نفذ العراق أمس تهديده باستخدام النفط سلاحاً في مواجهته المعلنة مع الولاياتالمتحدة، وبعد ساعات قليلة على القمة البريطانية - الأميركية في تكساس، والتي أكدت أن واشنطن تعد العدة لضرب العراق وإطاحة نظام الرئيس صدام حسين، في فترة لا تعدو سنة. وساد انقسام بين منتجي النفط حول تأييد الخطوة العراقية، وسط اهتمام دولي بنتائج الحظر وانعكاساته. أعلن الرئيس صدام حسين في خطاب بثه التلفزيون صباح أمس، في أعقاب اجتماع لمجلس الوزراء أن أعضاء المجلس "قرروا باسم شعب العراق الوفي المؤمن المجاهد الأمين، مخبر المعاني العالية، وذخيرة وبيرق أمته المجيدة، وقف تصدير النفط في صورة كلية اعتباراً من بعد ظهر اليوم أمس، الثامن من نيسان ابريل، عبر الأنابيب المتجهة إلى الميناء التركي على البحر المتوسط وعبر موانئنا في الجنوب، ولمدة 30 يوماً، ثم ننظر...أو حتى تنسحب جيوش الكيان الصهيوني من دون قيد أو شرط من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها، وتحترم إرادة شعب فلسطين وإرادة الأمة العربية في حقها في السيادة والأمن والكرامة والحياة". وأضاف أن القرار موجه أساساً ضد اسرائيل والولاياتالمتحدة، وليس ضد أحد غيرهما و"لا يقصد منه إيذاء إلا من قرر إيذاء الأمة العربية ومنها شعب فلسطين ... الأعزل". وبعد قليل من خطاب صدام، أعلنت وزارة النفط العراقية في بيان وقف تحميل شحنات النفط من مرفأ جيهان التركي والبكر العراقي، لمدة شهر. وأثارت الخطوة رد فعل قلقاً في الأسواق الدولية، وردود فعل متفاوتة لدى شركاء العراق في منظمة "أوبك" للبلدان المصدرة للنفط. وانقسمت المواقف أمس بين مؤيد للخطوة ومعارض لها في الشرق الأوسط. وبدت ايران وليبيا وحدهما في صف الدول المؤيدة للتلويح باستخدام النفط كأداة ضغط سياسي، وإن كانت خطواتهما وتصريحات المسؤولين فيهما على قدر كبير من الحذر واشترطت تحقيق اجماع عربي وإسلامي. وكانت تصريحات مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي الجمعة الماضي، الداعية إلى قطع النفط لمدة شهر، أظهرت أن هناك تأييداً متزايداً في طهران لفكرة الحظر النفطي، ما عكسه بيان لوزارة الخارجية، صدر قبل الاعلان العراقي، يؤيد فكرة المقاطعة النفطية كخطوة "رمزية" ويشترط مساندة الدول المعنية الأخرى ل"ممارسة ضغط على الصهاينة وحماتهم" من أجل الانسحاب من الأراضي الفلسطينية. وأبدت ليبيا تأييداً مماثلاً شرط الحصول على اجماع عربي يعزز فاعلية هذه الخطوة "لوقف قطار الموت الصهيوني في فلسطين". أما السعودية، وهي أكبر مصدّر في العالم للنفط وأقوى عضو في "أوبك"، فأعلنت رفضها استخدام النفط كسلاح سياسي. وقال وزير النفط علي النعيمي إن بلاده ملتزمة ضمان الاستقرار في سوق النفط الدولية، وتسعى في الوقت ذاته إلى تحديد سعر عادل للنفط، مؤكداً رفض بلاده استخدام النفط كسلاح لممارسة ضغط سياسي على الغرب. وقال"الحياة" إنه لا يعتقد بوجود علاقة بين النفط والأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف: "أعتقد أن موقف المملكة بالنسبة إلى حرصها على ضمان الامدادات تم التأكيد عليه في أكثر من مناسبة"، مؤكداً أنه "ليس هناك أي شيء يهدد ضمان الامدادات على المستوى العالمي". وعما إذا كانت السعودية ستستخدم نفوذها وتأثيرها للحفاظ على استقرار أسعار النفط في العالم، في ظل مطالبة العراقوايران باستخدامه كسلاح، قال النعيمي: "أظهرنا خلال الكثير من الأزمات أن المملكة وأوبك هما داعمان وضامنان للنفط في الأسواق الدولية. وبغض النظر عما يقال هنا وهناك، فإن الالتزام بدعم سعر ثابت ومضمون يُعتمد عليه سيستمر". وقال وزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله العطية: "لا نقص في إمدادات النفط حالياً، وليس هناك سبب أو مبرر لزيادة إنتاج أوبك الآن". وزاد ان "أوبك ستتدخل إذا حدث نقص، لاعادة التوازن بين الطلب والعرض. ولكن إذا كان هذا التوازن غير متوافر حالياً فلن نذهب إلى أي زيادة تحت تأثير السعر السياسي". وتابع ان "أوبك منظمة دولية وليست عربية، ولا علاقة لها بما يحصل من أمور في الشرق الأوسط. لنكن واقعيين فهناك دول كثيرة منتجة للنفط غير عربية، وهي خارج أوبك، ونبحث معها دائماً تحديد انتاجها لاعادة الاستقرار للأسعار سيما وأن هناك كمية كبيرة من النفط في الأسواق الآن". ورأى "أن العرب إذا استخدموا سلاح النفط فإن ذلك سيرتد عليهم سلباً، وسيعاقب هذا الأمر دولاً صديقة ونامية، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار ارتفاعاً كبيراً في فترة قصيرة، ملحقاً ضرراً كبيراً بدول نامية صديقة". وفيما توقعت مصادر نفطية خليجية أن يبقى قرار العراق وقف صادراته شهراً "خطوة منفردة"، في ظل المشاورات التي ستجرى اليوم بين دول "أوبك"، قال وزير النفط الجزائري شكيب خليل إن المنظمة ترفض استخدام صادرات النفط كسلاح سياسي، مؤكداً أن المنظمة التي "تضم أعضاء غير عرب رفضت هذه الفكرة رسمياً".