عمان - "الحياة" - تنهض القصة القصيرة الفلسطينية التي يكتبها جيل التسعينات، على رصيد متنوع من الكتابة القصصية التي أبدعتها أجيال عدة من كتاب القصة القصيرة، ظلت تتناقل الخبرة وحصاد التجربة، وتنتقل بالقصة القصيرة من طور إبداعي إلى طور إبداعي آخر. وذلك بدءاً من خليل بيدس الذي يعد مؤسس القصة الفلسطينية الحديثة، وكان كتب قصصه الأولى قبل ثمانية عقود تقريباً، مروراً ببقية رموز جيل الرواد الأوائل، ومن أبرزهم نجاتي صدقي ومحمود سيف الدين الإيراني، وجبرا إبراهيم جبرا، الذين تأثروا بالأدب العالمي عبر الاطلاع على هذا الأدب بلغاته الأصلية، وعبر الاضطلاع بترجمة بعض نتاجاته، فأنتجوا قصصاً قصيرة لا تقل في قيمتها الفنية والفكرية عما أنتجه نظراؤهم من رواد كتابة القصة القصيرة في بعض البلدان العربية الأخرى، التي عرفت هذا النوع الأدبي منذ مطالع القرن العشرين. هكذا يقدم القاص الفلسطيني محمود شقير "مختارات من القصة القصيرة الفلسطينية"، التي صدرت في كتاب ضمن سلسلة "مختارات عربية"، ضمن إصدارات أمانة عمان. وما يلفت الانتباه منذ الوهلة الأولى، ولدى التدقيق في عناوين القصص المختارة في هذا الكتاب اننا نجد أنفسنا أمام عالم غير محدد بمواقف قطعية أو معايير صارمة، أمام حالات من عدم التعيين، من انعدام الكليات ومن تعدد الاحتمالات. عالم مشخص يستمد مادته من تجارب الفرد من دون تحفظ أو انكفاء. ولعل نظرة سريعة على عناوين بعض القصص، توضح المقصود: "الوهم، أنف، فراغ، هواجس، ليحفظ الله الحب في مكان جاف وبارد، أوهام رجل". هكذا يدخل الجيل الجديد إلى عالم القص من غير ادعاءات أو بحمل رسالة ايديولوجية ينبغي عليهم بثها إلى القراء، وإن كان لديهم ميلاً أكبر نحو التحديق في العوالم الداخلية لذات غير مستقرة. يضم الكتاب قصصاً لستة عشر كاتباً، معظمهم من الداخل الفلسطيني، وتكثر بينهم أسماء الكاتبات: إسماعيل ناشف، إيمان بصير، إيناس عبدالله، تيسير محيسن، جمال القواسمي، ديمة أبو غوش، رجاء بكرية، زياد خداش، صالح مشارقة، عدنية شبلي، ماجد عاطف، محمد الخطيب الكسواني، مشهور البطران، منير زعرور، مها أبو هلال، وحزامة حبايب، وتعتبر من الأصوات القصصية الفلسطينية البارزة خارج فلسطين.