بيروت - "الحياة" - عشية الانتخابات الفرعية النيابية في المتن لملء المقعد الارثوذكسي الشاغر بوفاة النائب ألبير مخيبر تصاعدت حدة السجالات التي لم يغب عنها الطابع الشخصي، وسط تحضير المرشحين العدة للانتخاب حيث سيتوجه صباح اليوم 155 ألف ناخب متني موزعين على 334 قلم اقتراع للادلاء بأصواتهم وقد أدى الاستقطاب السياسي الذي سببته الحملات الى توقع ارتفاع نسبة المقترعين. وفيما انصرفت دوائر وزارة الداخلية الى استكمال الاجراءات لتأمين سير العملية الانتخابية كرر وزير الداخلية الياس المر هجومه على النائب نسيب لحود وعلى الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي وعلى مرشح المعارضة عمه غبريال المر ضد شقيقة الوزير، ميرنا. لكن وزير الداخلية وعد "المعارضة الشريفة" بفتح حوار يلي الانتخابات يتعلق بعودة العماد ميشال عون وبموضوع ملف سمير جعجع. واستغربت مصادر المعارضين ذلك قبل ساعات من الاقتراع. ورد وزير العدل سمير الجسر على قول الوزير المر ان هناك قراراً في المجلس الدستوري لا يوجب اعتماد العازل في الاقتراع فقال "انه يخالفه الرأي والعازل اجباري لأن السرية هي الاساس". اكد الرئيس اللبناني اميل لحود على وجوب التزام الدولة توفير كل الاجواء التي تؤكد حيادها من خلال تأمين انتخابات حرة ونزيهة وديموقراطية. واشار في موقف له من انتخابات المتن الفرعية، الى "وعي الناخب المتني واداركه لمسؤوليته في اختيار من يجسد امانيه وتطلعاته وحرصه على استمرار مسيرة السلم الاهلي التي اعادت لبنان الى خريطة العالم وحققت انجازات امنت الاستقرار"، ودعا الناخبين الى "ان يكونوا اوفياء للقيم التي حافظوا عليها سنوات". وطمأن وزير الداخلية الياس المر انه سيحافظ على حرية الاعلام، وهاجم "الاعلام المنحاز ومحطة ام تي في" التي يملكها عمه غبريال، متهماً اياها بالتسبب ب"قرف وشحن في المتن". ووصف المحطة بأنها "اعلام ديكتاتوري". وتمنى المر على "الطرف الآخر الذي سمعنا منه توعداً وتجنياً ان يوفر مناخاً هادئاً للناخبين وليس تشنجاً كما فعل التلفزيون الديكتاتوري". وقال: "بقدر ما سيكون الجو هادئاً في عمليات الاقتراع اليوم بقدر ما ستقود وزارة الداخلية العملية الانتخابية ادارياً وهي ستتدخل امنياً لتطبيق القانون". وأوضح انه لم يترشح للانتخابات "حتى لا تُزَج الدولة في انتخابات فرعية. وهم رشحوا غبريال المر ويدفعونني الى الترشح ولزج الدولة". وأشار الى ان غسان مخيبر إبن بيت معارض أصيل وليس طارئاً وانه أيّد ترشيحه للتزكية وفاء للمصالحة المتنية التي جرت العام 2000 مع المرحوم ألبير مخيبر. وتمنى لو ان الأخ الأصغر عمه غبريال لم يجرّح بالأخ الأكبر والده ميشال ولو ان الأخ الأكبر استوعب الأخ الأصغر ولو أن الاثنين "وفّرا على بيتنا هذه المشكلة الكبيرة". وأضاف: "والدي عامله كإبن وكأخ صغير لكن لسوء الحظ لم يكن هناك وفاء". وقال: "كان يفترض ان يحل الخلاف الشخصي بينهما". واتهم الوزير المر عمه باستخدام "ام تي في" لأغراض شخصية منذ زمن. وبرر عدم الاستمرار في سياسة مساندة ترشيح غسان مخيبر بالقول: "عندما دخلت المعركة منزلنا اضطررنا لحماية القاعدة ضد المعارضة الديموقراطية الديكتاتورية". وتمنى على الرئيس أمين الجميل الذي أيّد ترشيح عمه "ان يحكم ضميره بين اليوم أمس والغد اليوم". وميز الوزير المر بين المعارضين، معتبراً عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده ومخيبر وجبران تويني وغيرهم أنهم من المعارضين الاصليين. ووعد بأنه "سيكون هناك بعد الانتخابات سياسة متنية فوق الأحقاد والاغراض الشخصية، فضلاً عن بناء سياسة مسيحية بين معارضة بناءة ودولة متفهمة". وكرر اتهام الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي باستقدام 50 شخصاً من خارج المنطقة وضعهم حول بيته و"نيال من يصبح غنياً من وراء الشيوعية مثله...". وأشار الى انه حذره الخميس الماضي من ذلك قبل وقوع المشكلة. وعلّق على ردود الفعل على تحذيره الذي اعتبره خصومه تهديداً بالقول: "احببت ان ارفع الصوت لأوفر على قريتي مشكلة، اما اذا تم تفسير كلامي على غير ما قصدته فلا أخجل من الاعتذار أمام اللبنانيين لأنني لا اسمح لنفسي بتهديد أحد". وقال: "كفى نسيب لحود تصفية حساباته الشخصية من حساب غيره". وأعلن انه سيحول الى القضاء بعد الانتخابات ملفاً في حق الاشخاص الذين قبضوا أموالاً من غبريال المر ونسيب لحود "وأتمنى ألا يقول احد ان هناك احقاداً، والملف حالياً قيد التكوين لدى الشرطة القضائية". وعن الحوار السياسي مع المعارضة قال: "بدأنا تجربة مع جبران تويني والشيخ بطرس حرب والسيدة نايلة معوض وميشال معوض وفجأة اتهموا تويني بأنه يتعاطى مع السلطة، ينبغي ان تمر الساعات المقبلة لنعود ونفكر معاً، الدولة والمعارضة الاصيلة والشريفة لوضع ورقة عمل مشتركة، ولدى رئيس الجمهورية رغبة كبيرة وعندها تبحث كل الملفات مثل ملف العماد ميشال عون وأهلاً وسهلاً به وليعد وأنا مسؤول عن حمايته. وكذلك ملف الدكتور سمير جعجع". وأكد المرشح الدكتور غسان مخيبر "الاستمرار في خوض المعركة الانتخابية حتى النهاية"، داعياً "المتنيين الى الاقتراع بضميرهم للمعارضة الديموقراطية". وجاء كلام مخيبر في مؤتمر صحافي عقده في مقر حزب الكتلة الوطنية في حضور العميد كارلوس إده والأمين العام للحزب انطوان قليموس وممثل الحزب التقدمي الاشتراكي النائب اكرم شهيب والنائب عبدالله فرحات، اضافة الى المرشح المنسحب جبران تويني. وأكد إده في كلمة ترحيبية تأييد الكتلة لمخيبر. وقال: "نحن لا نقوم بمعركة ضد احد، المعركة هي بين اشخاص يريدون ان يكونوا مواطنين وآخرين يريدون ان يبقوا أزلاماً، بين اشخاص يريدون الخدمات والوساطة وآخرين يريدون حقوقهم". وقارن إده المعارضين ب"كوكا كولا كلاسيك" و"كوكا كولا لايت". وقال: "معارضتنا هي "كوكا كولا كلاسيك" وهي الأقدم والأثبت وما دام هناك أناس يحبون ان يشربوا منها ستستمر معارضتنا". ثم وجه المرشح مخيبر كلمة الى المتنيين قال فيها: "اننا وإياكم في ورشة بناء المعارضة الثابتة والجريئة من اجل بناء الدولة الواحدة لجميع ابنائها من دون تمييز دولة الاستقلال والسيادة والقرار الحر والقانون والحريات، من دون فساد أو افساد او استغلال للسلطة". وأضاف: "سوانا يعتمد على منطق تحكم المحادل والماكينات الانتخابية وعلى المصالح والمال والاعلام وبتحكم الاكثريات بقرار الاقليات ونؤمن نحن بديموقراطية المنطق والحق في الاختلاف، فعودوا الى مسيرة مخيبر والعميد ريمون إده في مواقفهما من اتفاقي القاهرة والطائف ومن الوجود العسكري السوري في لبنان ومن حكم الميليشيات وتسلطها". ثم تحدث شهيب باسم الاشتراكي فدعا السلطة "الى الوقوف على الحياد وأن تجرى الانتخابات بصورة نزيهة". وقال: "إن دعمنا للمرشح مخيبر يأتي لما يمثل من خط سياسي هو خط المرحوم الدكتور ألبير نموذج السياسي اللبناني الصلب الذي نلتقي معه في امور عدة ونختلف على بعض الأمور، ونسجل له موقفه من اجل وحدة لبنان والدعوة الى الحريات والديموقراطية". وأضاف: "دعوتنا الى انتخابات نزيهة جاءت بعد التجييش الكبير الذي حصل في الأسابيع الماضية وان ما يجري سيئ وطنياً وليس في المستوى الاخلاقي". وقال: "ان الامتحان السياسي هو بالموقف والموقع وليس بعراضات تعمق الانقسام". في المقابل، دعا رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون اهل المتن الى الاقتراع بكثافة لحسم خيارهم. وقال: "لقد تبين لأهل المتن كم هو حجم التدخلات في هذه الانتخابات وحتى من خارج المنطقة حيث أصبحت المعركة وطنية ونحن مضطرون الى تحميل أولاد المتن مسؤولية النجاح في هذه المعركة". وأضاف: "اذا كنا سنستند الى كلام المسؤولين اعتقد ان المعركة سائرة في الاتجاه الذي لا ينبغي ان تسير فيه مع وجود تدخلات وضغوط". وقال: "عندما نرى ان وزير الداخلية الياس المر يقول للناس انه يمكنهم التصويت من دون عازل فهذه مسألة خطيرة جداً". وشن الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني فاروق دحروج هجوماً آخر أمس على الوزير المر واتهمه بتسخير وزارته وكل من يتبعها من اجهزة في خدمة المعركة الانتخابية لشقيقته حفاظاً على امارة اقامها والده ميشال المر. وقال "ان معاليه بدل ان يصمت يهدد باعتقال خصومه وتصفية من يتعرض للمزورين". وطالب الدولة برؤسائها الثلاثة ب"حماية أمن المواطنين وباعادة وزير الداخلية الى ما يفرضه عليه موقعه وإلا اصبحنا في غابة فيأخذ كل ذي حق حقه بيده كما فعل معاليه مع أحد زملائه".