يحتضن اليوم الملعب الأولمبي في مدينة المنزه الواقعة وسط العاصمة التونسية مباراة الترجي التونسي مع الزمالك المصري ضمن الجولة الثانية في المجموعة الثانية لدوري ابطال افريقيا لكرة القدم، وتعتبر المباراة دربي مغاربي مجبول بالإثارة وعبق التاريخ يقوده رهان زعامة المجموعة وضمان بطاقة التأهل للدور نصف النهائي. وتردد ان من خمسة الى سبعة آلاف مشجع "مخلص" للترجي ينتظرون المباراة بفارغ الصبر بعدما اقتطعوا التذاكر تحت حرارة الشمس الحارقة متجاهلين إغراءات الشواطئ "المنعشة". وقال "عم" فدرو المزاودي لاعب الفريق السابق وصاحب مقهى النرجيلة المشهور "هذا يوم الترجي، في الأمس تجرعنا مرارة الانسحاب امام الأهلي ولكن هذا الجمهور العريض الذي قدم للملعب سيوجد معادلة حاسمة لمصلحة فريقه في الصراع مع الزمالك". ان لقاءات الأندية التونسية والمصرية ومنتخباتها تُدمغ دائماً بطابع اثارة فريد واستثنائي يجعل الكلمات تحمل أكثر من دلالاتها، ما يرفع حرارة "الحرب" على صفحات الصحف، وبالتالي الجماهير. وربما عاد ذلك الى تاريخ المنافسات بين الكرتين، ولكن المسألة اعمق، اذ انها تتوغل في نرجسية شعبين طيبين حلماً دائماً بالزعامة المغاربية التي تمتد من الجغرافيا الى كرة القدم. وعموماً، يخوض الفريقان مباراة اليوم معززين بانتصارين ثمينين امام اسيك ابيدجان العاجي وكوستا دو سول الموزامبيقي، في حين يخضعان لضغط ضرورة الانتصار من اجل انتزاع بطاقة التأهل. وضمن الترجي سلفاً احدى ركائز التألق من خلال المواكبة الجماهيرية الكبيرة التي ستساند لاعبيه. وبالتأكيد لا يمكن التكهن مسبقاً بنتيجة اللقاء، علماً ان الترجي خاض 76 مباراة في المسابقة الافريقية، وانتصر في 46 منها وتعادل في 5 وذاق مرارة الهزيمة 15 مرة. وهو مطالب بنتائج جيدة تعوض اخفاقات المواسم الماضية. اما الزمالك فيمثل قوة ضاربة في القارة السمراء بعدما تزين بأحلى التتويجات، الا انه في اذهان احباء باب سويقة يبقى النادي الثاني في مصر على غرار الافريقي في تونس حتى في حال ضمت صفوفه الهرمين الشامخين حسام وابراهيم حسن اضافة إلى حازم إمام. وعموماً، تعلم الترجي من اخطائه وفهم فضيلة التواضع، واكد مدربه السويسري دي كستال أن "الزمالك المصري يستحق كل الاحترام..."، في حين يبدو مدرب الزمالك البرازيلي كارلوس كابرال منتشياً بالثلاثية في مرمى اسيك ابيدجان، وغير مدرك بدقة لإمكانات الآلة الرهيبة الترجية التي تصبح جارفة عندما تُجرح، ولا أشد عليها من الجرح المصري الذي خلّفه السقوط امام الاهلي في العام الماضي. من جهته، صام الضلع الثاني في تألق الترجي رئيسه سليم شيبوب طوال الأسبوع الحالي عن الكلام، ولم ينطق ببنت شفة، فالرجل القوي لباب سويقة وكرة القدم التونسية يخفي عادة خلف سكوته احساساً عميقاً بالتفوق ومفاجآت كثيرة على العشب الاخضر. واللافت ان "سي سليم" كما يحلو للتوانسة مناداته، اشرف شخصياً على انتقاء اليافعين الجدد القادمين الى النادي هذه الأيام، واختار الترجي 15 شاباً فقط من 3 آلاف ترشحوا للانضمام الى الفريق. وفي اطار الاستعدادات للمباراة، اختار الترجي الابتعاد عن اضواء العاصمة التونسية وسهراتها حتى ساعات الفجر الأول في ليالي الصيف، وعسكر في مدينة عين دراهم الجبلية. واطمأن دي كستال اذذاك على اندماج الحارس العاجي جون جاك تيزي، على رغم انه لم يرتقِ الى مستوى العملاق شكري الواعر وشخصيته القيادية. ويبدو خط الدفاع الأول المؤلف من راضي الجعايدي وخالد بدرة وطاق ثابت متماسكاً يضاف إليه روح الشباب ممثلاً في معين الشبماني، ولكن غياب المهندس وصانع الألعاب اسكندر السويح المعاقب من قبل الاتحاد الدولي بعد تناوله قطعة شوكولا منشطة اثرت ولا تزال على خط الوسط، فالسنغالي عمر صاني لم يتمكن من ملء الفراغ الذي تركه، واصبحت الكرات الثابتة نقطة ضعف الترجي بعدما كانت ركائز قوته الرئيسة. ربما جازف المدرب السويسري باشراك لاعب النجم الساحلي سابقاً المقعدي المعروف بدهائه وشخصيته المستفزة المهمة في "ام المعارك" التونسية -المصرية، ولكن الأكيد ان دي كستال سيعول على خبرة الجناح الايسر البرازيلي التونسي جوزيه كلايتون، والمتوهج حالياً مراد المالكي، والشاب جوهر المنازي المنتشي بدعوته لخوض مباراة المنتخب الودية امام نظيره الفرنسي الاربعاء المقبل. ويعتقد احباء الترجي أن قوة الزمالك المصري تكمن في خط هجومه الناري وحركته السريعة وأن خط دفاعه المرتبك والبطيء ربما كلفه غالياً. وفي غياب الجلاصي المصاب يتوجب على العاجي كاندي تراوري وعلي الزيتوني بذل جهود اضافية لتحقيق الفوز المنشود.