يحتفل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة غداً بمرور ثلاث سنوات على توليه الحكم، وسط أجواء مشحونة بالتوتر بسبب إستمرار تردي الأوضاع في منطقة القبائل وغموض الموقف من تنظيم الإنتخابات التشريعية المقررة في 30 أيار مايو المقبل. وتقول اوساط سياسية ان بوتفليقة الذي ورث ملفات عدة عالقة بينها ملف عناصر "الجيش الإسلامي للإنقاذ" الذين كانوا في هدنة منذ بداية تشرين الاول أكتوبر 1997، وجد نفسه في مواجهة بعض قادة المؤسسة العسكرية بسبب خلافات في إدارة عدد من القضايا السياسية مثل قضية الصحراء الغربية. وإذا كان رئيس الجمهورية سارع إلى تهدئة الوضع مع خصومه في المؤسسة العسكرية بتعيين عدد من صناع القرار في الدولة مثل الجنرال المتقاعد العربي بلخير ضمن طاقمه الرئاسي، إلا أن التوترات الظرفية بقيت قائمة. وولّد ذلك وضعاً سياسياً غامضاً يرواح بين المد والجزر سواء في التعيينات أو القرارات الرئاسية التي تتعارض وتوجهات المؤسسة العسكرية. ومنذ مقتل الشاب ماسينيسا قرماح في 18 نيسان ابريل 2001 داخل مركز تابع للدرك في بني دوالة تيزي وزو، بدأت مواجهة قاسية بين السلطات وسكان منطقة القبائل الذين طالب بعضهم بتنحي رئيس الجمهورية إذا لم تُنفّذ مطالبهم المعروفة ب"أرضية القصر" والتي تنص خصوصاً على إبعاد قوات الدرك التابعة لوزارة الدفاع عن منطقة القبائل وجعل الامازيغية لغة وطنية. وتجاهل الرئيس الجزائري في البدء مطالب سكان منطقة القبائل، وذهب إلى حد وصف الإضطرابات بكونها صنيعة "الأيادي الأجنبية"، في إشارة غير مباشرة الى السطات الفرنسية التي كانت محل إتهام. إلا أنه سرعان ما تخلى عن هذه التهم، وبدأ سلسلة من المفاوضات وصلت في كثير من الأحيان إلى طريق مسدود. وأمام رفض تنظيمات العروش في منطقة القبائل القرارات الرئاسية التي تتعلق أيضاً بترقية اللغة الامازيغية إلى لغة وطنية من دون إستفتاء شعبي، بادر بوتفليقة مجدداً إلى إرسال عدد من مستشاريه الى المنطقة بهدف إقناع التيار المعتدل في تنظيمات العروش بجدوى المشاركة في الإنتخابات المقبلة وكذلك لدفع التيار المتشدد إلى التخلي عن أعمال الشغب وتوفير الظروف المناسبة لإجراء الاقتراع. وعلى هذا الأساس، تبدو أحداث منطقة القبائل وتنظيم الانتخابات المقبلة أكبر تحديين سيواجههما الرئيس الجزائري في عامه الرابع في قصر المرادية.