"تيارات" هو اسم المجلة الناطقة باسم "جمعية حقوق الانسان" في سورية التي وزع القيمون عليها العدد الاول منها بشكل محدود، وفي حلة تتضمن الكثير من الاشكاليات القانونية والسياسية، بينها تشكيلة جهاز التحرير الذي يضم النائب رياض سيف الذي يمضي حكماً بالسجن خمس سنوات والمحامي حبيب عيسى الذي يحاكم امام محكمة امن الدولة العليا، اضافة الى لقاء مع اقدم معتقل سياسي في البلاد قضى 28 سنة متنقلاً بين السجون السورية. وطرح مجرد صدور "تيارات" وتوزيعها اشكالات قانونية. فهي بالنسبة الى السلطات الرسمية "نشرة سرية" حسب مصدر في وزارة الاعلام اوضح ل"الحياة": "اننا لا نعترف بوجود هذه المجلة وهي غير قانونية، اذ ينص قانون المطبوعات على ان اي دورية لا تصدر الا بقرار رئيس الوزراء بموجب اقتراح من الوزير ولجنة رسمية. وبالتالي لا ينطبق عليها اي نص قانوني". لكن هيئة المجلة ترى الامر من زاوية مختلفة، اذ قال رئيس التحرير الدكتور رضوان زيادة ل"الحياة" انها لا تخضع لقانون المطبوعات "لانها كتاب غير دوري وسيكون تداولها محدوداً"، لافتاً الى ان "النسخة الاولى ارسلت الى الرئيس بشار الاسد بالبريد الرسمي، ونحن نسعى الى الحصول على موافقة رسمية بالتداول من جانب وزارة الاعلام". بذلك يكون حال "تيارات" مماثلاً ل"جمعية حقوق الانسان" التي أسسها 40 محامياً وناشطاً في مجال حقوق الانسان في تموز يوليو الماضي، وتمارس نشاطها وفق مبدأ "غض الطرف" السائد في البلاد، مستفيدة من تفسيرها لقانون تأسيس الجمعيات الاهلية العائد الى ايام الوحدة السورية - المصرية في العام 1959، والقائل بأن اشهار الجمعية يكون حاصلاً بعد مرور 60 يوماً على تقديم الطلب الى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بصرف النظر عن القرار الرسمي. وقال زيادة ان "تيارات" لن تنشر الا دراسات وبحوثاً موضوعية وعلمية بعد عرضها على لجنة مختصة. وجاء في افتتاحية العدد الاول "اننا نرغب في تحقيق نقلة من الخطاب الانشائي والعشوائي الى الخطاب البحثي والعملي الاكاديمي". وان "تيارات" تنأى بنفسها عن الصراع السياسي الدائر حالياً لكن يعزّ عليها ان يضيق الحيّز العام حتى لا يتسع لحرية القول والتعبير التي تضمن نمو الربيع حتى يزهر ثماراً يقطفها الوطن". وخصصت هيئة التحرير صفحاتها ال176 لمحور ظاهرة المنتديات او "ربيع سورية" الذي بدأ بعد تسلم الدكتور بشار الاسد الحكم في تموز يوليو 2000، وعلاقة هذه الظاهرة بالقانون والسياسة والاصلاح والمعادلة الاقليمية والدولية. كما قدمت شهادات عن سجن المزّة العسكري الذي أُغلق قبل سنتين، بينها حوار مع مصطفى فلاح باعتباره "السجين السياسي الاطول مدة في التاريخ السوري" اذ اعتقل في زمن حكم الرئيس السابق نور الدين الأتاسي في ايار مايو 1970، واطلق في زمن الرئيس الراحل حافظ الاسد في ايار 1998 بعد اتهامه ب"التآمر على النظام واثارة النعرات الطائفية والقيام بأعمال ضد التحولات الاشتراكية". ويقول فلاح: "المفارقة انه بعد 16 تشرين الثاني نوفمبر 1970 تم نقل الاتاسي ووزير الداخلية، محمد عبد عشاوي ووزير الحكومة رباح الطويل والامين العام المساعد لحزب البعث الحاكم اللواء صلاح جديد وغيرهم من اعضاء القيادة القومية والقطرية في الحزب الى سجن المزّة، اي جميع الطاقم الامني الذي كان يشرف على تعذيبنا واعطى الاوامر بإعدامنا". المتفائلون يتحدثون عن استمرارية "تيارات" مثل مجلة "امارجي" الناطقة باسم "لجان الدفاع عن حقوق الانسان" برئاسة المحامي اكثم نعيسة و"المواطن" الناطقة باسم "لجان احياء المجتمع المدني" بفضل سياسة "غض الطرف" والانفتاح الداخلي لكن المتشائمين يستندون الى "تجربة" بداية التسعينات التي شهدت توقيف بضعة نشطاء بينهم نزار نيوف ونعيسة. ويبقى ان رئيس "جمعية حقوق الانسان" هيثم المالح ظهر في برنامج حواري على قناة الجزيرة أول من أمس