يستطيع الرئيس جورج بوش وهو يستعد للذكرى الاولى لهجمات 11 ايلول سبتمبر ان يتحدث عن انجازات حققتها "الحرب على الارهاب". فنظام "طالبان" الذي استضاف "القاعدة" وزعيمها تهاوى سريعاً بفعل الضربات الجوية وزحف "تحالف الشمال". خسر اسامة بن لادن معقله الآمن وحصون قيادته والمعسكرات وتحول طريداً مع انصاره. خسرت "القاعدة" شبكات وخلايا في مناطق عدة من العالم وتبرأت منها كل الدول بلا استثناء ولم يتردد بعضها في تسليم معتقلين او ملفات ومعلومات. أدرجت المنظمات التي تربطها علاقات ب"القاعدة" على لائحة التنظيمات المحظورة. ضاعفت اوروبا رقابتها على المقيمين واللاجئين. وفي موازاة التعقب الامني تجري مطاردة الاموال والتحويلات املاً في تجفيف الينابيع. يستطيع بوش الحديث عن انجازات. ذهبت "طالبان" وقامت حكومة كارزاي. وقبل كل ذلك تم تأمين الساحة الخلفية للحرب حين اختار الرئيس برويز مشرف قطع الصلات بين الاستخبارات العسكرية الباكستانية و"طالبان" ما عجّل في انهيار الاخيرة. لكن على رغم كل ما تحقق تبقى افغانستان خطرة على القوات الاميركية، باعتراف وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. في المقابل لا بد من الالتفات إلى الجزء الآخر من الصورة. خسرت "القاعدة" ملاذها الآمن، لكن قيادتها نجت، إذ لا دليل حتى الآن يؤكد عكس ذلك. وسقط نظام "طالبان" لكن الملا عمر لا يزال يستعد للرد ويطلق النداءات والتهديدات. قامت حكومة كارزاي لكن نفوذها يجد صعوبة بالغة في التمدد خارج كابول. فالطاجيك الذين لعبوا دوراً بارزاً في الحرب اقتطعوا من السلطة ما يثير غيظ الأكثرية البشتونية التي ترى انها عوقبت مع "طالبان" وان انتماء كارزاي اليها لا يشكل تعويضاً. واخطر ما في الأمر ان الاسابيع الماضية حملت مؤشرات الى ان "طالبان" و"القاعدة" انتقلا من مداواة الجروح الى اعادة تنظيم الصفوف واطلاق حرب عصابات. فيما تستعد اميركا للذكرى الاولى لهجمات 11 ايلول وسط مخاوف من ضربة جديدة مدوية، ترتسم الملامح الاولى لمعركة الرد على "الحرب على الارهاب". ويمكن اختصار هذه الملامح بالآتي: محاولة اغراق الاميركيين في المستنقع الافغاني عبر هجمات سريعة متحركة والسعي الى تقويض حكومة كارزاي التي تقدم غطاء للوجود الاميركي من خلال استنفار الحساسيات البشتونية والسعي الى اغتيال كارزاي واركان حكومته. فإغراق افغانستان مجدداً في الفوضى او في نزاع بين البشتون والطاجيك سيمكّن "القاعدة" من الاحتماء مجدداً. اما الفصل المكمل لرد على المسرح الافغاني فيدور على الارض الباكستانية نفسها. فاستهداف الاميركيين والفرنسيين والغربيين والمسيحيين يهدف الى اظهار مشرّف في صورة الحارس لهؤلاء لا الحارس للمصالح الباكستانية العليا. واغراق باكستان في الفوضى سيؤدي في حال حصوله الى تأمين الساحة الخلفية لحرب طويلة.