أبو ظبي - رويترز - تعتبر رقصة العَيالة الاماراتية من التعبيرات التراثية الأصيلة التي تعبّر عن روح شعب وحضارة. يقف الرجال صفوفاً متشابكي الايدي من الخلف كأنهم بنيان مرصوص، وتقرع الطبول بينما تتمايل في الوسط فتيات اطلقن شعورهن للهواء. إنّها رقصة العيالة أو رقصة الحرب التي كان يقصد بها شحذ همم الرجال من افراد القبائل لصد الغزوات. وعلى رغم انتشار ناطحات السحاب وأحدث مظاهر العصر في مختلف ارجاء دولة الامارات، فإن حضور رقصة العيالة وغيرها من الفنون الاصيلة ينشر عبق الماضي. ورقصة العيالة التي تسمى في بعض دول الخليج الاخرى العرضة، تؤديها الفرق المحترفة خلال الزفاف والمناسبات السعيدة الاخرى، ويمكن ان يشارك فيها المدعوون. وتقتصر فرقة العيالة على العازفين على الطبول والدفوف والطاس آلات نحاسية وبعض المنشدين والراقصين، ويشاركهم الحضور في الانشاد والرقص. وتمثّل هذه الرقصة، كما يوضح سبران القبيسي من "جمعية أبو ظبي للفنون الشعبية"، الشجاعة والفروسية والبطولة والقوة العربية... ويعتبرها "تأكيداً للعصبية القبلية والوجدان القبلي. انها رقصة الحرب العربية وانتصار الشعب ودحر العدوّ واخضاعه". ومن الاغاني التي تردد في العيالة "سبحانك يا ربنا عليك اتكلنا/ تنصرنا وتعزنا للقبائل/ حتى العدو يهابنا"... وتشير دراسة متخصصة عن فنون الامارات الشعبية الى ان ثلاث مجموعات تؤدي العيالة في آن واحد. المجموعة الاولى هي الفرقة المحترفة التي تقوم بالضرب على الطبول المختلفة الاشكال والدفوف والطوس، فتقدم اللحن والايقاع الحماسي المناسب للنص المؤدى. ويترأس هذه الفرقة رجل يعلق طبلة اسطوانية الشكل، تسمى كاسر، ويدق عليها بقوة، فيصدر عنها ايقاع حماسي عالٍ. المجموعة الثانية هي من الحضور ودورها الطواف بين فرقة العزف وفرقة الانشاد والرقص. يطوف افرادها بخيلاء وكبرياء وحماسة، ممسكين بالبنادق العادية والاوتوماتيكية أو المسدسات الكبيرة أو ملوّحين بالسيوف. وخلال الطواف يقذف بعضهم بندقيته او سيفه في الهواء، ثم يتلقفه بخفة ومهارة، كدليل على النخوة والتأهب للحرب. وتقف الفرقة الثالثة، وهي فرقة رقص وغناء جماعي حول فرقتي العزف وحاملي البنادق والسيوف، وتكون من اربعة صفوف على شكل مربع او من صفين متقابلين من الرجال الذين يحملون عصي الخيزران ويلوحون بها في الهواء. وتقول الروايات ان الاصل في وقوف الفتيات اللواتي يتمايلن بشعورهن المفرودة خلال رقصة العيالة، ويطلق عليهنّ اسم "النعاشات" يعود الى ايام الحروب والغزوات، عندما كانت الفتيات تخرجن من بيوتهن وينزعن اغطية رؤوسهن ليثرن حمية الرجال وحماستهم للدفاع عن شرف القبيلة. والامارات - كما هو معروف - غنية بالآلات الموسيقية المتميزة التي تختلف احجامها. وبعض هذه الآلات وفد الى المنطقة مع الجماعات التي نزحت من الساحل الشرقي لافريقيا، وجاءت للعمل على ظهور سفن الخليج التجارية التي كانت تجوب المحيط الهندي شرقاً وشمالاً وجنوباً منذ مئات السنين. هناك مثلاً آلة الطنبورة التي تستخدم في رقصة النوبان، وهذه الآلة يزيد عمرها على 5 آلاف عام، والاعتقاد السائد ان هذه الآلة هي اصل آلة "الهارب" التي تتصدر فرق الاوركسترا السيمفونية. ويشير عبدالله أحمد محمد، نائب مدير دائرة الثقافة في وزارة الاعلام والثقافة في دولة الامارات العربية المتحدة، إلى ان الفنون الشعبية تحظى في بلاده باهتمام واسع... حتى ان رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أسس فرقة أميرية كبيرة للفنون الشعبية، تضاف الى ما يزيد على 28 فرقة فنون شعبية تشرف عليها وزارة الاعلام وترعاها، وتنتشر في ارجاء الدولة كافة. ويوضح ان كل من هذه الجمعيات تضم بين 3 و16 فرقة فنون شعبية. أما فرقة الفنون الاميرية التي يفخر بها رئيس الدولة، ويرسلها للمشاركة في كل المناسبات الوطنية في الداخل والخارج، فيزيد عدد أعضائها على ال 300 فنان. -