أعلنت السعودية ان "المبادرة" التي طرحها الرئيس جورج بوش في خطابه "احتوت على عدد من العناصر الايجابية"، و"انطوت على التزام واضح بإيجاد تسوية لمشكلة الشرق الأوسط". لكنها شددت على وجود "بعض النقاط، خصوصاً المتعلقة بآليات التنفيذ للايجابيات" لدى الرياض "استفسارات عنها". وتطرق بيان رسمي سعودي الى قضية الاصلاحات الفلسطينية، مؤكداً ان "الشعب الفلسطيني هو وحده قاضي هذه القضية وحكمها". تلقى نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رسالة خطية من الرئيس جاك شيراك، نقلها اليه وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان الذي قابل ايضاً النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وسلم السفير الاميركي في الرياض روبرت دبليو جوردن الى الامير عبدالله رسالة من الرئيس بوش. واجرى الوزير الفرنسي جولتين من المحادثات مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل الذي قال ان رؤية الرئيس بوش للسلام في الشرق الأوسط "تضمنت عناصر ايجابية". وتابع في مؤتمر صحافي مع دوفيلبان ان "الصيغة التي تسلمتها المملكة العربية السعودية من الادارة الاميركية لمبادرة الرئيس بوش لم تشر الى دولة فلسطينية موقتة وانما دولة مستقلة ذات حدود موقتة". ولفت الأمير سعود الفيصل الى ان الشعب الفلسطيني هو قاضي الاصلاحات التي ركزت عليها الرؤية الاميركية، مشيراً الى ان الجولة المقبلة لوزير الخارجية الاميركي كولن باول على المنطقة ستحمل عرضاً متكاملاً للمبادرة "الأمر الذي يؤمن للعرب فهم الصورة بالكامل عن هذه المبادرة". وزاد ان "الفلسطينيين قاموا بخطوات تجاه الاصلاح، ودعوا الى انتخابات، خلال مدة طويلة، كنا نتمنى لو كانت أقصر، فلتأخير ليس في مصلحتهم، ولكن من الاشياء التي اقروها اجراء انتخابات للقيادة والمجالس وغيرها، ونحن نقبل ارادة الشعب الفلسطيني، وأشك في ان الولاياتالمتحدة لا تقول الشيء ذاته لأن هذه هي الديموقراطية. اذا اختار الشعب ممثله لا اعتقد أن لأي كان ان يقبل أو لا". وذكر دوفيلبان ان فرنسا "ترفض الخلط بين الارهاب والاسلام"، و"تبحث في ظل الرؤى المختلفة عن قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ذات سيادة، مسالمة مع ضمان أمن اسرائيل في حدود آمنة معترف بها على اساس حدود 1967". ووصف الأوضاع في المنطقة بأنها "مأسوية"، ورأى ان الرؤية الاميركية "تتقارب من حيث الأهداف مع موقف دول الاتحاد الأوروبي، فعالم ما بعد 11 ايلول سبتمبر تشوبه الحيرة ويصعب توقع أحداثه، ولا يمكن التعايش فيه مع الأزمات الاقليمية من دون ان ينطوي ذلك على اخطار كبيرة". وشدد على ضرورة ايجاد حل في الشرق الأوسط "يرضي تطلعات الفلسطينيين الذين يتعرضون للمذلة والهوان وغياب الآفاق المستقبلية. وعلينا اقناع الجميع بالسلام، كل الاطراف مطالبة بأن تثبت ارادتها للسلام". واعتبر ان "الارهاب يحتجز المنطقة كرهينة"، منبهاً الى ان "الشعب الفلسطيني هو من يختار من يمثله في المستقبل". وصدر امس بيان رسمي سعودي حول الرؤية الاميركية التي قدمها بوش للسلام في الشرق الأوسط، جاء فيه: "تابعت حكومة المملكة العربية السعودية باهتمام بالغ المبادرة التي أعلنها فخامة الرئيس جورج بوش في خطابه الأخير، كما تابعت بعناية ردود الفعل، خصوصاً رد فعل القيادة الفلسطينية. وتلاحظ المملكة أن المبادرة الأميركية احتوت على عدد من العناصر الايجابية، إذ انطوت على التزام أميركي واضح بايجاد تسوية لمشكلة الشرق الأوسط، إذ أن من الأهمية بمكان أن تلتزم الولاياتالمتحدة بدورها المحوري في هذا السبيل. كما أكدت المبادرة حق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة ضمن دولته المستقلة خلال ثلاث سنوات، ونصت على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود ما قبل حرب 1967 طبقاً لقراري مجلس الأمن 242 و338، ووقف الاستيطان والاهانات اليومية التي يتعرض لها المواطن الفلسطيني، وإعادة عناصر الحياة الطبيعية والاقتصادية من كسب العيش والتحرك بحرية وفك تجميد الأموال الفلسطينية وتأكيد أن موضوع القدس الشريف واللاجئين جزء من الاتفاق النهائي. وهناك بعض النقاط بخاصة المتعلقة بآليات التنفيذ للايجابيات التي وردت في المبادرة التي لدينا استفسارات عنها ونتطلع إلى الاتصالات والمشاورات التي ستجريها الحكومة الأميركية مع جميع الأطراف المعنية. وتذكّر المملكة بمبادرة السلام العربية التي أجمع عليها القادة العرب في قمة بيروت، وحددت ملامح الحل النهائي الذي يتيح لشعوب المنطقة العيش بأمن وسلام، ويعطي الأطراف المعنية الثقة بمسيرة السلام. بالتالي فإن المملكة تتطلع إلى ما وجه به فخامة الرئيس بوش لمعالي وزير خارجيته السيد كولن باول باجراء الاتصالات لبلورة خطة العمل اللازمة لتنفيذ المبادئ المذكورة أعلاه، لتصل بها إلى الحل الشامل والعادل الذي ارتضته قمة بيروت طريقاً للسلام والأمن لكل دول المنطقة في إطار علاقات طبيعية والذي أيده المجتمع الدولي. أما موضوع الاصلاحات التي ذكرها فخامة الرئيس، فإن الفلسطينيين دعوا إليها ويعكفون على بلورة برنامج لذلك، والشعب الفلسطيني هو وحده قاضي هذه القضية وحكمها، وكنا نأمل لو نال رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون ما يستحقه لأجل العنف الذي تسبب فيه والدماء التي سفكها، والاهانات المستمرة التي يقوم بها تجاه الفلسطينيين. وبعدما أكد العالم العربي توجهه نحو السلام وأيد الرئيس الأميركي دعمه لعملية السلام وبارك العالم بأسره هذا التوجه، على حكومة إسرائيل وشعبها أن يختارا بين استمرار الاحتلال الغاشم الكريه وسلب كرامة الشعب الفلسطيني وما ينتج عن ذلك من نتائج، أو أن يقبلا بالسلام العادل الذي يوفر لهما الأمن ويحقق للشعب الفلسطيني حقوقه وكرامته".