قرأت في عدد "الحياة" رقم 14372 الصادر في 26 تموز يوليو 2002 موضوعاً للسيد حسين المسلاتي في صفحة بريد القراء تحت عنوان "الثورة العالمية العظمى والدولة العظمى" يعظم فيه ليبيا وحاكمها. وكرر اكثر من مرة اسم ليبيا مقروناً بالعظمى، وما من ليبي داخل ليبيا او خارجها الا ويتمنى ان تكون ليبيا "عظمى" على رغم ان "العظمة لله وحده". وأريد ان اسأل السيد المسلاتي وآمل ان يبعث لي اما على صفحات "الحياة" او على عنواني في القاهرة الذي يعرفه وتعرفه استخبارات القذافي جيداً: هل ليبيا عظمى في كثرة الشحاذين الذين اصبح عددهم يزيد على عدد المقتدرين على ظروف العيش داخل بلادهم؟ هل ليبيا عظمى لأنها حوّلت الشعب الليبي الى شعب مهزوم، وقد هاجر جل فئاته الى دول الخليج سعياً وراء لقمة العيش، ناهيك عن بقية الفئات التي باتت تسترزق وانخرطت في اعمال لا تليق بشعب ابي كريم في العواصم الاوروبية؟ هل ليبيا عظمى لتخويفها للشعب الليبي، وما تقارير المنظمات الدولية لحقوق الانسان في السنوات الاخيرة الا دليل على الانتهاكات لأبسط مبادئ حقوق الانسان؟ هل ليبيا عظمى يا سيد المسلاتي لأن ما يزيد على 500 بليون دولار بددت منذ انقلاب ايلول سبتمبر 1969 حتى عام 1999 "وهذا موثق رسمياً؟". وذلك من دون اي نهضة حقيقية في ليبيا من حيث البنى التحتية وقطاعات التعليم والصحة والمواصلات. بل ان هذه القطاعات تشارف على الانهيار بالكامل. هل ليبيا عظمى لأن القائد وضع جميع دخلها في كونتيرات وحاويات داخل الصحراء الليبية؟ ام انها عظمى لما اهدره على ما يسمى بحركات التحرر العالمية، في حقبة السبعينات وما تلاها من اعترافات مخزية بفشل تلك التجمعات التحررية من الوفاء بالتزاماتها؟ ما هي الغاية ومصلحة الليبيين في الصراعات في ارلندا الشمالية ونيكاراغوا، وأوغندا وتشاد وعصابات الجيش الاحمر الياباني والألوية الحمر وغيرها؟ وهل تعلم يا سيد المسلاتي أن متوسط دخل الليبي في السنة لا يتعدى ال1800 دولار وهو بحسب الاحصاءات الدولية من احدى افقر الدول دخلاً، فهل هذا يصح في بلد مثل ليبيا بضخامة الموارد النفطية وقلة عدد السكان. ولا توجد تعددية حزبية لضمان احترام الرأي الآخر، حيث ان "من تحزب خان"، ناهيك عن شعار "لا شعب يأكل من وراء البحار"، إذ وبعد مضي اكثر من ثلاثين عاماً على الثورة العظيمة لا توجد اي صناعات ليبية لسد حاجة الاسواق المحلية وكل شيء يستورد من الخارج "من وراء البحار" ابتداء من الاغذية وانتهاء بالصناعات. يا سيد المسلاتي نحن نتمنى لليبيا ان تكون عظيمة، وان يعم الرخاء والسؤدد وينعم الليبيون بالسعادة والرخاء والرضا والخير، ما من ليبي يكره وطنه ولكننا هاجرنا طلباً للعدل وهرباً من الجور والفوضى التي عمت ليبيا خلال سنوات الثورة العظيمة. نحن خارج ليبيا نعاني مواجع الغربة ونكن لليبيا كل خير. اتقوا الله ايها الناس في ما تقولون او تكتبون على صفحات الاعلام في حق ليبيا وأهلها، وان غداً لنظاره قريب: تمتص من دمها الذئاب وتنحني/ عجفاء تمسح للذئاب مخالب. القاهرة - مصطفى محمد البركي الرئىس السابق للرابطة الليبية