لأن الحوار السياسي بين المغاربة والجزائريين تعتريه الصعوبات، فان الحوار الثقافي سيظل الأقرب الى تمثّل مهمات المرحلة، لكن "منتدى أصيلة الثقافي" اختار "الموسيقى الاندلسية" عنواناً لهذا الحوار الذي تشارك فيه فعاليات من بلدان اخرى، وبمقدار ما يجسد الاهتمام بالموروث الاندلسي في الموسيقى المغربية والجزائرية حنيناً الى سنوات الانفتاح والغاء الحدود، بمقدار ما يشكّل رصيداً مشتركاً من تراث ارتبط بفترة خصبة من التفاعل الحضاري. لكن موسم أصيلة لهذا العام، الذي يبدأ اليوم في البلدة الصغيرة المرابطة على الساحل الاطلسي شمال البلاد، لن ينشغل بالموسيقى والتشكيل والعروض المسرحية، وانما يستحضر البعد الافريقي للثقافة العربية، كذلك التأثيرات المباشرة للعولمة والتحولات الدولية الراهنة، اضافة الى خطوات انعاش السياحة والفنون في المنطقة. ففي البرنامج الذي أعدّته مؤسسة منتدى أصيلة مجموعة من التظاهرات التي يستضيفها المهرجان هذا العام، وتستمر الى الواحد والعشرين من الشهر الجاري، بتعاون مع دار ثقافات العالم في باريس. دُعي عدد كبير من الكتّاب والمفكّرين من الدول الافريقية لحضور المؤتمر الاول للكتّاب الأفارقة في موضوع "الكتابات الافريقية اليوم وغداً". ويترافق المؤتمر مع تسليم الجائزة التي تحمل اسم الشاعر تشيكايا اوتامسي للشعر الافريقي، في حضور مسؤولين من منظمة اليونسكو وجمعية كتّاب آسيا وافريقيا. ثم تعقد ندوة حول "الفن المعاصر… التحديات والفرص" بمشاركة نقّاد فنيين ومسؤولين في أروقة المعارض من المغرب وبريطانيا والسنغال وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية. وتتخلل ذلك مناقشة الاعمال الفنية للمشاركين في "محترفات أصيلة الفنية"، من المغرب وتونس ومصر والسودان والسنغال وغانا ولبنان وباكستان واليابان وكوريا واسكتلندا والولايات المتحدة وغيرها من الدول. ولا شك ان التظاهرة الاهم تتمثل في ندوة عن العولمة تطاول المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية والامنية، بمشاركة باحثين من البلدان العربية والاوروبية والافريقية وآسيا واميركا. وقد بات مثل هذه الندوات يشكل مناسبة سنوية لحوار اميركي - عربي حول مواضيع سياسية وفكرية. تلي ذلك ندوة "اي مستقبل للموسيقى الاندلسية" بمشاركة باحثين ومختصين في الموسيقى التراثية من المغرب والجزائر وتونس والمانيا وفرنسا واسبانيا والبرتغال. ويشمل الموسم تقديم عروض موسيقية ومسرحية، اضافة الى مبادرة قيام تشكيليين مغاربة بصياغة اعمالهم الفنية على جدران المدينة القديمة التي تتحول الى ما يشبه المعرض الدائم، وتزيد في رونقه امواج البحر وهدوء المدينة الذي لا يحرّكه سوى صخب المزارعين الذين يقدمون من الأرياف بألبستهم التقيليدية للتبضّع في اسواق أصيلة.