إسلام آباد - "الحياة"، رويترز - تعهدت الاحزاب السياسية الرئيسة في باكستان مقاطعة الاستفتاء الذي دعا الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف الى اجرائه الشهر المقبل لتمديد ولايته. وقال نواب زاده نصرالله خان رئيس التحالف من اجل استعادة الديموقراطية في مؤتمر صحافي امس: "قررنا مقاطعة هذا الاستفتاء ورفضه رفضاً قاطعاً، ونعتبره مخالفاً للدستور وغير قانوني". ويمثل التحالف 15 حزباً بينها حزب الشعب بزعامة بينظير بوتو والرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف المقيم في المنفى. وكان الرئيس الباكستاني تراجع عما صرح به غير مرة في شأن عدم رغبته في البقاء في السلطة أكثر من الفترة التي منحته إياها المحكمة العليا وهي ثلاث سنوات ينتهي العمل بها في الأول من تشرين الأول اكتوبر المقبل وهو الموعد الذي حدده لإجراء انتخابات عامة في البلاد. ودعا مساء الجمعة الماضي إلى إجراء استفتاء عام في الأسبوع الأول من أيار مايو المقبل يُستفتى فيه الشعب بسؤال عمومي واحد: هل تؤيد استمرارية السياسة الحالية أم لا؟ ويأتي ذلك على غرار استفتاء أجراه في مطلع الثمانينات الرئيس الباكستاني الراحل الجنرال ضياء الحق الذي خرج من رحم المؤسسة العسكرية بانقلابه على رئيس الوزراء المنتخب آنذاك ذو الفقار علي بوتو، وهو ما فعله مشرف نفسه بانقلابه على رئيس الوزراء المنتخب نواز شريف في تشرين الاول اكتوبر 1999. ويراهن كثر من المناهضين لمشرف على أن الاجواء المحلية والاقليمية والدولية تختلف في شكل كبير عما كانت عليه ايام ضياء الحق، مشيرة الى ان الاخير كان يتمتع بدعم شعبي وإسلامي قوي بسبب وقوفه إلى جانب القضية الأفغانية ودعم المجاهدين في حربهم ضد الاتحاد السوفياتي، لذا كان من الصعب على أحد أن يعارضه. وعلى رغم معارضة حزب الشعب الباكستاني بزعامة بينظير بوتو حينها للرئيس الباكستاني، فان تلك المعارضة لم تسفر عن نتيجة في حينه، لحاجة الجميع إلى ضياء الحق في دعم القتال ضد الاتحاد السوفياتي، ولانحسار المعارضة في حزب الشعب الذي لديه ثأر شخصي مع ضياء الحق الذي أعدم زعيمه ذو الفقار علي بوتو. لكن الأجواء الحالية تختلف، فمع وجود الدعم الغربي وتحديداً الأميركي اللامحدود لمشرف مكافأة له على وقوفه إلى جانب واشنطن في حربها على ما يوصف ب"الإرهاب" في أفغانستان، فان هذا الوقوف خلق للرئيس الباكستاني عداوات داخلية أفقدته تأييد القوى الاسلامية الحية والناشطة شعبياً، إضافة الى عداء حزب الشعب والرابطة الإسلامية لخطواته، الأمر الذي سيجعله منعزلاً تماماً داخلياً، خصوصاً وأنه لا يملك أي حزب سياسي قادر على التعبئة والحشد الجماهيري. وبدءاً من التاسع من الشهر الجاري، سيخرج الرئيس الباكستاني من دائرة إسلام آباد و مسألة تسيير الأمور فيها من خلال المستشارين، إلى الاتصال في شكل مباشر مع الشعب وهي مرحلة جديدة وتحدٍ حقيقي له، وذلك من خلال عقده أول اجتماع عام شعبي في لاهور وهو ما قد يشكل امتحاناً لشعبيته وقدرته على التواصل مع الجماهير. وفي حال حصلت الانتخابات العامة في موعدها المقرر ونجح الرئيس في استفتائه، فإن المشهد السياسي الباكستاني سيكون توليفة غريبة وعجيبة لم تعرف مثلها الحياة السياسية الباكستانية، على أساس أن الحكومة التي ستفرزها الانتخابات المقررة، ستكون ممثلة شعبياً والرئيس سيكون مستفتى عليه شعبياً، وبالتالي لا يوجد فضل لأحد على الآخر في الاختيار، في حين ينص الدستور الباكستاني على أن يتم انتخاب الرئيس من أعضاء مجلسي البرلمان والشيوخ. وكانت الممارسة العملية لبعض الرؤوساء الباكستانيين السابقين تقضي بتعيين رؤوساء الوزراء بأنفسهم أو من خلال انتخابات غير حزبية، بخلاف الوضع الراهن، ولذا ستكون التجربة السياسية المقبلة جديدة بالكامل، لا يعرف احد إلى أين تقود البلاد، ولا كيف ستكون العلاقة بين رئيس وحكومة مفروزة من أحزاب معارضة للرئيس.