مدرسة العود العراقية المعروفة رسختها تجارب الأخوين جميل ومنير بشير، بعد اتصال عميق مع اسلوب المؤلف والعازف التركي الأصل الشريف محيي الدين حيدر. واغتنت مع روحية وشغف تجديدي من نصير شمة وخالد محمد علي، الا ان آلة العود ظلت آلة فردية تكتسب غناها التعبيري من وجودها مكتملة بذاتها. وبنت شخصيتها على هذا الأساس الفردي، وظلت محاولات اظهار الآلة وفق مفهوم جمعي نادرة تماما. وحتّى "فرقة العود" التي تتضمن بين 15 و20 آلة، لم تتمكّن من رفع التحدي. فتجربة الراحل منير بشير في تكوين مثل هذه الفرقة، اثناء اشرافه على الحياة الموسيقية في العراق 1972-1992، ما لبثت ان توقفت مع النتيجة التي توصل اليها صاحب الإرتجالات الفذة على آلة الفارابي، وهي ان "فرقة للعود لايمكن ان تتعدى في نتائجها غير الجانب التربوي لعازفين شبان. اما الجانب الفني فلا وجود له مع مثل هذه الفرقة. فالصوت يظل صوت عود واحد، وإن كان يصدرعن 20 آلة". ومع ذلك اعادت "دائرة الفنون الموسيقية" في بغداد، أخيراً، تشكيل "فرقة العود العراقية"، وتولى العازف سامي نسيم الاشراف عليها، لافتاً الى ان "الفرقة تضم عازفين شباناً، وعدداً من العازفين الرواد كضيوف شرف، منهم: علي الامام وخالد محمد علي وصفوت محمد علي وآخرون. وانها تقدم اعمالاً موسيقية مكتوبة خصيصاً لآلة العود من مؤلفين عراقيين معاصرين، واعادة توزيع وعزف اعمال من الموروث العراقي، فضلاً عن اعمال عربية، وموشحات اندلسية". وعن الملامح الفنية للفرقة يؤكد نسيم: "نحاول ابراز مدرسة العود البغدادية التي بدأها الشريف محيي الدين حيدر وتلامذته: جميل ومنير بشير وغانم حداد وسلمان شكر، حفاظاً على القيم الفنية والاسلوبية لهذه المدرسة التي تأسست في ثلاثينيات القرن الماضي. وتعتبر سابقة لعصرها، مبرزين الآلة فنياً وتقنياً. وهذا هو الوجه الجديد في ابراز العود الذي حجمته الموسيقى العربية بمرافقة المطربين فقط، من دون اتاحة الفرصة امام عازفه، لابراز مديات العود وقدراته موسيقياً". وحول الجانب "الجماعي" في آلة ظلت تكتسب ملامحها من فرديتها، قال: "سنواصل رحلة العود، لكن بطريقة غير فردية، مثلما هو معمول بها سابقا، انما بطريقة جماعية: كفرقة تؤدي اصعب المقطوعات بتوزيع معاصر. وكانت من تجاربها الاولى حفل لقناة العراق الفضائية تضمنت مقطوعات "العصفور الطائر" لمنير بشير و"لونغا رياض" لرياض السنباطي، بتوزيع جديد و"سماعيات" ومقطوعة "الوان" لخالد محمد علي. والعازف سامي نسيم استاذ في "معهد الدراسات الموسيقية" و"مدرسة بغداد للفنون التعبيرية". وله مؤلفات موسيقية عدّة، منها "شناشيل" و"من وحي قيثارة سومر" و"قناديل بابلية".