بيروت - "الحياة" - قصة جسر الأوزاعي، التي أطلقت خلافاً متوتراً بين "حزب الله" ورئيس الحكومة رفيق الحريري تجلّى في تصريحات متبادلة خلال الأيام الماضية، تعود الى سنوات، وسببها الأساسي هو كلفة تعويضات إخلاء مهجرين منذ أيام الحرب يشغلون أملاكاً عامة وخاصة على الشاطئ الواقع عند مدخل بيروت الجنوبي. فالمشروع كان اخلاء هؤلاء المهجرين الذين استقروا على مرّ السنين في تلك المنطقة وباتت لهم محال تجارية ومشاغل فيها، تمهيداً لتوسيع الطريق نحو الجنوب واستعادة أصحاب الأملاك مسابح ومطاعم وغيرها املاكهم لتأهيلها وإعادة استثمارها. وكان هذا المشروع من صلاحيات مؤسسة "اليسار" الرسمية التي انشئت العام 1995 لترتيب مناطق واسعة في ضاحية بيروت الجنوبية وتأهيلها والذي كان يشمل انشاء أبنية سكنية لشاغلي الشاطئ وأملاك الغير. لكن كلفة التعويضات العالية، اضافة الى بناء المساكن، التي لا تستطيع الخزينة اللبنانية تحمّلها في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، والحاجة الى التخفيف من أزمات السير عند مدخل العاصمة، دفعت الحكومة الى التفكير، منذ أواخر التسعينات، باقامة جسر فوق طريق الأوزاعي يتصل بالطريق الدولية نحو الجنوب التي تمّت توسعتها وتأهيلها، فأقر قانون في هذا الصدد في العام 1999 في المجلس النيابي ببناء الجسر الذي تبلغ كلفته 29.5 مليون دولار، فيما تبلغ كلفة تعويضات الاخلاء زهاء 42 مليون دولار أميركي. ول"حزب الله" دور في التفاوض على تعويضات الاخلاء من خلال وجوده بين الأهالي الشاغلين للمنطقة البحرية في الأوزاعي. ويرفض الحريري الموافقة على قيمة هذه التعويضات معتبراً أنها مرتفعة. وهي ليست المشكلة الأولى بين الحزب ورئيس الحكومة على تعويضات اخلاءات لمناطق تنفّذ فيها مشاريع انشائية في ضاحية بيروت الجنوبية، معظمها يتعلق بشق أوتوسترادات وتوسعتها بين مثلث المطار والأوزاعي ومنطقة خلدة، ومنها تكاليف تعويضات اخلاءات لتوسعة المدرج الغربي للمطار التي تقدرها الدولة ب8 ملايين دولار، فيما يدعم "حزب الله" لجنة من الأهالي في مطالبتها ب14 مليون دولار، اضافة الى الخلاف على تعويضات الاخلاء لقاء تنفيذ جرّ الصرف الصحي من بيروت الى احدى مناطق الضاحية الغدير وطريق ربط الجامعة اللبنانية الحدث بالضاحية فضلاً عن طريق قصير يربط منطقة الجناح البحرية بأوتوستراد الماريوت، الذي يقود الى الأوزاعي... وفي وقت يؤدي إنشاء الجسر فوق الأوزاعي، فضلاً عن الوصلات بين المطار وطريق خلدة، وتوسعة المدخل الجنوبي الى الحد من المرور على طريق الأوزاعي والتقليل من أهمية المصالح التجارية عليه وقد يجبر شاغليه على خفض التعويضات التي يطالبون بها الى أدنى حدّ، فان "حزب الله" قدّم مقاربة أخرى للخلاف، فاستند الى ان المخطط التوجيهي لمؤسسة "اليسار" التي له عضو في مجلس ادارتها، لا يلحظ إقامة الجسر. وأعرب نايف كريّم، القيادي في الحزب وعضو مجلس ادارة المؤسسة عن مخاوفه من ان يكون انشاء الجسر تمهيداً لانشاء شركة عقارية في المنطقة، شبيهة بشركة سوليدير في وسط بيروت التي تملكت الأراضي فيه ووزّعت اسهماً على المالكين والشاغلين الاصليين. ورأى كريّم ان الخلاف هو على المبدأ اذ ان مخطط "اليسار" يلحظ بناء مجمعات سكانية ومجمعات حرفية وحدائق عامة ومرفأ للصيادين ومتنزه بحري اضافة الى كورنيش توسعة الطريق الحالي فضلاً عن مدارس... وعقد مجلس الإنماء والإعمار لقاء صحافياً، أكد فيه ان مشروع بناء الجسر الذي يموّل انشاءه الصندوق الكويتي للتنمية والصندوق العربي للانماء 80 في المئة والحكومة 20 في المئة لا يتطلّب تعويضات استملاكات لارتفاعه عن المنطقة السكنية. وعرض مشروع خط تجميع المياه المبتذلة وتصريفها الذي تبلغ كلفته 10.5 مليون دولار، بتمويل من البنك الإسلامي يندرج في إطار التزام الحكومة اتفاق جنوا بعدم تلويث البحر.