يصطف الفلسطينيون منذ اسابيع في طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على عدد من الارغفة يعودون فيها لأطفالهم المحرومين أصلاً من الحصول على الحليب ومشتقات الألبان منذ اسابيع عدة. وبرزت أزمة الدقيق والخبز في قطاع غزة في الأيام الأخيرة بعدما بدأت أكياس الدقيق تختفي من الاسواق والخبز يختفي من المحال التجارية والأكشاك في ظل سريان اشاعات مفادها ان اجتياحاً اسرائيلياً سيحصل في أي وقت. وعلى رغم ان السلطة الوطنية عملت بالتعاون والتنسيق مع المطاحن الأربع الموجودة في قطاع غزة لضمان عدم حدوث أزمة، إلا ان حال الهلع والخوف من عدم الحصول على الخبز خلقت ظاهرة الطوابير الطويلة الممتدة أمام المخابز على مدار اليوم وساعات الليل تقريباً. وعلى رغم وجود نقص في الوقود وبعض السلع الاستهلاكية الأخرى والدواء الا ان هذه القطاعات لم تشهد ما شهدته المخابز وسوق الدقيق، خصوصاً ان سكان مخيمات اللاجئين، وهي الأكثر فقراً، اضافة الى سكان مدن القطاع، عدا مدينة غزة، يعتمدون تقريباً على انتاج الخبز في منازلهم بعد ان يشتروا الدقيق في أكياس زنة الواحد منها 60 كيلوغراماً وبسعر 70 شاقلاً 15 دولاراً اميركياً تقريباً. ويعترف المسؤولون الفلسطينيون بوجود أزمة دقيق وخبز في الاسواق منذ اسابيع، ويحمّلون المسؤولية عن ذلك الجانب الاسرائيلي الذي يمنع دخول القمح الى قطاع غزة منذ اسابيع عدة تحت حجج واهية. ويقول الدكتور علي شعث رئيس مجلس ادارة شركة المطاحن الفلسطينية ان سلطات الاحتلال حالت دون ادخال القمح المستورد لصالح الشركة، عبر معبر المنطار التجاري الواقع على خط الهدنة شرق مدينة غزة ويربط القطاع باسرائيل. واشار شعث في مقابلة مع "الحياة" الى ان سلطات الاحتلال لم تسمح خلال النصف الثاني من آذار مارس الماضي بإدخال أي طن قمح لصالح الشركة التي توفر 80 في المئة من استهلاك الدقيق اليومي في قطاع غزة والبالغ اكثر من 300 طن. ويضيف شعث ان اتصالات مكثفة اجراها مع مسؤولين في السفارة الاميركية في تل ابيب اسفرت أخيراً عن السماح بادخال كميات قليلة من القمح، مشيراً الى ان سلطات الاحتلال سمحت أول من امس بادخال كمية تبلغ 240 طناً لا تكفي لانتاج استهلاك يوم واحد من الدقيق. ولفت الى ان نحو أربعة آلاف طن بقيت من مخزون الشركة الاستراتيجي من القمح البالغ نحو 10 آلاف طن في الأوقات العادية. وتعود ملكية الشركة التي يوجد مقرها قرب مجمع مستوطنات "غوش قطيف" اليهودية جنوب القطاع، الى عدد من المستثمرين ورجال الاعمال الاميركيين والكنديين من أصل فلسطيني ولشركات مصرية وفلسطينية. ويشير شعث الى ان سلطات الاحتلال منعت الشركة من العمل على مدار الساعة وسمحت للعمال بالعمل فقط منذ ساعات الصباح وحتى الرابعة مساء موعد فرض نظام حظر التجول على المنطقة التي توجد فيها المطاحن. ويقول مركز الميزان لحقوق الانسان الذي يرصد حركة فتح واغلاق المعابر والطرق من قبل قوات الاحتلال في القطاع ان هذه القوات تقوم بخفض كميات المحروقات المسموح بدخولها الى الأراضي الفلسطينية بحيث اصبحت لا تتجاوز ربع الكمية، ما يهدد بشل عدد من الخدمات الاساسية منها حركة سيارات الاسعاف وعمل المستشفيات. ويشير مركز الميزان الى ان الاغلاق الداخلي الذي يقسم القطاع الى ثلاثة أقسام يحول دون وصول البضائع والسلع والوقود الى جنوب القطاع رفح وخان يونس تحديداً. وطالب بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وبخروج المجتمع الدولي عن صمته والقيام بواجباته الاخلاقية والقانونية تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية.