استبق الرئيس الأميركي جورج بوش أمس محاولة الملك عبدالله الثاني اقناعه بتغيير موقفه من ضرب العراق، وقال في بداية لقائه العاهل الأردني في البيت الأبيض: "ناقشنا هذه المسألة سابقاً ولم اغير رأيي" المتمسك بضرورة اسقاط نظام الرئيس صدام حسين. لكنه اضاف: "أنوي درس كل الخيارات والتحلي بالصبر"، مكرراً اتهام الرئيس العراقي بأنه "قاتل شعبه". وزاد: "سياسة حكومتنا وهذه الإدارة هي تغيير النظام في بغداد، وسأؤكد للملك عبدالله اننا سننظر في كل الخيارات". وكان الملك عبدالله اعتبر أمس ان المسؤولين الأميركيين يرتكبون "خطأً هائلاً" إذا تجاهلوا تحذيرات قادة اجانب وحلفاء بارزين للولايات المتحدة من عملية عسكرية ضد العراق. في الوقت ذاته علمت "الحياة" ان الحكومة العراقية وجهت دعوة الى هانز بليكس رئيس لجنة التحقق من نزع الاسلحة انموفيك لزيارة بغداد للمرة الاولى، ما يعد مؤشراً الى مرونة في موقفها. وفي حديث الى صحيفة "واشنطن بوست" ادلى به عشية لقائه بوش، قال العاهل الأردني: "جميع الذين التقيتهم في المجتمع الدولي يقولون إنها العملية العسكرية فكرة سيئة، وإذا كان يبدو ان اميركا تريد مهاجمة بغداد، فهذا ليس ما يراه الأردنيون او البريطانيون او الفرنسيون او الروس او الصينيون او غيرهم". وأشار الى ان لدى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير "مخاوف كبيرة" من نتائج عملية عسكرية لإطاحة النظام العراقي. ورفض الملك عبدالله وجهة نظر بعض المسؤولين الأميركيين الذين يرون ان إقامة نظام ديموقراطي في العراق ستحسّن فرص السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، وقال: "قد يكون هذا ممكناً في عالم مثالي، وما يشغلنا هو العكس تماماً لأن حساباً خاطئاً في العراق سيزج المنطقة كلها في دوامة". وأعلن أنه يحبذ استخدام كل جهد لجعل العراق يوافق على نظام جديد للتفتيش عن الأسلحة، مؤكداً أنه وزعماء آخرين يحضون بغداد على قبول عمليات تفتيش منتظمة، و"إذا حصلنا على نظام تفتيش مناسب، سيعطينا هذا مجالاً للمناورة". ونصح الادارة الاميركية بأن تركز أولاً على تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، من خلال ايجاد خطة لتحقيق الهدف الذي أعلنه الرئيس بوش بإقامة دولة فلسطينية، وقال: "لدينا ضوء في نهاية النفق، ولكن ليس لدينا نفق". الى ذلك، علمت "الحياة" أن الحكومة العراقية أبلغت الأمانة العامة للأمم المتحدة توجيه دعوة إلى هانز بليكس للحضور إلى العراق من أجل استكمال المحادثات الفنية التي اجريت في فيينا، في إطار الجولة الأخيرة من الحوار بين الأمين العام كوفي أنان وفريقه الذي ضم بليكس، وبين وزير الخارجية العراقي ناجي صبري ووفده الذي ضم كبار المسؤولين عن شؤون التسلح. وكان العراق وافق على مشاركة بليكس في الجولتين الأخيرتين من الحوار، بعدما رفض التعامل معه في إطار رفض القرار 1284. وهذه أول مرة توجه فيها الحكومة العراقية الدعوة إلى رئيس "انموفيك" لزيارة بغداد، ما يعتبر مؤشراً إلى احتمال موافقتها على عودة مفتشي الأسلحة. في بروناي، كرر وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمس أن واشنطن لم تتخذ بعد أي قرار في شأن التحرك الذي قد تقوم به ضد العراق، وتعهد استشارة الدول الصديقة مسبقاً. وأفاد مسؤول اميركي بارز ان باول أوضح لنظرائه خلال مؤتمر أمني آسيوي في بروناي ان الولاياتالمتحدة تسعى إلى تغيير النظام في بغداد "بسبب الأخطار التي يشكلها على السلام في العالم، ولكن لم يتقرر بعد كيف يمكن تحقيق هذا الهدف". وفي موسكو علمت "الحياة" أن وزير الخارجية العراقي ناجي صبري قد يزور العاصمة الروسية قريباً للبحث في موضوع عودة المفتشين الدوليين. وقال ديبلوماسي روسي رفيع المستوى ل"الحياة" ان على بغداد ان "توظّف بسرعة ورقة المفتشين"، محذّراً من "ارجاء اعلان موقف في شأن عودتهم". وتابع ان لدى موسكو "مؤشرات" إلى أن العراق قد يوافق على استئناف التفتيش، ولكن وفق شروط في مقدمها تعليق العقوبات فور وصول المفتشين الى أراضيه. وكان نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف اختتم جولة على العراق وسورية والأردن والكويت والسعودية وتركيا، استنتج خلالها "ما يشبه الاجماع على العواقب الخطيرة" لعمل عسكري اميركي ضد بغداد. من جهة اخرى، أكد مسعود بارزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني أمس ان قواته لن تشارك في هجوم اميركي لاطاحة الرئيس صدام حسين من دون "ضمانات لمستقبل الاكراد وأمنهم". وقال في مقابلة اجرتها معه وكالة "رويترز" في مقره في بلدة صلاح الدين "لا يمكن ان نشارك او نجعل شعبنا يشارك في شيء كهذا من دون اي حقوق، ومن دون أي ضمانات للمستقبل". واضاف انه ينبغي ان تكون الضمانات والوعود علنية". كما اعتبر ان "الشيء الأهم هو مبدأ الفيديرالية الذي يمثل الحل للقضية الكردية". وأشار الى ان حزبه والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، اتفقا على تبني موقف موحد في المحادثات التي ستجري في واشنطن في 9 الشهر الجاري. وأضاف: "الولاياتالمتحدة ليست بحاجة الى قواتنا".