أحيا الفنان اللبناني سامي حواط حفلات غنائيّة عدّة خلال الآونة الأخيرة. وأراد هذه الحفلات تحية الى روح صديقه جورج يمين "ناثر الرياحين"، والشاعر الغنائي توفى منذ أكثر من سنة في قمة عطائه الشعري. ويعتبر حواط ان انطلاقته الغنائية بدأت مع يمّين من خلال أغنية "الرأي العام"، وكانت وراء اقامته الحفلات الموسيقية. سامي حواط الفنان الملتزم الذي تعود الشبان في لبنان على كراكتيره الثوري، لحية كثة وبيريه غيفارية، كان بدأ مشواره الفني في مسرح زياد الرحباني من خلال مسرحيّات عدّة أبرزها "فيلم أميركي طويل". كما أدّى حوّاط أغنيات لزياد الرحباني أبرزها ما جمعه في شريط "أنا مش كافر" منتصف الثمانينات، إضافة الى بعض أغاني كاسيت "هدوء نسبي". هذا قبل ان يفترق حواط عن رفيق دربه الرحباني لأسباب خاصة، الأرجح انها فنية. وبعد طلاقه من زياد الرحباني، هو الذي عرف معه، ممثلاً ، ومغنياً، قدّم سامي حواط عملاً مشتركاً مع الشاعر والملحن مخول قاصوف، هو "مثقفون نون" التي ظل لسنوات في دائرة النسيان. وعندما غنى مرسيل خليفة أغنية "ركوة عرب" كلمات طلال حيدر، بادر مخول قاصوف إلى اعادة تقديم اسطوانته المنسية. أما سامي حوّاط العائد إلى دائرة الضوء، فقدم للجمهور في حفلاته الأخيرة أغنيات من عمله المشترك مع قاصوف، مثل "شباك الحلا""و"ريتو القمر"... و"كيف أنسى". وهي أغنيات تحفل بالرومانسية تطرب "السمّيعة"، وتأخذهم الى السكينة والهدوء والحلم والتأمل. بدا حواط، من خلال هذه الأغنيات، كأنه يعيد الاعتبار إليها... ذلك أن الكثير من الناس لا يعرفونها. كما بدا كأنه يخلق لنفسه نكهة جديدة في الغناء، أمام حشد اعتاد ان يسمع منه كل ما هو احتجاجي. الى هذا قدم حواط نتاجه الجديد الذي يتضمن اغنية "شايفك ملبوك بحالك" من كلماته، "و"بيروت لا" لجورج يمين. بدأها بآهات وموال تطريبي، ومقطوعة موسيقية "حتى ولو كان" تجاوب مع نغماتها "الجمهور"، خصوصاً بفضل العزف على الناي الذي قدمه رائد بوكامل، والعزف المنبعث من كمان الموسيقى الكفيف طوني جدعون. وسمع الناس مزيجاً من الأغنيات المتعددة الألوان: من الرومانسية التي تتسم بها أعمال مخول قصوف، وصولاً الى النزعة ال "زياد رحبانية" في "روح خبر" و"بلا ولا شي" و"شو هالأيام"... مروراً باتجاه الشيخ امام التجويدي في أغنيات "أنا توب عن حبك". ولا يمكن أن تمرّ الحفلة من دون ان يذهب حواط الى النبرة الاحتجاجية الملتهبة والساخرة، كما في أغنية "الفيل" المستوحاة من مسرحية لسعدالله ونوس، وأغنية "أحد الاخوان"، وهي من كلمات الشاعر محمد العبدالله، الى جانب "الرأي العام" كلمات جورج يمين. وهذه المرة قدم حواط أيضاً أغنيات ليست من أجوائه، وهي "يا بنات اسكندرية" و"بنت الشلبية" و"يا لور حبك". ويمكن القول إن سامي حواط، أكثر جدارة في الغناء الرومانسي الهادئ... منه في الغناء الاحتجاجي الصاخب.