بروكسيل - أ ف ب - يفتح فنانون وكتاب لبنانيون نافذة من الفن والفكر أمام الجمهور في بروكسل لتطل على بيروت في مهرجان «زمن الصور» الذي يشمل عروضاً ومناقشات هدفها رؤية الشرق الأوسط «عبر غناه الثقافي» كما يفيد المنظمون. ويستمر المهرجان الذي يقام في ضاحية سكاربيك ذات الغالبية العربية المهاجرة، حتى السادس عشر من الشهر الجاري. ويستضيف عدداً من الأسماء اللبنانية البارزة مثل الشاعر عباس بيضون والروائي الياس خوري ومجموعة ممن يمثلون الجيل الفني الجديد مثل المسرحي ربيع مروة والرسام والموسيقي مازن كرباج. وتقول مسؤولة المهرجان في بلجيكا فابيان فيرستراتن انه «محاولة متواضعة لملء الفراغ الناجم عن انكفاء أوروبا وعدم وجود موقف مهم لها حيال الشرق الأوسط» على رغم القرب الجغرافي بين المنطقتين. وترى ان «ذلك الفراغ انعكس سلباً في نظرة الجمهور الأوروبي». وأقام المهرجان الذي ينظم منذ حوالى عشر سنوات ويركز في دورته هذه على بيروت، موسماً فنياً السنة الماضية حول فلسطين استمر ثلاثة أشهر وكان الأكبر من نوعه في أوروبا إذ جرت نشاطاته في المدن البلجيكية ومدن فرنسية. وتوضح مسؤولة المهرجان أن منظميه أرادوا الاستمرار هذه السنة في التركيز على منطقة الشرق الأوسط «لنقدم هذا الغنى في الفن العربي المعاصر» الموجود فيها. وتشير الى ان المنظمين يريدون جعل الجمهور الأوروبي يرى هذه المنطقة «عن طريق غناها الثقافي» الذي تعتبره «الباب الذي يقود الى فهم الآخر وكسر الأحكام المسبقة حوله». ولتحقيق ما يتطلع اليه منظمو مهرجان «زمن الصورة»، تؤكد فيرستراتن انه كان مهماً لبرمجته اختيار فنانين «يقدمون فكراً خلال عروضهم». وتضيف: «المشاركون ليسوا فنانين يقبلون العرض لمجرد العرض، بل يضعون عروضهم في سياق تاريخي وفكري». وإضافة الى العروض الفنية المتنوعة من سينما وتجهيزات فيديو ومعارض وغيرها، ينظم المهرجان الأحد المقبل مؤتمراً عن «الصورة والسياسة» في بيروت تحت عنوان «بيروت مدينة منسية، بيروت مدينة بدون تواريخ»، ويشارك فيه عباس بيضون والياس خوري والمعماري جاد تابت والسينمائي والمنتج محمد سويد الى جانب المعماري والناقد البلجيكي جون ديدييه بيرغلييه ومواطنه المؤرخ والفيلسوف ليفن دو كاوتر. وفي تقديم المؤتمر، يقتبس منظموه من حديث أجري بينهم وبين عباس بيضون الصيف الفائت في بيروت، يقول فيه: «لا نستطيع تذكر الماضي الجميل لأنه خلال نقطة ازدهار لهذا الماضي حدثت الحرب الأهلية، لا داعي لتذكر ما دمرناه بشكل إرادي...». من التجارب الفنية اللافتة التي سيقدمها المهرجان معرضاً لمازن كرباج بعنوان «لا تطعم الفنان». وسيقوم الرسام في عرضه بسجن نفسه في قفص زجاجي عشرة أيام يرسم خلالها ويعلق ما ينجزه من رسوم على جدران القفص. وهناك سيتمكن الجمهور من متابعته خلال هذه التجربة. كما يقدم كرباج لاحقاً أمسية موسيقية للعزف على البوق (الترومبيت). ومهرجان «زمن الصور» يتجول في عشر عواصم اوربية ببرمجة مختلفة، وترعاه في بلجيكا عدة جهات منها حكومة مقاطعة بروكسل والمفوضية الأوروبية وشبكة «ارتي» التلفزيونية الأوروبية. وتتيح له إقامته في مركز «صالات سكاربيك»، الكبير والمتعدد الصالات، استضافة العديد من الفعاليات في الوقت نفسه. وستأخذ الفنون البصرية الحديثة حيزاً مميزاً في المهرجان اذ سيعرض العديد من تجهيزات الفيديو لفنانين بلجيكيين ولبنانيين، منها «من المؤكد ان شخصاً ما كان يروي اكاذيب عني» للينا صانع و «الوجه ب» لربيع مروة الذي سيقدم ايضاً عرضه «سكان الصور» مستفسراً عن ثلاثة انواع من الصور عرضت في مكان عام في بيروت. ويقدم المخرجان اللبنانيان جوانا حاجي توما وخليل جريج، قبل عرض فيلمهما «بدي شوف»، قراءة امام الجمهور يتحدثان فيها عن حادثة واجهاها عندما احتجت امرأة على استخدامها زوجها في فيلمهما بعدما شاهدته. ويعرض المصور الفلسطيني البلجيكي طارق حلبي في المهرجان 60 بورتريه لفلسطينيين عاديين تحت عنوان «فعلاً أنا أحد ما». وترمز البورتريات كما يقدمها مصورها الى ستين سنة مرت على الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. ومن الحوارات التي سينظمها المهرجان لقاء مع المؤرخ والكاتب الفلسطيني الياس صنبر ولقاء سياسي مع المؤرخ الاسرائيلي شلومو ساند الذي سيحاوره المؤرخ البلجيكي فيليب شرايبر حول اشتغاله على «تدمير» الأسطورة الوطنية الاسرائيلية. ويختتم المهرجان بلقاء سياسي أراده منظموه ان يكون «لقاء تحضيرياً» يسبق المؤتمر العالمي الذي سيقام في برشلونة حول فلسطين خلال آذار (مارس) المقبل.