لم يبحث الاجتماع الطارئ الذي عقدته "منظمة المؤتمر الاسلامي" في كوالالمبور في تحويل النفط الى "سلاح إسلامي" يستخدم ضد الولاياتالمتحدة كما رغب العراق، حينما طالب يوم الاثنين في بيان صادر عن حزب البعث الحاكم في بغداد، بقطع إمدادات النفط عن الدول المؤيدة لاسرائيل. أكد الأمين العام لمنظمة "أوبك" الدكتور علي رودريغيز، في حديث هاتفي مع "الحياة"، ان لا داعي لأن تعقد المنظمة حالياً اجتماعاً للنظر في زيادة انتاجها، لأن الارتفاع الحالي في اسعار النفط ليس مرده الى نقص في الكميات النفطية، أو الى خلل في التوازن بين العرض والطلب، وانما هو ناجم عن المضاربات والأوضاع السياسية غير المستقرة. وذكر انه اجرى اتصالات هاتفية مع وزراء نفط "أوبك" ومع رئيس المنظمة رلوانو لقمان. وتابع رودريغيز: "ليس لدينا واقع في السوق يفرض علينا التحرك، ولكن اذا أثرت الحرب الدائرة في الشرق الأوسط في العرض النفطي، فإن أوبك ستتحرك لتأمين استقرار السوق". وأضاف ان هناك الآن سوقين تؤثران في الأسعار هما السوق الفعلية والسوق المستقبلية التي تشهد مضاربات عدة في أسواق الأوراق. وعن اقتراح العراقوايران العضوين في أوبك استخدام النفط كسلاح سياسي في الحرب على الفلسطينيين، قال ان موقف "أوبك" يقضي بضمان استقرار العرض النفطي واستقرار السوق، وان واقع السوق لا يشهد الآن أي تهديد. الى ذلك، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في حديث الى صحيفة "لوموند" الفرنسية، ان العرب بأمس الحاجة الى نفطهم لأغراض التنمية، وانهم اذا أرادوا تعزيز انفسهم أمام الهجمة الاسرائيلية فلا خيار أمامهم سوى الاستمرار في استغلال نفطهم وغازهم. واضاف ان اسرائيل تعتمد على الولاياتالمتحدة، وانه ليس هناك أي بلد في العالم يمكنه القول للدول العربية "نحن مستعدون لتزويدكم كل ما تحتاجون من سلاح ومال"، ومن دون موارد نفطية "كيف يمكننا دعم الانتفاضة وكفاح الفلسطينيين ليستعيدوا حقوقهم؟". "سلاح النفط" في كوالالمبور وبدا واضحاً أمس من ردود فعل الدول المشاركة أن الاقتراح العراقي الذي لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال، لقي استجابة فاترة من الدول الاسلامية الأعضاء المصدرة للنفط، وفي طليعتها دول مجلس التعاون وأندونيسيا. إلا أن الاقتراح العراقي أثار القلق في الأسواق الدولية وأدى إلى انخفاض أسهم شركات الاتصالات والتكنولوجيا وسعر صرف الدولار وارتفاع سعر الذهب والمعادن الثمينة، في وقت قارب برميل النفط 27 دولاراً. وسادت الأسواق العالمية مخاوف من تكرار نتائج الصدمة الاقتصادية العالمية التي أدى اليها ارتفاع أسعار النفط بمقدار أربعة أضعاف عام 1973، بعد توقف البلدان العربية عن تصدير النفط، ولمدة ستة شهور آنذاك راجع ص 11. ويعاني الاقتصاد الأميركي من صعوبات للعودة إلى مرحلة التعافي. ومن شأن صدمة نفطية مفاجئة أن تدخله والعالم في دوامة من الركود، وهو ما يفسر حرص العراق على التلويح باستخدام النفط كسلاح سياسي. إلا أنه بدا واضحاً أن البلدان المجتمعة، وماليزيا، البلد المضيف، حرصوا على إبقاء اللقاء السابع والخمسين لدول المنظمة، منصباً على السعي الى بلورة تعريف واضح للارهاب الذي قرنته واشنطن منذ 11 أيلول سبتمبر بالحركات الاسلامية، وتجنب التصعيد مع واشنطن والغرب عموماً. وكان العراق سعى الى استقطاب ايران، على اعتبار أن البلدين هما الأكثر بعداً عن إقامة علاقات ودية مع واشنطن، وبالتالي الأكثر قدرة على تبني خطة لوقف تصدير النفط إلى الولاياتالمتحدة. إلا أن وزير الخارجية الايراني كمال خرازي، ومع إبدائه تأييد بلاده المبدئي للفكرة، كان حذراً في اشتراطه ربط أي خطوة من هذا القبيل بالحصول على موافقة جماعية لدول المنظمة، وهي موافقة تأكد منذ أول من أمس، وعقب نشر نبأ الاقتراح العراقي في الصحف العراقية، أنها ستكون متعذرة. ونقل عن مسؤول كويتي اعتراضه على الاقتراح لأن الخطوة "سلاح ذو حدين" وستكون مضرة بمصالح المصدرين على المديين القصير والطويل أكثر ما تضر الولاياتالمتحدة. وتملك البلدان العربية المصدرة للنفط أكثر من ثلثي المخزون العالمي المؤكد من النفط، وهي تصدر قرابة 20 مليون برميا يومياً من أصل 76 مليوناً يستهلكها العالم. وتستورد الولاياتالمتحدة وحدها عشرة ملايين برميل يومياً، سبعة ملايين منها مصدرها الشرق الأوسط. وحذّرت مؤسسة "بروكنغز" المتخصصة أمس من أن انقطاع الواردات من الشرق الأوسط قد يرفع سعر برميل النفط الى 75 دولاراً، مشيرة إلى عدم وجود بديل آني لهذه الواردات، لا من حقول الانتاج الأميركية، ولا من واردات روسيا والدول الأخرى المنتجة. وأعرب المحللون عن اعتقادهم بأن موقف السعودية التي اكتفت بارسال وفد صغير المستوى سيكون حاسماً خصوصاً أنها أكبر مصدر للنفط في العالم. إلا أن امتناعها عن التعليق على الاقتراح العراقي أعطى الانطباع بأن الفكرة لن تجد أي تأييد. واكتفى وزير العدل الأندونيسي يسر ماهندرا بتأكيد رفض بلاده السير في ركاب المقترح العراقي، مشيراً إلى أنه من الصعب التوصل الى إجماع داخل منظمة "أوبك" للدول المصدرة للنفط. وبدا لافتاً أمس أن العراق الذي يصدر 6،1 مليون برميل يومياً، والذي يتجه أغلب صادراته الى السوق الأميركية، واصل أمس عمليات التصدير في صورة معتادة من مرفأ البكر العراقي، ومن مرفأ جيهان التركي، في وقت قال وزير الخارجية العراقي بالوكالة همام عبد الخالق إن بلاده "مستعد للمباشرة بقطع النفط عن الولاياتالمتحدة في صورة مشتركة مع ايران ومع كل من يقرر ذلك من دون اشتراط اجماع" الدول المنتجة للنفط.