شككت القوة الدولية العاملة في كابول ايساف في صحة "مؤامرة الانقلاب" التي تذرعت بها الحكومة الافغانية الموقتة لاعتقال اكثر من 602 شخصاً من اتباع زعيم الحزب الاسلامي الافغاني قلب الدين حكمتيار، مطالبة السلطات المحلية باعطاء توضيحات حول هذا التصرف الذي لم تعلمها به مسبقاً. ورجح البعض ان تكون الحادثة تصفية حسابات قديمة بين الفصائل المتناحرة. كابول، إسلام آباد - أ ف ب، رويترز، أ ب - طالبت القوة الدولية لحفظ الامن في العاصمة الافغانية كابول ايساف السلطات الافغانية تقديم تفسير واضح لحملة الاعتقالات التي شنتها ضد مئات من الاشخاص واتهمتهم بتحضير "مؤامرة انقلاب" ضد حكومة حميد كارزاي الموقتة، من دون اعلام القوة الدولية مسبقاً. وقال الناطق باسم القوة الدولية توني مارشل: "اذا كانوا يخافون من انقلاب ما، فيجب عليهم اعلامنا بالدرجة الاولى". وأضاف: "اننا قلقون جداً ونعي احتمال حصول سوء ما. ولكن دور ايساف واضح وهو تسهيل عمل الادارة الانتقالية". وكانت السلطات الافغانية قامت اخيراً باعتقال حوالى 602 شخصاً من اتباع الزعيم الافغاني قلب الدين حكمتيار بتهمة "التآمر لقلب النظام والتعرض للقوات الدولية". وبين المعتقلين رئيس الاستخبارات السابق وحيد الله سباون. واعلنت وسائل الاعلام الحكومية الافغانية ان اجهزة الاستخبارات اوقفت اشخاصاً موالين لحكمتيار وهو رئيس سابق للوزراء عاش في المنفى، اثر تقارير عن تورط هؤلاء في مؤامرة تستهدف الحكومة الانتقالية. ولم تعط الحكومة الافغانية اي تفاصيل اخرى ولم تصدر بياناً بعد الاعتقال كما انها لم تعلن عن الاثباتات التي ارتكزت اليها حملة الاعتقالات. وقال وزير الداخلية يونس قانوني ان الاهداف الحقيقية لهذه المجموعة ستظهر خلال التحقيق. واضاف انه عثر معهم على متفجرات ومعدات تحكم عن بعد ووثائق تحوي خططاً "لاعمال ارهابية والاستيلاء على السلطة وقلب النظام". وقال مسؤول شؤون الشرطة في وزارة الداخلية الجنرال دين محمد جورات ان هؤلاء الرجال "حاولوا تنفيذ سلسلة من الانفجارات في مدينة كابول". تصفية حسابات وتحدث الجنرال شاهنواز تاني وزير الدفاع السابق في عهد الرئيس السابق نجيب الله عن احتمال ان تكون المسألة تنطوي على تصفية حسابات قديمة بين فصائل متناحرة. وقال: "من المحتمل جداً ان تكون هذه الاعتقالات مرتبطة بالخصومة الشرسة القائمة بين الحزب الاسلامي والجماعة الاسلامية"، وهي فصيل طاجيكي رئيسي في تحالف الشمال يتزعمه الرئيس السابق برهان الدين رباني. وتابع الجنرال تاني ان "التاريخ المشترك لهذين الحزبين يقوم على عقدين من الحقد والكراهية والعنف". ويرى المحللون ان حملة الاعتقالات هذه ابرزت هشاشة سلطة حميد كارزاي في مستنقع الحياة السياسية الافغانية في فترة ما بعد "طالبان". ورأى ديبلوماسي غربي عامل في كابول امس ان الحادث ينطوي على "انذار خطير لحكومة كارزاي". واوضح ان هذه المسألة "تطرح مجدداً مشكلة هشاشة رئيس الحكومة الذي لا يحظى بدعم عسكري خاص به، ويتحتم عليه الاعتماد على تحالف الشمال". كذلك عبر استاذ التاريخ المعاصر في جامعة كابول عزيز احمد رحمن عن رأي مماثل، معتبراً ان "مشكلة كارزاي هي انه معزول جداً ولا يتمتع بسلطة عسكرية". ويسيطر تحالف الشمال المؤلف من اقلية الطاجيك على الحكومة الانتقالية الحالية، بعدما قاتل قوات "طالبان". غير ان كارزاي المتحدر من اتنية البشتون التي تمثل الغالبية في افغانستان، لا ينتمي اليه. وفي غضون ذلك نفى ناطق باسم حكمتيار اول من امس، اي تورط للحزب الاسلامي في المؤامرة ضد الحكومة الافغانية الموقتة التي اعلنت سلطات كابول انها احبطتها. وقال الناطق باسم الحزب في باكستان غيرت بهير ان الحزب الاسلامي "لا علاقة له بهذه المؤامرة المزعومة او الاعتقالات". واضاف ان ذلك "ياتي في اطار نزاع بين فصائل في تحالف الشمال لتوسيع نطاق نفوذهم في افغانستان". ولم يظهر حكمتيار منذ بضعة اشهر، على رغم رواج اشاعات عدة اشارت الى انه عاد الى افغانستان، بعد ان نفي الى ايران طوال خمس سنوات في ظل نظام "طالبان". وقال مراقب دولي ان حكمتيار "يريد العودة الى الساحة السياسية وهو مستعد لزعزعة الحكومة. لكنه رجل من الماضي. يبقى ان نعرف من سيسانده"، مذكراً بأن حكمتيار حظي بحماية الاجهزة السرية الباكستانية طوال 15 عاماً قبل ان تفضل عليه حركة "طالبان". واعتبر الخبير الباكستاني في الشؤون الافغانية كمال متين الدين امس، ان هذه المؤامرة "تشير الى ان افغانستان ما زالت بعيدة عن تحقيق السلام والاستقرار". واضاف ان حكمتيار "لا يؤيد الادارة الحالية، ومن المحتمل بالتالي ان يكون استخدم القوة ليحاول قلبها". وكان حكمتيار احد ابرز قادة المجاهدين ضد الغزو السوفياتي خلال الثمانينات، دان التدخل الاميركي في افغانستان وهو لا يعترف بشرعية الحكومة الانتقالية بزعامة كارزاي.