تعقد قمة الأرض الثالثة في جوهانسبورغ من 26 آب أغسطس إلى 6 أيلول سبتمبر ويحضرها أكثر من مئة رئيس أو مسؤول من مختلف دول العالم وتناقش مجموعة من الموضوعات. وتتفق الآراء، ظاهرياً على الاقل، على بعض تلك الموضوعات، وتختلف سواء بين الدول الغنية والنامية أم حتى بين الدول الغنية نفسها على البعض الآخر. وترتبط معظم موضوعات القمة بمفهوم التنمية المستدامة، مثل النمو الاقتصادي والتنمية الإجتماعية وحماية البيئة. ويشاطر العالم العربي الدول النامية مشكلاتها في البيئة والتنمية المستدامة، ويعاني أيضاً مشكلاته الخاصة التي طالما نوقشت في منتديات إقليمية عدة. الاعلام شريك التنمية والبيئة طريق الإعلاميين العرب إلى جوهانسبورغ مر عبر أبو ظبي حيث عقد "المنتدى الإقليمي الأول للإعلاميين العرب حول البيئة والتنمية المستدامة" في 24 و25 تموز يوليو. وشارك في تنظيمه "هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها" و"الهيئة الإتحادية للبيئة في أبوظبي" و"الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة" و"برنامج الأممالمتحدة للبيئة" و"برنامج الأممالمتحدة الإنمائي". ولم يكن المنتدى عربياً شاملاً، اذ غابت عنه بعض الدول. جاء برنامج المنتدى مكثفاً وعرضت خلاله تجارب بعض المؤسسات الإعلامية، إضافة إلى عرض سريع للإعداد العربي للقمة واستعراض مبادرة أبو ظبي. وخصصت جلسات لعرض سياسات التنمية المستدامة ومشاركة المجتمع المدني والتجارة والمياه. ومن المواضيع التي نوقشت، الإعلام العربي وقمة جوهانسبورغ، وما سمي ب"الإستراتيجية العربية" للإعلام البيئي والتنموي. وهمس زميل أنه يسمع الكلام نفسه في المنتدى منذ العام 1995. ومن المشكلات التي تقف حاجزاً في وجه التنمية المستدامة عربياً، المياه والتصحر والفقر والظروف المناخية وضعف المؤسسات البحثية ونقص الموارد المالية وتردي مستوى الخدمات الصحية والحضرية والأمية وغياب التشريعات...الخ. لكن المشكلة الأولى تكمن في الممارسات الإسرائيلية في المناطق التي تحتلها. اذاً، فإن السلام شرط أساسي، من أجل تحقيق التنمية المستدامة. كما ان هناك معوقات كثيرة في وجه العمل الإعلامي البيئي في العالم العربي. وسمع المنتدى اصواتاً عدة تشكو غياب المعلومات، وخصوصاً الرسمية، أضافة الى الشك في مصداقية بعض تلك المعلومات. وغني عن القول ان الوصول إلى المعلومات أمر صعب في العالم العربي. ثم كان الحديث عن غياب إهتمام المجتمع المدني العربي بأمور البيئة والتنمية في شكل عام. وابرز أهمية تغيير دور الإعلام البيئي العربي. وشدد على تحوله من نقل المعلومات، الى المشاركة في التنمية. وتحدث المشاركون في المنتدى عن غياب التنسيق العربي في شأن أمور البيئة والتنمية. وفي هذا الإطار، عرضت فاطمة الملاح مديرة الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، تقريراً عن التقدم في العالم العربي. ولفتت إلى زيادة دخل الفرد وتطور الخدمات الصحية وخفض مستوى الأمية وزيادة حصة المرأة في التعلم وفرص العمل، إضافة إلى ظهور مؤسسات تنموية وبيئية وسن التشريعات والمساهمة الإيجابية في تنفيذ الإتفاقات الإقليمية والدولية، وغيرها من الأمور. ولاحظ الإعلاميون المتخصصون وممثلو الجمعيات، إن هذا التقدم غير كاف، وان مستوى العمل العربي ما زال ضئيلاً. الطريق الى جوهانسبورغ واقترح الإعلاميون وممثلو الجمعيات البيئية وغير الحكومية صوغ رؤية عربية في قمة جوهانسبورغ تعرض المشكلات التي يعانيها العالم العربي، وتفضح الممارسات الإسرائيلية التي تدمر البنية التحتية الفلسطينية وتؤذي البيئة في العالم العربي. ولفت بعض الحاضرين إلى التلوث الذي يسببه مفاعل ديمونة النووي كمثال للخروقات الإسرائيلية. ولكن الدكتور محمود يوسف الممثل الإقليمي لمكتب غرب آسيا، رأى أنه من الأولى الإنضمام إلى رؤية تجمع الدول النامية، ثم طرح المشكلات العربية. وطالبت توصيات المنتدى ب "ضرورة كشف الممارسات الإسرائيلية ضد الإنسان في الأراضي العربية، وخصوصاً في فلسطين، والتي تقضي بشكل متسارع على مقومات البيئة والتنمية في الأراضي المحتلة، وتعرقل تحقيق الحد الأدنى من التنمية وإبراز أثر الصراعات والإحتلال على التنمية المستدامة وبخاصة التأثيرات الناتجة من الألغام وأسلحة لادمار الشامل". وأوصى المؤتمر بضرورة توفير المعلومات البيئية للإعلاميين، وبلورة خطاب تنموي إعلامي عربي متطور يستند إلى الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والبيئية والسياسية للتنمية المستدامة. ونبهوا الى ضرورة الاهتمام بقمة جوهانسبورغ. وفي الختام كانت التوصية المختصة "ما بعد جوهانسبورغ" ووضع إطار عمل لشراكة الاعلام العربي في التنمية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتوفير بيئة من الديموقراطية تتيح حرية التعبير في القضايا البيئية وتبني مبادرة برنامج الأممالمتحدة للبيئة مكتب غرب آسيا، وتشكيل لجنة استشارية تتكون أمانتها من جامعة الدول العربية الممثلة في الأمانة الفنية لوزراء البيئة العرب وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة مكتب غرب آسيا وهيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها واتحاد الصحافيين العرب. ولم تمنع الفترة القصيرة 3 اسابيع التي فصلت المنتدى عن قمة الارض من الاهتمام بمشكلات الدول النامية ومخاوفها من أطروحات الدول الغنية. والمعلوم ان خلافاً قوياً بين الطرفين برز في لقاء تمهيدي لقمة الارض عقد في بالي- اندونيسيا، بين 27 أيار مايو الماضي و7 حزيران يونيو الماضي. وتركز الخلاف على أمور التجارة، والتمويل والمياه والطاقة اضافة الى الخلاف المزمن على الحد من ملوثات الصناعة وأبخرتها. وكانت قمة الارض الاولى في ريو دي جينيرو - البرازيل ألزمت الدول الصناعية بهذا الامر. وتكرر الالزام في ميثاق "كيوتو"، من دون تحقيق اجراءات ملموسة وعملية في هذا الاتجاه. وثمة خوف أيضاً من ان تؤدي ضغوط الدول الغنية إلى سيطرة أكبر للشركات المتعددة الجنسيات، بدل التوصل إلى حلول للمشكلات التي تؤرق الفقراء والأغنياء أيضاً.