أفاقت رام الله والبيرة على أوامر حظر التجول التي انطلقت من أبواق الدوريات العسكرية الاسرائيلية غداة اغتيال محمد سعدات شقيق الأمين العام ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أحمد سعدات في مدينة البيرة، الذي لم يمنع اغتياله تحديد موعدي اجتماعين أمنيين منفصلين بين مسؤولين فلسطينيين وقادة الجيش الاسرائيلي في قطاع غزةوالضفة الغربية لاستكمال البحث في تفاصيل تنفيذ بنود "اللااتفاق غزة - بيت لحم أولاً"، فيما قالت اسرائيل ان المحطة الثانية في الانسحاب التدريجي ستكون مدينة الخليل المقسمة. جاء هذا في الوقت الذي تعهد فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بمواصلة العمليات العسكرية الاسرائيلية "في كل مكان" بغض النظر عن التفاهمات الأمنية. اكدت مصادر فلسطينية واسرائيلية متطابقة ان اجتماعات أمنية ستعقد مساء الاربعاء أمس بين قائد ما يسمى المنطقة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي الموغ وقائد قوات الأمن الفلسطينية في قطاع غزة اللواء عبدالرزاق المجايدة، بموازاة اجتماع آخر بين قائد "المنطقة الوسطى" موشي كفلينسكي وقائد قوات الأمن الوطني في الضفة الغربية اللواء اسماعيل جبر الحاج اسماعيل في بيت لحم، للبحث في تفاصيل تنفيذ بنود اتفاق "غزة - بيت لحم اولاً" والاستماع لترتيبات الجانب الفلسطيني لنشر قواته في مدينة الخليل التي توقعت مصادر أمنية اسرائيلية ان تنسحب قوات الاحتلال الاسرائيلي من الجزء الذي كان خاضعاً للسلطة الفلسطينية فيها خلال الساعات المقبلة. وقالت مصادر اسرائيلية ان اللواء جبر طلب من الجانب الاسرائيلي اصدار مزيد من التصاريح لأفراد الأمن الفلسطينيين بحمل السلاح في بيت لحم، فيما قالت مصادر فلسطينية في هذه المدينة ان المطالب الفلسطينية شملت ايضاً تخفيف الحصار المفروض على المدينة وباقي المدن التي ستنسحب منها اسرائيل لخلق شعور ايجابي لدى الفلسطينيين يمكنهم من لمس تأثيرات هذه الانسحابات، التي اقتصرت في بيت لحم حتى الآن على سحب "عدد من الآليات وناقلات الجنود من وسط المدينة" بحسب تعبير رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون. ونقل عن المستوطنين اليهود في الخليل الذين لا يتجاوز عددهم اربعمئة مستوطن يعيشون وسط 40 ألف فلسطيني معارضتهم انسحاب الجيش الاسرائيلي من الخليل ومطالبتهم بالإبقاء على احتلال شطري المدينة المقسمة. وقالت مصادر اسرائيلية ان جدلاً نشب بين شارون ووزراء في حكومته من حزبي "مفدال" و"يسرائيل بعليا" اليمينيين المتطرفين حول اتفاق "غزة - بيت لحم أولاً" وان شارون حاول التقليل من أهمية الاتفاق، موضحاً ان "كل ما قمنا به هو تحريك بعض المصفحات من وسط بيت لحم". وقالت المصادر ذاتها ان وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر دافع بدوره عن الاتفاق الذي قال انه ليس "إلا مجموعة من التفاهمات فقط لنعطي الفلسطينيين طوق نجاة ليتمكنوا من مساعدة أنفسهم. كانت المسؤولية الأمنية وما زالت ملقاة على عاتق اسرائيل". وأشار بين اليعيزر الى العملية العسكرية التي نفذها الجيش الاسرائيلي في خان يونس ليل الثلثاء - الاربعاء والتي راح ضحيتها فلسطيني وأصيب أربعة آخرون عندما فجر منزلين فوق رؤوس أصحابهما، ونفى بن اليعيزر وجود طابع "سياسي" لهذا الاتفاق. وقال رئيس حزب "مفدال" ان الاتفاق "يتناقض وخطاب الرئيس الأميركي جورج بوش في ما يتعلق باجراء اتصالات في ظل اطلاق النار". وقال ناتان شارانسكي حزب "يسرائيل بعليا" ان الاتفاق "يعيدنا إلى اوسلو خطوة خطوة". غير ان من المرجح ان ينفذ بعض الوزراء، وخصوصاً من حزب "مفدال" تهديداتهم بالانسحاب من الحكومة الائتلافية. وفي هذه الاثناء، سارعت اسرائيل الى اعادة فرض منع التجول على مدينتي رام الله والبيرة في اعقاب اغتيال محمد سعدات 22 عاماً شقيق الامين العام ل"لجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أحمد سعدات المحتجز في سجون السلطة الفلسطينية في مدينة اريحا تحت اشراف رجال حراسة بريطانيين منذ اربعة اشهر. وكانت قوات الاحتلال عمدت في الايام الاخيرة الى رفع حظر التجول نهاراً عن المدينتين طوال ايام الاسبوع ما عدا الجمعة لتعيد فرضهة في ساعات الليل. وشجبت السلطة الفلسطينية بشدة عملية اغتيال سعدات وقال وزير الحكم المحلي صائب عريقات ان اسرائيل نفّذت "هذه الجريمة النكراء كما تفعل دائماً، اذ عندما نبذل اقصى الجهود للتهدئة، تسارع الحكومة الاسرائيلية لتفجر الاوضاع". ونفى عبدالعزيز الرنتيسي أحد قادة حركة "حماس" السياسيين في غزة ان يكون لديه او قيادة الحركة علم بلقاء بينهم وبين وزير الداخلية الفلسطيني عبدالرزاق اليحيى للبحث في وقف العمليات ضد اسرائيل. وقال الرنتيسي في تصريح خاص إلى "الحياة": "نحن لا نمانع الالتقاء بأي شخص طالما انه فلسطيني، ولكن ليس لدينا علم بهذا اللقاء ولم نبلغ به". ورداً على سؤال قال الرنتيسي ان "خان يونس وطولكرم دمرتا بناء على اتفاق غزة بيت لحم اولاً، ونحن نرفض هذا الاتفاق ونصر على حقنا في المقاومة طالما ان العدوان الاسرائيلي والاحتلال وعمليات الاغتيال والقتل مستمرة".