تكمن أهمية الجولة الثانية التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان والتي بدأها في بيروت امس ويستكملها صباح اليوم في دمشق ثم مساء في عمان، في انها تأتي بعد زيارته مصر والاراضي الفلسطينية واسرائيل والسعودية، قبل يومين من زيارته واشنطن حيث يلتقي نظيره الاميركي كولن باول والمسؤولين في الادارة الاميركية. وتؤكد مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية الاهمية التي يوليها دوفيلبان لزيارته لبنان في وقت يهتم الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزير خارجيته في درس سبل مساعدة هذا البلد على الصعيد الدولي للخروج من أزمته الاقتصادية. وأبلغت المصادر "الحياة" ان المنسق الفرنسي الذي عينه شيراك، للاعداد للمؤتمر الدولي لمساعدة لبنان، ميشال كاندسو، سيزور بيروت في الايام القليلة لبحث ما ينبغي القيام به تحضيراً لهذا المؤتمر. وبالنسبة الى جولة الوزير الفرنسي على الدول الثلاث، فإن التفكير الفرنسي الجديد يعتبر ان في مواجهة المواقف الاميركية المتشددة فإن لفرنسا علاقات مميزة مع بعض الاطراف في المنطقة، تضفي المزيد من المسؤولية على الديبلوماسية الفرنسية والاوروبية. وفي اطار التفكير نفسه، فإن من مسؤولية اوروبا وفرنسا الحفاظ على خيوط الحوار كافة من اجل ايجاد ديناميكية للتحرّك، لأن الجمود يؤدي الى المزيد من الانقسام والأزمات. فالتحرّك برأي فرنسا غير ممكن في المنطقة، استناداً الى مواقف تقتصر على الشروط المسبقة، وانه بعد 11 ايلول سبتمبر فإن التحرك ضروري اكثر من اي وقت مضى، وان لا بديل من ذلك سوى السقوط في الفوضى والارهاب واليأس. وتعتبر المصادر انه ينبغي في الاطار نفسه على الاسرة الدولية ان تنتهج سياسة براغماتية، وترى فرنسا ان هناك فائدة من الحوار مع الولاياتالمتحدة لأنها على رغم طرحها لمجموعة من الشروط فإنها تدرك ضرورة الحل حيث تكون هناك دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، ولا بد من التحرّك في اطار هذا الهامش. وللديبلوماسية الفرنسية علاقات متميزة مع الاطراف المختلفة ولديها اسباب تحثها على التحرّك لأن هناك جاليتين مسلمة ويهودية مهمتين في فرنسا، وان الفلسطينيين والعرب وجدوا ايجابيات في خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش لأنهم أدركوا انه ينبغي التحرك لاجراء إصلاحات وانتخابات فلسطينية. وبالنسبة الى الموقف الاميركي من القيادة الفلسطينية فإن فرنسا تعتبر انه بحاجة للمزيد من التوضيح. والسؤال هو عما اذا كان الجانب الاميركي يعارض كلياً أي صيغة فلسطينية تحفظ للرئيس ياسر عرفات دوره التاريخي وتقضي بايجاد مسؤولين فلسطينيين يكونون محاورين حقيقيين على صعيد السلام. وهناك قناعة مشتركة لدى الأسرة الدولية حول الهدف نفسه وهو انشاء دولة فلسطينية قابلة للعيش ومسالمة وديموقراطية الى جانب دولة اسرائيل.