أبرزت السعودية التضحيات التي تقدمها الدول المنتجة للنفط من أجل المساعدة في اخراج الاقتصاد الدولي من محنته ووضعت الدول الصناعية الكبرى، لا سيما الولاياتالمتحدة، أمام مسؤولياتها في هذا المجال مؤكدة أن اعادة النظر في الضرائب العالية التي تفرضها هذه الدول على النفط الخام والمشتقات النفطية في أسواقها في الظروف الراهنة من شأنها المساهمة في حفز النمو الاقتصادي. وقال رئيس مؤسسة النقد العربي في السعودية حمد السياري في اجتماع اللجنة الوزارية لمجلسي المديرين التنفيذيين للبنك وصندوق النقد الدوليين في أوتاوا الأحد الماضي: "ان الدول المنتجة للنفط تعبر من جديد عن تفهمها وروحها التعاونية في التعامل مع التحديات التي يواجهها الاقتصاد الدولي، وتقدم دعمها الكامل للجهود المبذولة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وذلك حين تتحمل في الظروف الدقيقة للمرحلة الراهنة انخفاض أسعار النفط الى مستويات غير عادية". وتعرضت أسعار النفط لهزات متلاحقة بعد هجمات 11 أيلول سبتمبر، ويعتقد صندوق النقد الدولي في أحدث تقديراته أن هذه الأسعار ستنزلق بنسبة 11.4 في المئة السنة الجارية وبنسبة 16 في المئة السنة المقبلة، فيما يجمع الاقتصاديون الأميركيون على أن تدهور أسعار النفط ساهم، ضمن جملة من العوامل المهمة، في المكاسب القوية التي حققتها مؤشرات الأسهم الأميركية لا سيما داو جونز الصناعي ونازداك المجمع اللذين قفزا بنسبتي 20 و30 في المئة على التوالي منذ 21 أيلول الماضي. وأوضح السياري، في الاجتماع الذي ناقش انعكاسات الأحداث الأخيرة على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، أن الركود الراهن بدأ فعلياً في الولاياتالمتحدة منتصف عام 2000 وتفاقم بسبب أحداث 11 أيلول، وأن التباطؤ المتزامن الذي تشهده الاقتصادات الأميركية والأوروبية واليابانية وللمرة الأولى منذ منتصف السبعينات أدى الى تقلص نسبة نمو التجارة الدولية من 13.3 في المئة العام الماضي الى نحو واحد في المئة السنة الجارية. وعن معاناة الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد والتجارة الدوليين لفت المسؤول السعودي الى أحدث تقديرات البنك الدولي التي تفيد أن صادرات الدول النامية التي حققت نمواً بنسبة 19 في المئة العام الماضي لن تنمو بأكثر من 2 في المئة السنة الجارية مشيراً على الصعيد نفسه الى الانخفاض الحاد الذي سجلته أسعار النفط والمواد الأولية وكذلك التراجع المتوقع في التدفقات الاستثمارية على الدول النامية السنة الجارية. وأعرب السياري عن ترحيب بلاده باجراءات تخفيف السياسة النقدية العاجلة التي اتخذها مجلس الاحتياط الفيديرالي والمصارف المركزية في الدول الصناعية والناشئة لكنه شدد على الحاجة لاتخاذ المزيد من هذه الاجراءات علاوة على تبني مجموعة من الحوافز المالية في الدول الصناعية وعلى وجه الخصوص في دول الاتحاد الأوروبي. إعادة النظر بضرائب النفط وأكد المسؤول السعودي أن الظروف الراهنة تتيح فرصة طيبة كي تعيد الدول الصناعية النظر في سياساتها المتعلقة بفرض الضرائب على النفط والمشتقات النفطية كجزء من الحوافز المالية التي تحتاجها اقتصاداتها وأوضح أن خفض الضرائب المفروضة على النفط والمشتقات التي تصل حصيلتها في الدول المستهلكة الى ضعف اجمالي العائدات التي تجنيها منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك من شأنه تحسين فاعلية الأداء الاقتصادي لشركات الدول الصناعية وتعويضها جزئياً عن الزيادات الكبيرة التي سجلتها أكلاف النقل والتأمين في الآونة الأخيرة. ونبه السياري الى أن انخفاض عائدات السياحة منذ هجمات 11 أيلول وتضاؤل امكانات اللجوء الى أسواق المال والتراجع الحاد في أسعارالنفط والمواد الأولية والتباطؤ الكبير في حركة التجارة الدولية وتفاقم مشاكل النزوح واللجوء من شأنها جميعاً زيادة الصعوبات التي يواجهها الكثير من الدول النامية في تحقيق الهدف الانمائي المتمثل في خفض مستوى الفقر، ما يستدعي من البنك الدولي، الذي تتوافر له في الوقت الراهن مصادر مالية كافية لممارسة دوره التقليدي، مضاعفة جهوده في دعم زبائنه في الظروف الصعبة الراهنة. وحض المسؤول السعودي البنك الدولي على اعطاء أهمية خاصة لمعاناة الدول الفقيرة التي تأثرت صادراتها وعماد اقتصاداتها من المواد الأولية سلباً بالتطورات الأخيرة وأبرز الدور المتعاظم الذي تلعبه المؤسسات المالية العربية المتعددة الأطراف مثل بنك التنمية الاسلامي وصندوق "أوبك" في برنامج تخفيف أعباء الدول الفقيرة الأكثر مديونية، مشيراً الى المبادرة التي أطلقتها بلاده الشهر الماضي وحظيت بموافقة المساهمين لمضاعفة رأس مال بنك التنمية الاسلامي، ما سيتيح للمصرف زيادة عملياته الاقراضية للدول الفقيرة.