أعلن أبناء جبال النوبة في وسط السودان رفضهم الكامل ضمهم الى كيان شمال السودان خلال المرحلة الإنتقالية التي تعقب اتفاق الحكومة مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة الدكتور جون قرنق في مفاوضات السلام الجارية في بلدة مشاكوس الكينية. وفتح "بروتوكول مشاكوس" الذي وقعه الطرفان في 20 تموز يوليو الماضي، الباب امام كل القوميات السودانية للمطالبة بحق تقرير المصير. إذ شدد أبناء النوبة على ضرورة بقائهم في كيان واحد مع "الشعوب المهمشة"، خصوصاً في أقاليم جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وبحر الغزال الاستوائية وأعالي النيل. جاء ذلك في وثيقة سلمها "الحزب القومي السوداني" المعارض الى أمانة السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف "ايغاد" التي ترعى المفاوضات خلال الشهر الجاري عن "بروتوكول مشاكوس"، وحصلت "الحياة" في اسمرا على نسخة منها. وورد في الوثيقة :"إذا كنا نعرب عن تقديرنا أدوار الأطراف والوسطاء في الوصول الى بروتوكول مشاكوس فلا بد من التذكير بأن ما تبقى من مسائل لا يقل أهمية عما تم التوصل اليه، خصوصاً في ما يتعلق بتحديد حدود الشمال والجنوب". ويعتبر مراقبون مهتمون في الشأن السوداني، هذا الموقف يساند "الحركة الشعبية" التي تطالب بضم النوبة وجنوب النيل الأزرق ومنطقة ابيي الى الكيان الجنوبي، ويؤكدون ان موقف أبناء النوبة سيستخدم للضغط على الخرطوم التي تطالب بضم المناطق المعنية الى الشمال على ان يقتصر الاستفتاء على تقرير المصير وحدة أو انفصال على حدود الجنوب التقليدي المعروفة في العام 1956. ويرى ابناء النوبة انه "اذا كان الهدف هو نزع فتيل الحرب واخمادها بين الطرفين المتحاربين، فلا بد من الفصل التام بينهما في المرحلة الانتقالية، وان يُقفل الباب امام فرص الاحتكاك حتى لا يتجدد الاشتباك قبل اكتمال بناء جسور الثقة بينهما". ويؤكدون ان "جميع الأطراف التي حملت السلاح، وان كانت تتمتع بخصوصيتها، إلا ان عوامل وفرص الوحدة والسمات والقواسم المشتركة بينها اكثر بكثير مما يربطها بالشطر الآخر الشمال. وعبرت عن ذلك بوضوح عندما حملت السلاح معاً، ونضالها المشترك وتضامنها ضد هيمنة الطرف الآخر وسيطرته في الشمال". مشيرة الى ان كل الأطراف المعنية "تلتقي في وحدة القضية، اي الصراع ضد الهيمنة الاسلامية - العربية، أو ما يمكن تسميته الهيمنة الشمالية". كما تلتقي في وحدة الأصل والهوية، اذ انها جميعها من أصول افريقية". ويحمل النوبة الشمال مسؤولية "أسباب الصراع في السودان المتمثلة في الهيمنة والسيطرة العرقية والدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية"، ويحذرون من ان أي محاولة لضم المجموعات القومية المهمشة الى الشمال لا تعني سوى تكريس هيمنة الشمال وسيطرته واستمرار المشكلة والصراع". وعبرت وثيقة "القومي السودان" عن "الرفض التام لتجزئة اقليم جبال النوبة وشعبه وباقي الأقاليم والشعوب المهمشة في السودان، والتأكيد للهوية الافريقية لشعوب جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وأعالي النيل الاستوائية وبحر الغزال، ورفض ضمهم الى كيان شمال السودان". وتتمسك ب"ضرورة بقاء اقاليم جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وبحر الغزال الاستوائية واعالي النيل في كيان واحد هو جنوب السودان، أو السودان الافريقي أو السودان الجديد، والذي يمتد حتى خط عرض 13 درجة شمالاً وضمان حق تقرير المصير لكل من شعب جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق". وسلم "الحزب القومي السوداني" وثيقته الى كل من الدول الاعضاء في "ايغاد" والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" والحكومة السودانية و"التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض ومجموعة أصدقاء النوبة ومنظمات المجتمع المدني لجبال النوبة وتحالف أحزاب اتحاد عام جبال النوبة و"الحزب القومي السوداني الحر". وكشفت مصادر في المعارضة السودانية ل"الحياة" تحركات واسعة بين أبناء النوبة في حركة قرنق، وفي "الحزب القومي" ومنظمات طوعية فاعلة في جبال النوبة لضم الجبال الى الكيان الجنوبي، خصوصاً ان "الحركة الشعبية" تسيطر على مناطق واسعة في جبال النوبة بقيادة عبدالعزيز آدم الحلو".