. وروى مصدر قريب من التحقيقات ان "أمير الجماعة" كشف عمليات اختلاس وسرقة طاولت مصارف وعيادات طبية ظل الغموض يكتنف ملابساتها، وكانت خلفت حال رعب في صفوف المتضررين كون العمليات كانت تتم تحت التهديد بالسلاح الابيض وارتداء المتهمين اقنعة تغطي ملامحهم. وربما زاد من تعذر رصدهم ان المتهمين كانوا باستمرار يغيّرون مواقع نشاطهم كلما كشفت السلطات اعمال خطف واختفاء غامضة كان ضحيتها أشخاص أفتى المتشددون بكفرهم أو ردتهم. ولم يستبعد المصدر ان تكشف التحقيقات اعمال قتل تعود الى اكثر من ست سنوات قُيّدت "ضد مجهول". وأُفيد ان الكثير من "عمليات القتل الوحشية وتقطيع أوصال الضحايا كانت تتم تحت نغمات موسيقى يطلقها ناشطو الجماعة لتفادي سماع صراخ القتلى". وقد تكون هذه واحدة من ابشع صور القتل التي تعرض لها ضحايا على ايدي جماعات متشددة في تاريخ المغرب المعاصر. وأشار المصدر الى احالة المتهمين على القضاء في انتظار اعتقال بقية افراد الجماعتين الفارين وابرزهم المرشد الروحي ل"التكفير والهجرة" بنداوود ضمير. ويوجد تسعة من المتهمين رهن الاعتقال الانفرادي في سجن عكاشة في الدار البيضاء تحت حراسة أمنية مشددة. واشار المصدر الى "حال استنفار" في السجن الذي يعتقل فيه ايضاً أعضاء خلية "القاعدة" في المغرب في زنزانات انفرادية. يشار الى ان المتهمين كانوا ينتسبون في بداية التسعينات الى جماعة "الدعوة والتبيلغ" قبل ان يعمدوا الى تنظيم انفسهم في جماعات اسلامية جديدة تعتمد السرية في العمل واستخدام العنف وسيلة لنشر العقيدة. وبعد حادث 11 ايلول سبتمبر الماضي اعلن هؤلاء دعمهم التام لزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن وانهم في حل من دعم الرباط لواشنطن في حملتها ضد ما يوصف بالارهاب. ولم يزدهم تشديد السلطات الخناق على "المغاربة الافغان" وتفكيك خلايا محتملة لتنظيم "القاعدة" في المغرب سوى اصرارا على مبادئهم، معتبرين مقاضاتهم "امتحاناً ربانياً لن يزيدهم الا اصراراً على معتقداتهم". وأدى كشف هذه الجماعات الى ملاسنات حادة بين صحف الحزب الحاكم الاتحاد الإشتراكي وصحيفة "التجديد" الموالية لحزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل. واتهمت "التجديد" الاسلامية صحيفة "الاحداث المغربية" المستقلة ب"الجنون" لإثارة "تفاصيل القتل التي يتهم المعتقلون بارتكابها، مشيرة الى حملة جهلاء ضد القيم والاخلاق الاسلامية وضد المجتمع المغربي لصده عن تاريخه يُستخدم فيها التضليل والتهويل ضد الحركة الاسلامية". وذهبت الصحيفة الى حد نعت "الاحداث" بأنها "القفاز القذر لبعض قياديي اليسار في فتح جبهة ضد الحركة الاسلامية"، مشيرة الى ان الحكم على الاسلاميين في المغرب "أمر متروك لصناديق الاقتراع". لكن صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" التي يديريها رئيس الوزراء عبدالرحمن اليوسفي اتهمت المعتقلين ب"سفك الدم والتمثيل بالجثث ونهب اموال الضحايا". وتساءلت إن كانت المنابر الاعلامية "اكترت استأجرت شباباً متعصبين قتلوا ضحية رمياً بالحجارة مهللين مكبرين ضد منطق التسامح"، متسائلة إذا كانت الجماعات الاصولية "تخشى ان يستفيق المواطنون على واقع اقتتات المتطرفين الدمويين من طبيعة الخطاب الذي تنتجه في وسائل اعلامها وخطبها".