أكدت مصادر قريبة الى المفاوضين في عملية السلام السودانية الجارية حالياً في بلدة مشاكوس قرب العاصمة الكينية نيروبي "تباعد المواقف" بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها الدكتور جون قرنق في شأن تحديد الكيان الجنوبي، فيما يقوم الوسطاء بتحركات مكوكية لتجاوز العقبة، معربين عن "التفاؤل والطمأنينة". وذكرت المصادر ان الرئيس الأميركي جورج بوش حذر، عبر مبعوثه الخاص الى السودان السيناتور السابق جون دانفورث، طرفي النزاع من أبعاد "فشل العملية السلمية" وتأكيد "ان مفتاح العلاقات بين واشنطنوالخرطوم هو السلام والتعاون في مجال مكافحة الارهاب". وقالت المصادر ل"الحياة" ان رؤية قرنق في تعريف الكيان الجنوبي الذي يجري فيه الاستفتاء على حق تقرير المصير، بعد الفترة الانتقالية، "مبنية على ربط المناطق التي تدور فيها الحرب مع بعضها بعضا في كيان واحد". ويرى وفد قرنق "وحدة الهوية والمصير والنضال ضد التهميش والظلم" بين هذه المناطق. ويعتبر "ان المسألة هي قضية الحرب لا الحدود الجغرافية". في مقابل ذلك، يشدد الوفد الحكومي على "الحدود الجغرافية المتعارف عليها منذ العام 1956 لتعريف الشمال والجنوب التقليدي". وتضم المناطق التي يتمسك وفد قرنق بضمها الى الكيان الجنوبي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ومنطقة ابيي بين النيل الأبيض وبحر الغزال. لكن المصادر ذاتها تحدثت عن "احتمال تجاوز العقبة عبر الوسطاء الذين يبذلون جهوداً حثيثة لتقريب وجهات النظر، مع توقع تقديم مشروع وسط لإرضاء الطرفين، أو تقديم تنازلات من طرف مقابل تنازلات من الطرف الآخر في قضية أخرى". ويأتي تواصل عملية التفاوض وسط أفكار من الرئيس جورج بوش، نقلها مبعوثه الى السودان جون دانفورث الى طرفي النزاع. ومما قاله دانفورث للمفاوضين انه التقى بوش قبل مغادرته الى نيروبي واستمع الى افكاره، مؤكداً ان بوش "لا يؤمن بخيار فشل العملية السلمية السودانية". ويشدد على "أن الفشل ليس في مصلحة أي طرف من الأطراف". كما يرى بوش ان "السودان سيتحول نموذجاً لحل النزاعات أينما كانت"، رابطاً علاقة واشنطنبالخرطوم بنجاح المفاوضات بقوله: "ان السلام والتعاون في مكافحة الارهاب هي مفاتيح العلاقات بين السودان والولاياتالمتحدة الاميركية". وقال دانفورث ان بوش يعرف "ان مليوني مواطن سوداني ماتوا بسبب الحرب"، وانه طالب "بالسلام الذي يمنح جميع السودانيين حقوقهم وكرامتهم". ويعتبر المراقبون ان "ما اسماه دانفورث أفكار بوش موجهة للمفاوضين، من أجل التشديد على ضرورة إنجاح العملية السلمية في السودان. يذكر أن الولاياتالمتحدة ترعى المفاوضات السودانية مع بريطانيا والنروج وايطاليا ودول الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف "ايغاد". ويسعى الوسطاء الى انهاء الحرب وتحقيق تسوية سلمية للأزمة من خلال اقتسام السلطة بين قرنق والحكومة السودانية. وفي القاهرة "الحياة"، يلتقي وزير الخارجية المصري السيد احمد ماهر نظيره السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل بعد غد للتشاور في العلاقات بين البلدين، بعد توقيع "بروتوكول مشاكوس" بين الخرطوم و"الحركة الشعبية" في 20 تموز يوليو الماضي. وقالت مصادر الخارجية المصرية ان الوزير السوداني يرأس وفد بلاده الى اجتماعات مجلس الجامعة الذي ينعقد الاربعاء المقبل. وعُلم أن لقاء الوزيرين المصري والسوداني، وهو الاول من نوعه منذ توقيع البروتوكول، سيتناول "تأثير هذا الاتفاق على وحدة الاراضي السودانية وسبل ووسائل تجنب شبح انفصال الجنوب".