أعلن وزير الخارجية المغربي السيد محمد بن عيسى أمس، إثر إرجاء قمة اتحاد المغرب العربي في الجزائر، ان الاندماج المغاربي لن يمضي قدماً ما لم تسوّ "المشاكل الجوهرية" بدءا بالنزاع في الصحراء الغربية. واوضح لوكالة "فرانس برس": "لا يمكن ان نترك جانباً مشكلة تطاول جميع مواطني المغرب وتتعلق بسيادته وسلامة اراضيه". واعتبر ارجاء القمة لا يبعث على الفرح. ورأى مصدر رسمي في الرباط، تحدث الى "الحياة"، في التأجيل فرصة لمزيد من المشاورات بين بلدان الاتحاد المغاربي لافساح المجال امام مشاركة اوسع للقادة المغاربيين في قمة الجزائر. واوضح المصدر الذي رفض كشف اسمه، ان ارجاء القمة المغاربية سيتيح الفرصة امام "جهود الوساطة لرأب الصدع بين الاشقاء"، في إشارة الى الخلافات المغربية - الجزائرية والموريتانية - الجزائرية التي حالت دون تأمين مشاركة العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي احمد الطايع في القمة. ويُتوقع ان تقود ليبيا وتونس سلسة من الاتصالات في الايام القليلة المقبلة من أجل تأمين مشاركة العاهل المغربي والرئيس الموريتاني في القمة المرتقبة. ورهن المصدر الرسمي تحديد تاريخ جديد للقمة بنتائج المشاورات مع الرباط ونواكشوط. ويرجح ان تركز جهود الوساطة الليبية - التونسية على خطة تحظى بقبول الرباطوالجزائر حول التعاطي مع نزاع الصحراء. وذكرت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان من عناصر تأجيل القمة نشوب خلاف ليبي - جزائري حول "افكار ليبية" كان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ينوي طرحها على القمة لتسوية نزاع الصحراء. وأضافت ان طرابلس طرحت، بالتزامن مع الترتيبات للقمة، وساطة بين المغرب وجبهة "بوليساريو" هدفها تحقيق تسوية سياسية تنهي نزاع الصحراء المستمر منذ أكثر من ربع قرن. لكن المصادر اشارت الى "انزعاج جزائري" من الطرح الليبي، خصوصاً ان مراقبين توقعوا "نجاح" الوساطة الليبية نظراً الى الروابط التي تجمع العقيد القذافي وزعماء جبهة "بوليساريو". واشارت المصادر الى ان رفض الجزائر "افكار" الزعيم الليبي دفعه الى طلب ارجاء القمة "حتى تنضج الامور". وترتبط الافكار الليبية، وهي الاولى من نوعها منذ طرح الاممالمتحدة خياراتها الاربعة للتسوية في الصحراء، بمنح سكان الاقليم الصحراوي حكماً ذاتياً موسعاَ، ما يعني انها قريبة من "الاتفاق الاطار" الذي طرحه الوسيط الدولي جيمس بيكر ضمن ما يعرف ب"الحل السياسي". ورفضت الجزائر و"بوليساريو" خطة "الاتفاق الإطار"، في حين وافقت عليه الرباط. وعلق مصدر مغربي على "الانزعاج الجزائري" من الوساطة الليبية بأنه "اصرار جزائري على ادارة التفاوض حول ملف الصحراء في منطقة المغرب العربي"، مشيراً الى انه "كان في إمكان الاخوة في الجزائر الالتفاف حول الخطة الليبية لاحداث الانفراج المطلوب وتأمين انعقاد القمة المغاربية". لكن مصدراً ديبلوماسياً عزا طلب ليبيا تأجيل القمة الى عدم رغبتها ان "تسقط في المطب ذاته الذي وجدت الجزائر نفسها فيه إثر تسلمها رئاسة الاتحاد المغاربي". واضاف ان الرفض الجزائري الخطة الليبية "لم يدع لطرابلس مجالاً غير طلب تأجيل القمة" على اعتبار ان تسلم ليبيا رئاسة الاتحاد في وضعه الحالي "لا يمنحها سوى متاعب اضافية لا حل لها"، في إشارة الى العوائق التي تحول حتى الآن دون اقرار حل لملف الصحراء. وقال المصدر إن أمر التأجيل "كان وارداً في ظل تباعد مواقف الاطراف"، مشيراً الى ان البحث عن موعد جديد للقمة "يعزز موقف الرباط من ضرورة إذابة الجليد الذي يلبد علاقاتنا الثنائية قبل التفكير في اطلاق اتحاد المغرب العربي"، في إشارة الى استمرار سريان مفعول اغلاق الحدود الذي اتخذته الجزائر في 1994 رداً على قرار المغرب فرض التأشيرة على المتحدرين من اصول جزائرية بعد الهجوم المسلح على فندق اطلس اسني في مراكش الذي اودى بحياة سائحين اجنبيين، عدا عن الموقف من تطورات قضية الصحراء. ويرى مراقبون ان من المفيد لبلدان المغرب العربي ولمستقبل الاتحاد المغاربي توسيع رقعة الاتصالات بين المسؤولين المغاربيين والسعي الى حل المشاكل الثنائية قبل عقد القمة المغاربية. وكان محمد ازروال، رئيس الوفد المغربي الى الدورة ال39 للجنة المتابعة لاتحاد المغربي العربي المنعقدة في الجزائر، رهن استمرار المسار المغاربي ب"الالتزام الجاد بمعاهدة تأسيس الاتحاد المغاربي وبلورة شراكة مغاربية حقيقية". وأضاف ان "المشروع الذي طالما راود شعوب المنطقة ينطلق من قيم التضامن وحسن الجوار والايمان بالمصير الجماعي المشترك مع الاحترام الكامل للخصوصيات الوطنية ومقومات السيادة المقدسة والمصالح العليا الحيوية".