الناصرة - "الحياة" - بدا ان الهجوم الفلسطيني المسلح على باص المستوطنين قرب مستوطنة عمانوئيل هبط على الاسرائيليين من السماء ليمارسوا التعتيم على مداولات "اللجنة الرباعية" في نيويورك، فلم تشر اليها وسائل الاعلام العبرية الا في صفحاتها الداخلية بعدما أفردت صفحاتها الاولى وافتتاحياتها وتعليقاتها للهجوم المسلح والوعيد للسلطة الفلسطينية ورئيسها. ولا يمكن تفسير التعتيم بتفضيل الحديث عن الهجوم فحسب لان اسرائيل تبدو معنية بعدم اطلاع الرأي العام على اي تطورات يمكن ان يشتم منها ضغط دولي للكف عن العدوان على الشعب الفلسطيني والتوجه نحو المسيرة السلمية فضلاً عن استخفافها بالموقف الاوروبي والعربي وتسلحها بالتماهي الاميركي مع سياستها. وانضمت صحيفة "معاريف" ثاني اكبر الصحف العبرية الى جوقة اليمين التي حرضت على الرئيس الفلسطيني وحملته جرياً على عادتها، مسؤولية عملية عمانوئيل، واكدت في افتتاحيتها اقوال رئيس اركان الجيش بوغي يعالون ضرورة مواصلة احتلال الضفة الغربية "لئلا يشعر الفلسطينيون بأنهم حققوا انتصاراً واخضعوا اسرائيل". وتابعت ان الفلسطينيين وحدهم يتحملون مسؤولية "المعركة الدموية" التي فرضوها على اسرائيل "وعليه ينبغي تغيير الوضع الراهن والحكومة الاسرائيلية تتحمل مسؤولية احداث هذا التغيير". وانهت تؤكد ان "الطريق الوحيد لاحداثه هي طرد الرئيس عرفات". واختلف المحلل السياسي عمانوئيل روزين مع كاتب الافتتاحية واقتبس من اقوال لرؤساء "المجلس الاسرائيلي للسلام والامن" جاء فيها ان كل يوم اضافي يبقى فيه الجيش في مناطق السلطة الفلسطينية "يحمل معه المزيد من الانتحاريين الجدد". وأضاف ان الرئيس جورج بوش اصدر حكمه بأن "تغط المنطقة في سبات عميق" غير آبه ب"المعارضة الضعيفة" لموقفه من النزاع التي تبديها مصر والاتحاد الاوروبي "ومثل هذه المعارضة لن تؤرقه تماماً كما لن تشعل عملية عمانوئيل ضوءاً احمر عنده". وكان المدير العام لمكتب رئيس الحكومة الاسبق اسحق رابين الصحافي ايتان هابر اكثر وضوحاً من سائر زملائه فكتب في افتتاحية "يديعوت احرونوت" يقول ان الضغط العسكري الثقيل لن يأتي بالحل المنشود "وللأسف لا حصانة امام الارهاب. لا السور الواقي ولا الطريق الحازم قادر على منع العمليات العدائية". وتابع ان ثمة حاجة للتقدم بمقترحات لتفاوض سياسي ولحلول سلمية: يقولون انه لا يوجد مع من نتحادث معه. لو ارادت اسرائيل التحدث الى الفلسطينيين لوجدت مع يتحدث معنا… ولكن يجب اولاً ان تتوافر الارادة للتحدث". الى ذلك اعلن وزير الخارجية شمعون بيريز ان اجتماعه بمسؤولين في السلطة الفلسطينية لم يلغ "انما تم ارجاؤه" مضيفاً انه من غير المعقول ان تبحث اسرائيل في سبل منح الفسطينيين تسهيلات "في الوقت الذي تدفن ضحاياها". ونقلت صحيفة "هآرتس" عن رئيس الحكومة ارييل شارون دعمه فكرة "التهدئة التدريجية" في المناطق الفلسطينية وهي الفكرة التي تبناها بيريز ووزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر وتقضي بمنح البلدات الفلسطينية التي يستتب فيها الهدوء تسهيلات وبتقديم الدعم الاقتصادي لها. وقالت الصحيفة ان شارون أيد الاقتراحات التي قدمها منسق شؤون جيش الاحتلال عاموس جلعاد التي تقوم على "تطوير مصادر تشغيل جديدة في البلدات الفلسطينية والمناطق الصناعية المحاذية للخط الاخضر".