اتجه البطريرك الماروني نصر الله صفير الى تهدئة الموقف من رئيس الحكومة رفيق الحريري، بعد بيان مجلس المطارنة الموارنة الأربعاء الماضي الذي رأى أن الأخير يحمّل فئة من اللبنانيين مسؤولية التأزم الاقتصادي، رداً على قول الحريري ان بعض المسيحيين يبشر باليأس. لكن بعض الفاعليات السياسية والنيابية المسيحية واصل انتقاده الحريري الذي قرر "عدم الرد على الحملات"، بعدما كان ابلغ عدداً من السياسيين ان صفير كان وعده ببيان هادئ صبيحة الأربعاء وأنه منزعج من لهجته. ونفت اوساطه حصول اي اتصال ادى الى تعديل لهجة صفير امس. بيروت - "الحياة" - نبه البطريرك الماروني نصر الله صفير الى "أن الأزمة الاقتصادية في لبنان لا ترحم احداً ولا تميز بين طائفة وطائفة أو دين ودين". وقال امام وفد من اهالي زحلة والبقاع برئاسة النائب ايلي سكاف: "ان ايامنا عصيبة وتحتاج الى جهود الجميع على اختلاف طوائفهم ومناطقهم، وعلى جميع اللبنانيين التكاتف والتضامن والتخطيط معاً لمعالجتها، فكلنا في مركب واحد وإذا غرق غرقنا جميعاً وإذا نجا نجونا جميعاً". وأوصى صفير "برص الصفوف وتوحيد القلوب والعمل معاً يداً بيد وقلباً الى قلب مع جميع فئات الناس وخصوصاً مع الذين يتحملون المسؤولية وهي مسؤولية كبيرة لنتمكن معاً من ان ننقذ لبنان الذي هو وطننا جميعاً، وطن آبائنا وأجدادنا". وكان رئيس جامعة القديس يوسف اليسوعية الأب سليم عبو التقى رئيس الحكومة رفيق الحريري. ونقلت مصادر الأخير عن عبو انه ضد حملات التوتير الإعلامي والسياسي السائدة على الساحة اللبنانية، وبالتالي لا يحبذها، وأنه يفضل العودة الى الحوار. في المقابل، اعتبرت ندوة العمل الوطني التي اجتمعت برئاسة رئيس الحكومة السابق سليم الحص ان الحريري "حاول تمويه الحقائق وتهدئة الخواطر وتغطية العجز فانزلق في منزلقات طائفية خطيرة كم كانت البلاد بغنى عنها". وذكرت الندوة بما ورد في الدستور من ان "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". وقالت: "إن هذا يفترض الإقلاع عن إثارة العصبيات الطائفية والمذهبية والتقيد بروحية الدستور والقواعد التي ترعى العيش المشترك"، محذرة من التعرض للحريات العامة. وأكد لقاء قرنة شهوان الذي اجتمع في مقر حزب الوطنيين الأحرار "أن الأزمة التي تطاول جميع اللبنانيين من دون استثناء تحتاج الى معالجة مسؤولة بعيداً من سياسة الهروب الى الأمام وبعيداً من محاولات تطبيق الأزمة الاقتصادية التي تقوم بها السلطة". وقرر اللقاء عقد اجتماع طارئ في 15 الجاري "للرد بالأرقام والوقائع على المواقف التي اطلقها الحريري اخيراً وعلى كل المسائل المطروحة راهناً". وقال رئيس الجمهورية السابق امين الجميل بعد الاجتماع: "نحن لن نسمح لأحد باستدراجنا الى جدل مذهبي أو طائفي، ان المديونية العامة وصلت الى مرحلة خطيرة جداً، ومن يحاسب على هذه المسؤولية هو الموجود في سدة المسؤولية". وتحدث عن "عملية اقصاء لفريق معين من العمل السياسي، وعن فئة معينة من اللبنانيين هي منذ فترة طويلة مكسر عصا". ورأت النائبة نائلة معوض: "ان الشعب اللبناني يدفع الثمن الغالي لفاتورة الفساد والسرقة والهدر". وقالت: "إن اللجوء الى الإثارة الطائفية لتغطية الفشل الاقتصادي والسياسي والمالي امر مرفوض". وعن الانزعاج الرسمي من بيان مجلس المطارنة الموارنة علق رئيس حزب الأحرار دوري شمعون قائلاً: "آخر همنا إذا انزعجوا ام لا، لسنا نحن من يدفع الناس الى اليأس بل الأداء السيئ لمن هم في السلطة والهدر وعدم وجود فرص عمل للبنانيين من كل الطوائف". وكان الحزب اصدر بياناً قال فيه إنه يضع زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى لبنان "في اطارها الطبيعي بعيداً من المغالاة". وانتقد البيان الحريري متهماً إياه بالعزف على الوتر المذهبي. وعلق النائب نعمة الله ابي نصر على المواقف من بيان مجلس المطارنة قائلاً ان الحريري "أطلق العنان لأبواق بعض اعضاء الأوركسترا التي يتزعمها في المجلس النيابي للتطاول على اعلى المقامات الروحية". واستغرب النائب مصطفى سعد "سياسة الاستفراد التي يمارسها الحريري ورفضه اي انتقاد لسياساته". ورأى "ان المنطق يفرض تحديد المسؤول عن الأزمة ومحاسبته بدلاً من تحميل الجميع المسؤولية". واستغرب التكتل الطرابلسي النيابي "ان تحل لغة الاتهامات الطائفية والمذهبية محل لغة الارقام في شأن الاصلاح الاقتصادي". وانتقد حجب الحكومة لدور المجلس الاقتصادي - الاجتماعي. وذكر النائب جان اوغاسابيان بالظروف التي تحيط بعقد القمة العربية في بيروت ما يفترض "اعتماد لغة المحبة والحوار في حل المسائل الخلافية". ورفض السيد محمد حسين فضل الله "حوار الطرشان الذي يربك الساحة ويضيع القضايا الحيوية". في حين هاجم رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي الشيخ هاشم منقارة "البطريركية المارونية وبيانها الذي يجعل من اللغة الطائفية المقيتة جسراً لحماية الوكالات الحصرية وأصحابها".