للمرة الأولى منذ عقود عدة، يصل المنتخب الألماني الى نهائيات كأس العالم من دون ان يكون مرشحاً للعب دور رئيسي فيها... وما يؤكد هذه الحقيقة ان الألمان أنفسهم يعتبرون ان وصول منتخبهم الى الدور ربع النهائي في مونديال كوريا الجنوبية واليابان سيكون انجازاً حقيقياً. الأكيد ان الطريقة التي تأهل بها الألمانيون الى المونديال السابع عشر أثرت نفسياً وبشدة على لاعبيه ومحبيه، ان على صعيد الطموحات أو الامنيات بتحقيق اللقب للمرة الرابعة. لكن الغريب ان الحال ذاتها وصلت الى رئيس الاتحاد الألماني غيرهارد ماير فورفلدر الذي قال: "سأكون مسروراً للغاية اذا نجح منتخبنا في الوصول الى الدور ربع النهائي"! معقول ان يصدر مثل هذا الكلام عن رجل مسؤول يدرك تماماً ان مثل هذه التصريحات ستؤثر سلباً حكماً على اوضاع اللاعبين ونفسياتهم، لكن الواقع يؤكد انه "معقول ونص كمان". فالرجل الذي يتكلم من موقع المسؤولية يعرف تماماً قدر المنافسة الشرسة التي سيواجهها لاعبوه في هذا المحفل العالمي، وهو يسعى بذلك الى تخفيف الضغوط الواقعة عليهم في هذه الأونة تحديداً. فالألمانيون لم يقدموا ما كان منتظراً منهم في التصفيات، وسقطوا سقوطاً مذلاً على ارضهم امام انكلترا 5-1، ولولا الملحق الذي انقذهم لكانت حكايتهم حكاية. كما يجب الا ننسى ان خروج المنتخب الألماني وهو في عز صحته امام بلغاريا بالخسارة 1-2 في الدور ربع النهائي لمونديال عام 1994 في الولاياتالمتحدة، ومن الدور ذاته بالسقوط المذل امام كرواتيا صفر-3 في مونديال فرنسا عام 1998 ... ثم الفضيحة التي خرج بها من كأس الأمم الاوروبية عام 2000 في بلجيكا وهولندا... كانت كلها امور تركت اثراً واضحاً في نفس رئيس الاتحاد والملايين غيره من ابناء الشعب الألماني. والحقيقة التي يعرفها الألمان عن منتخبهم تصب في مصلحة مدربه رودي فولر، لأنه سيدخل المنافسات وهو غير مطالب بتحقيق اللقب وانما بالوصول الى الدور ربع النهائي فقط ما يخفف الكثير من الضغوطات الواقعة على أي مدرب يخوض هذا المعترك الصعب. وهو ما دفع فولر الى التصريح بالفم الملآن: "علينا اولاً ان تجنب الخروج من الدور الأول، ثم التفكير بعدها في ما يمكن ان نحققه"! وبهذا الكلام وضع فولر حداً لبصيص الامل المتبقي لدى عشاق الكرة الألمانية في كل مكان، وزاد في الطين بلة عندما أكد ان المنافسة على اللقب محصورة بين ثلاثة منتخبات: البرازيل والأرجنتين وفرنسا. وعلى رغم كل ما يتردد حول تدني مستوى المنتخب الألماني وانحسار فرص الفوز لديه، فان لاعبيه لم يعبأوا بكل هذا وبدأوا مفاوضات حول المكافآت التي سيحصلون عليها من جراء مشاركتهم في المونديال. واجتمع اوليفر بيرهوف والحارس اوليفر كان مع رئيس الاتحاد ونائبه فرانتس بكنباور، وطلبا مبلغاً مقداره 92 ألف يورو لكل لاعب في الفوز باللقب. ويلعب الألمان ضمن المجموعة الخامسة الى جانب السعودية وجمهورية ايرلندا وجنوب افريقيا، وكلها منتخبات قادرة على احراجهم في أي وقت. ولعل المهمة الصعبة الأولى التي يواجهها فولر الان تتمثل في ايجاد التشكيلة الفعالة، والقادرة على تهديد المنافسين في كل وقت. ويعاني المنتخب الألماني مشكلة اساسية تتمثل في ضعف خط هجومه عموماً وفي توافر اللاعبين الهدافين خصوصاً، وعلى رغم ان آمال المدرب تنعقد على بيرهوف بيد ان الأخير بدا بعيداً من مستواه خلال الفترة "الطويلة" السابقة ولا يبقى امام فولر سوى الاستعانة بجهود المهاجم ميروسلاف كلوس الذي تنقصه الخبرة الدولية اللازمة في مثل هذه المناسبات الكبرى. وخسرت المانيا اول من امس امام الارجنتين احد ابرز المرشحين لاحراز كأس العالم المقبلة بهدف لخوان بابلو سورين 48 في شتوتغارت امام 54 الف متفرج. وخاض المنتخبان المباراة في غياب أكثر من عنصر أساسي في تشكيلتهما، فغاب عن المنتخب الاميركي الجنوبي المهاجمان الأساسيان غابرييل باتيستوتا وهرنان كريسبو بالاضافة الى صانع الالعاب خوان سيباستيان فيرون، في حين لم يشارك في المنتخب الالماني محمد شول واوليفر نوفيل وديتار هامان. وكانت الفرصة الاولى في المباراة المانية عندما ارتقى اوليفر بيرهوف برأسه لكرة عرضية مرت فوق العارضة بقليل 9، ثم اصطدمت الكرة التي سددها توماس لينكه برأسه بالقائم 14. واطلق كلاوديو لوبيز كرة قوية تصدى لها الحارس الالماني ينز ليمان 37. وفي مطلع الشوط الثاني سجلت الارجنتين هدف المباراة الوحيد عندما مرر غاياردو كرة امامية باتجاه لوبيز فعكسها الاخير عرضية داخل المنطقة تطاول لها سورين برأسه واودعها الشباك. ورمت المانيا بثقلها لادراك التعادل وانبرى ميكايل بالاك لكرة حرة مباشرة مرت الى جانب القائم 67، في حين اعتمدت الارجنتين على الهجمات المرتدة خصوصا عن طريق سولاري ولوبيز والتي شكلت خطورة. وتبقى الاوراق الرابحة في يد المدرب متمثلة في الحارس الخبير اوليفر كان ولاعب خط الوسط ميكايل بالاك... فهل يقدران على قيادة المانيا الى تجاوز الدور ربع النهائي في المونديال المقبل؟