نجحت ما وصفته الشرطة الأميركية أكبر تظاهرة تأييد للشعب الفلسطيني على الاطلاق في العاصمة الأميركية في اختراق قاعة اجتماعات وزراء المال في احدى أهم لجان صندوق النقد الدولي، الذين أكدوا في ختام محادثاتهم ثقتهم أن الاقتصاد العالمي تجاوز مرحلة الركود وانتقل الى الانتعاش، لكنهم حذروا من مخاطر تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط وشددوا على أهمية استقرار أسواق النفط عند أسعار مناسبة للدول المستهلكة والمنتجة على حد سواء. أكد وزراء المال في اللجنة المالية لصندوق النقد الدولي، التي تضم في عضويتها 24 دولة من ضمنها الدول الصناعية السبع الكبرى والصين والسعودية والامارات، أن آفاق الاقتصاد العالمي تحسنت بشكل ملحوظ وأن التحدي الراهن يتطلب من "الحكومات" المساعدة على ضمان استمرارية هذا الانتعاش وتقليل المخاطر الناجمة عن المسائل الأمنية في العالم، لا سيما تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط. وامتنعت اللجنة المالية في بيان عن توجيه اصبع الاتهام الى أسعار النفط الخام، باعتبارها خطراً يهدد انتعاش الاقتصاد العالمي، اذ شددت بشكل ملفت على أهمية استقرار أسواق النفط عند أسعار "معقولة" لكل من الدول المستهلكة والمنتجة، وذلك على النقيض من وزراء المال في الدول الصناعية الكبرى الذين ذكروا في بيان منفصل أن "الانتعاش الاقتصادي يواجه مخاطر، من ضمنها تلك الناجمة عن أسواق النفط". يشار الى أن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك تعتبر الأسعار الراهنة للنفط الخام التي تقترب من 25 دولاراً للبرميل مستوى مناسباً للدول المنتجة والمستهلكة وكذلك للاقتصاد العالمي. وأكدت اللجنة المالية على المسؤولية التي تحملها الدول ذات الاقتصادات الصناعية المتقدمة للعمل على ضمان قوة الانتعاش الاقتصادي الراهن وديمومته من طريق الاستمرار في تطبيق سياسات نقدية داعمة للنمو وابقاء التضخم تحت السيطرة، بينما أشاروا الى أن الدول التي حققت اقتصاداتها درجة متقدمة من الانتعاش الولاياتالمتحدة وكندا قد تحتاج الى اعادة النظر في اجراءات تشديد السياسات المالية والنقدية في مرحلة لاحقة كإجراء احترازي ضد التضخم. وأبدى الوزراء ارتياحاً لعدم انتشار أزمة الأرجنتين، التي تجد نفسها عاجزة عن خدمة دين هائل يناهز 140 بليون دولار. وقالوا انهم تشجعوا لأن الكثير من الاقتصادات الناشئة أصبح أكثر قدرة على مواجهة الصدمات من جراء تبني سياسات اقتصادية سليمة، الا أنهم طالبوا هذه الاقتصادات باتخاذ المزيد من الخطوات لدعم أوضاعها المالية والاسراع في تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي. وحضوا الحكومة الأرجنتينية على التحرك بسرعة للاتفاق على برنامج اقتصادي قابل للاستمرار يحظى بدعم صندوق النقد. وكانت مجموعة الدول الصناعية الكبرى أعربت في بيانها عن قلقها العميق ازاء الأزمة المتفاقمة في الأرجنتين وأطلقت "اطار عمل" اعتبرته أداة قوية لمنع حدوث الأزمات المالية وادارتها في حال حدوثها وأكدت أن مبادرتها، التي تقترح الحد من نفوذ الدائنين في أوقات الأزمات ومنح الدول المدينة فرصة أكبر لاعادة جدولة ديونها بدل اعلان افلاسها، ستعمل على دعم الاستقرار والنمو والمستوى المعيشي في الاقتصادات الناشئة. وحول مسألة المساعدات الانمائية أكدت اللجنة المالية، التي أدار اجتماعها وزير الخزانة البريطاني غوردن براون، دعمها القوي لالتزام المجتمع الدولي في المؤتمر الذي عقد في مدينة مونتيري المكسيكية أخيراً العمل على مكافحة الفقر عبر سياسات سليمة تتبناها الدول الفقيرة وزيادة المساعدات من قبل الدول المانحة. ورحبت بالمبادرات التي أطلقها الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وكندا أخيراً لزيادة المساعدات الرسمية وحضت على تحقيق المزيد من التقدم على هذا الصعيد. ورحبت لجنة ال24 التي تمثل الدول النامية لدى المؤسسات المالية الدولية بالمبادرات المشار اليها، لكنها أكدت على ضرورة تسريع عملية صرف هذه المساعدات، لا سيما للدول الأكثر فقراً. كما حضت الدول المانحة على الوفاء بالتزامها تخصيص 0.7 في المئة من نواتجها المحلية للمساعدات. واعتبرت ذلك عاملاً حاسماً في تحقيق أهداف التنمية للألفية الثالثة وأهمها خفض عدد الفقراء في العالم الى النصف بحلول سنة 2015. وجاءت اجتماعات وزراء المال في مجموعة الدول الصناعية الكبرى واللجنة المالية لصندوق النقد ولجنة ال24 في اطار اجتماعات الربيع المشتركة لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد وعلى هامشها، وتركزت الاجتماعات الأخيرة على متابعة أعمال المؤسسات المالية الدولية واختتمت أمس.