السيد المحرر بعد التحية، أشكر مجهودكم في تناول جوانب القضية الليبية على صفحات "الحياة"، وفي ما يخص ما يتناول هذه المرة بخصوص محاكمة المشتبه بهما في تفجير طائرة "بانام" الأميركية فوق لوكربي في كانون الأول ديسمبر 1988 أود أن أسرد بعض الملاحظات التي تتناول الجانب من القضية الليبية: أولاً، قام القذافي بانقلابه العسكري وأطاح النظام الملكي في أيلول سبتمبر 1969 وأحاطت بذلك الانقلاب الكثير من الشبهات، خصوصاً من قبل أميركا، حيث سارعت بالاعتراف به ثاني يوم الانقلاب، واقنعت حليفتها بريطانيا الاسراع بإجلاء بعض القوات الأميركية من قاعدة الملاحة في طرابلس وقوات بريطانيا من قاعدة العدم في طبرق وتم ذلك بعد عام واحد من الانقلاب حتى تضفي على الانقلابيين صفة الوطنية وتعطي البعد القومي للانقلاب. ثانياً، أمر القذافي شخصياً بتصفية كل من لم يرَ فيه الولاء الشخصي له من رفقاء في الجيش حتى ألغى القذافي في خطاب زواره الشهير كل صور التعددية السياسية تحت شعار "من تحزب خان" وألغيت القوانين وبدأ تطبيق "الثورة الثقافية"، وبدأ قطار الدمار سيره على انجازات ليبيا وصورتها الحقيقية، فألغيت القوانين والدستور وصودرت الحريات ووجهت الصحافة لخدمة الحاكم القائد وشُكلت اللجان الشعبية والثورية لسلب أرزاق الليبيين وحقوقهم وأصبح أنصاف المتعلمين والجهلاء هم على سدة الحكم ولهم الأمر والنهي. وتحولت ليبيا إلى جماهيرية يحكمها الغوغاء فلا يفهم أي مراقب أجنبي أي أنواع الحكم في ليبيا. فالقذافي الذي ينفي عن نفسه صفة الرئيس، إلا أن سلطاته تتعدى سلطة أي رئيس وأي امبراطور وتفوق صلاحيات اللجان الشعبية والثورية تلك صلاحيات أي وزارة في أي بلد كان. ثالثاً، بعد ثلاثين عاماً مضت على حكم القذافي، نجد أن من الصعب أن نرى أي انجازات حقيقية في أي من المجالات الحياتية، إذ أهدرت ثورته ثروة تقدر بما يزيد عن 280 بليون دورلا، في الوقت الذي نرى فيه انهيار البنى التحتية وقطاعات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، ووصل التضخم إلى أكثر من 1000 في المئة. في الوقت الذي اوقفت كل الحوافز والزيادات على الرواتب منذ عام 1977. بل ان المرتبات في قطاعات التعليم والصحة وغيرها تتأخر إلى أربعة أو خمسة شهور، ناهيك عن انتشار وتفشي ظواهر غريبة عن مجتمعنا الليبي منها الرشوة والتسول والسوق السوداء والجريمة المنظمة وتفشي الأمراض، وأضحى ابناء عوائل الشعب الليبي يهاجرون جرياً وراء لقمة العيش الكريمة وهرباً من قمع القذافي وجماعاته وطغيانهم. رابعاً، ان ما يسمى موضوع لوكربي لم يدفع ثمنه سوى أبناء الشعب الليبي وعوائل الضحايا، حين فرض مجلس الأمن حصاراً ليس على النظام الليبي وإنما على الشعب ومنع الرحلات الجوية في الوقت الذي يسافر فيه عناصر النظام وأفراده مستخدمين طائرات الاسعاف الطائرة من طرابس إلى مالطا وذلك لنقلهم ونقل ذويهم جواً إلى أوروبا، في وقت يتكبد فيه أبناء الشعب الليبي مشاق السفر براً من طريق مصر أو تونس. واستغل القذافي هذا الحصار على أكمل وجه، إذ وجده ذريعة لتعليق كل اخفاقاته وفشل سياساته الاقتصادية منذ عام 1969، على رغم ان الحصار ابتدأ فعلياً يوم 17 نيسان ابريل 1992 والحظر على الآتي: 1- الرحلات الجوية من وإلى ليبيا، يستثنى منها الرحلات الناقلة للمرضى ورحلات الحج للأماكن المقدسة. 2- حظر بيع بعض قطع غيار الصناعات التقنية النفطية. 3- تقليص عدد أعضاء البعثات الديبلوماسية الليبية في الخارج. وأخيراً، فإن الزعم بأن النظام الليبي يعاني من الحصار هو مغلوط، لأن ما يعانيه الليبي الآن من تسلط حكم ارهابي واطماع دولية لهو كفيل بحسم الصراع لصالح الشعب الليبي وقضاياه العادلة.