أصيلة المغرب - "الحياة" افتتح وزير الخارجيّة المغربي محمد بن عيسى، أوّل من أمس، الدورة الرابعة والعشرين من "موسم أصيلة الثقافي"، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وبحضور حشد من السياسيين والاعلاميين والمثقفين المغاربة والعرب. وبعدما استعاد في كلمته تاريخ هذا الموسم الحافل بالمحطّات والإنجازات، ذكّر بن عيسى، وهو أيضاً عمدة المدينة وأحد أبرز مؤسسي هذا المهرجان المميّز مغاربياً وعربياً وافريقياً، كيف كانت تلك "المدينة الصغيرة القابعة على شاطئ المحيط الأطلسي، تئنّ من تآكّل متواصل لبنيتها التحتيّة ومرافقها ومحيطها البيئي"، فإذا بها تصبح اليوم بلدة مزدهرة و"ملتقى لتفاعل الحضارات والثقافات"، و"مختبراً للتجارب الابداعيّة، وحلبة فكريّة تتواجه فوقها شتّى الاتجاهات والتيارات الموجودة على الساحة العربيّة والافريقيّة". وأكّدت عزيزة بناني سفيرة المغرب لدى منظّمة اليونيسكو، رئيسة "جامعة المعتمد بن عبّاد"، أحد أهمّ روافد موسم أصيلة، أن المبادئ والقيم التي شكّلت روح هذا المهرجان، ثابتة لا تتغيّر مع مرور السنين، وقوامها الايمان بالحوار، واحترام التعدديّة، وردّ الاعتبار الى الثقافة كوسيلة أساسيّة من وسائل التنمية. أما شريف الخزندار، رئيس "دار ثقافات العالم" في فرنسا التي تربطها بالموسم علاقة توأمة وشراكة، فلفت إلى أهميّة دور "منتدى أصيلة" في بث روح الحوار والتفاعل والعلاقة بالآخر، في حين يطغى على العالم اليوم منطق الاكراه، وهيمنة الأقوى، وسيطرة الرأي الواحد والنموذج الواحد. والمهرجان الذي سيحتفل العام المقبل بيوبيله الفضّي، تنظّمه مؤسسة "منتدى أصيلة" غير الحكوميّة وذات النفع العام، المنبثقة من "جمعيّة المحيط الثقافيّة". وهو يشكّل موعداً فريداً من نوعه في العالم العربي، لجهة جمعه بين أشكال الفنون كافة، واستقطابه أبرز الأسماء ومختلف الاتجاهات الفكرية، ما جعل "الموسم" يفرض نفسه فضاء للحوار والتفاعل بين المغرب والمشرق، بين الشمال والجنوب، بين العرب والغرب... واليوم، مع اقتراب اليوبيل الفضّي، يتذكّر الرواد الأوائل تلك المغامرة الفكريّة والفنيّة التي انطلقت عام 1978، وحوّلت أصيلة المغربيّة من بلدة منسيّة في الشمال المغربي، إلى عاصمة عربيّة للثقافة والابداع. وحازت مدينة أصيلة مرّتين جائزة آغا خان للعمارة الاسلاميّة، كما أمّها طوال العقدين الماضيين بعض كبار المبدعين والمفكّرين مثل أدونيس ومحمود درويش وجابر عصفور والطيّب صالح، والراحلين لويس عوض وبلند الحيدري وإميل حبيبي... كما عدّت المدينة بين كبار روّادها الراحلين السينغالي ليوبولد سنغور، والبرازيلي جورج أمادو، والكونغولي تشيكايا أوتامسي الذي تمنح جائزة بإسمه للأدب الافريقي. ومعروف أن الفنون التشكيلية والبصريّة تشكّل جانباً أساسياً من موسم أصيلة، من خلال مشاغل الرسم والحفر، والجداريات التي يرسمها فنانون مكرّسون، وآخرون من الشباب، على جدران البيوت التقليديّة في المدينة القديمة التي تحوّلت متحفاً في الهواء الطلق. وأبرز نشاطات هذه السنة ندوة حول أدب الكاتب المغربي محمد شكري. ويحاور عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، أربعة من المفكّرين والاعلاميين العرب في ندوة بعنوان "التعاون العربي - الأوروبي: الرهانات والاكراهات". كما يلتقي عدد من الفنانين والمخرجين وممثلي الفضائيات العربيّة في ندوة "السينما والتلفزيون في العالم العربي: تنافس أم تكامل؟". وتمنح أوّل جائزة للرواية العربيّة، وتحمل اسم الأديب المغربي الراحل محمد زفزاف. ويفرض الراهن السياسي بعد 11 ايلول سبتمبر نفسه من خلال ندوة "أميركا والعالم: أيّة أميركا؟ وأي عالم؟" التي انطلقت أعمالها مساء أمس، بمشاركة مارتين انديك، عطاالله مهاجراني، الحبيب بولعراس، لويس أيالا، منى مكرم عبيد، خالد عليوا، محسن العيني، جابر الأنصاري... اضافة الى الزملاء عبدالرحمن الراشد رئيس تحرير "الشرق الأوسط"، جميل مروه رئيس تحرير "دايلي ستار" وعبدالوهاب بدرخان نائب رئيس تحرير "الحياة". وتشهد ليالي أصيلة سهرات موسيقيّة وغنائيّة لفنانين من مصر والعراق والمغرب واليابان والاكوادور والنمسا.